بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وأهل بيته الطاهرين، وعلى صحبه الصالحين.
الديمقراطية وحقوق الإنسان منشور يُرفَع في كلّ بلد ولدى كلّ أزمة وعند كلّ صاحب حق وصاحب زور أيضاً!!
فكما يتطلّع إليها )المظلومون( في العالم نافذةً على نجاتهم من الظلم، كذلك يركبها )الظالمون( طريقاً لسلب الآخرين حقوقهم، وبين هؤلاء وأولئك يطفح )المزايدون( فيها ليغروا بها الشعوب ويستغلّوهم لمقاصدهم الخاصة. وهناك )قليلون) ممن يحملون المفهوم الصحيح للحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان ويكافحون من أجلها بأسباب إيمانية سلميّة متصلة بها إتصال الوسيلة المتجانسة مع الغاية المتعالية.
بين هؤلاء الأربعة.. هل أصبحتْ (الحريات وحقوق الإنسان) القميص الذي يتجاذبه الجميع حتى يتمزّق كاملاً فيضيع الحق على دعاته الحقيقييّن والمستحقّين من البشر؟!
وما هو الحلّ لهذه المعضلة البشرية من وجهة الفقه الإسلامي؟
* المحور الأول: مبادئ أساسية
ألف - الحقوق الإسلامية.. قول وفعل
زخرتْ المصادر الإسلامية بالمفاهيم الإنسانية وفقه الحقوق بما لا حصر له.. فالقرآن الكريم وأحاديث النبي محمد (ص) بشكلها العام (كما في الكتب الموثقة للشيعة والسنة) وما جاء في نهج البلاغة من روائع الخطب والرسائل والكلمات للإمام علي (ع) وخاصة عهده لمالك الأشتر حول شكل النظام السياسي في الإسلام ومبادئ حقوق الإنسان...
وأما (رسالة الحقوق) التي جُمعتْ فيها أقوال الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فقد أعدّها خبراء الحقوق وفقهاء الشريعة أثرى لائحة قانونية ووثيقة تاريخية في شمولية الحقوق الإنسانية للإسلام، وقد نظّمها الإمام (عليه السلام) في القرن الأول الهجري (بين عام 65 من الهجرة إلى عام 94) حيث استُشهد في هذه السنة بسُمٍّ دُسّ إليه من المنتهكين للحريات ولحقوق الإنسان.
ومن الجدير وعيه بأنّ ما طرحه الإسلام في هذا الميدان لم يكن مجرّد أقوال وتنظيرات بل تحرّكتْ من بطن النصوص القرآنية الخالدة وأحاديث السنة النبوية الشريفة إلى سيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرة أهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) وسيرة الصحابة الأجلاء (رضي الله عنهم) لتتحوّل هذه التطبيقات الرسالية بالبرهان العلمي التجريبي إلى حجّة خالدة للبشرية على قابليّتها العملية في عصرنا وعلى مرونتها المتحرّكة مع تطوّر الأزمنة والمنحنيات الجغرافية للبلدان والوديان والأمكنة. فلا يجوز للأمّة الإسلامية بعذ ذلك أن تستجدي غيرها في هذا الحقل الإنساني إلا بمقدار الانفتاح المطلوب حضارياً (... لِتَعَارَفُوا...).
ونستجلي أهمّية القرآن الكريم في مسيرة النهضة الإصلاحية للحريات ولحقوق الإنسان مما كتبه المرجع الأعلى الراحل السيّد الخوئي (قدّس سرّه) في مقدّمة كتابه (البيان في تفسير القرآن).. هذا نصّه:
"وجدير بالمسلم الصحيح، بل بكل مفكّر من البشر أن يصرف عنايته إلى فهم القرآن، واستيضاح أسراره، واقتباس أنواره، لأنه الكتاب الذي يضمن إصلاح البشر، ويتكفّل بسعادتهم وإسعادهم. والقرآن مرجع اللغويّ، ودليل النحويّ، وحجّة الفقيه، ومَثَل الأديب، وضالّة الحكيم، ومرشد الواعظ، وهدف الخُلْقي، وعنه تُؤخَذ علوم الاجتماع والسياسة المدنيّة، وعليه تُؤسَّس علوم الدّين، ومن إرشاداته تكتشف أسرار الكون، ونواميس التكوين. والقرآن هو المعجزة الخالدة للدين الخالد، والنظام السامي الرفيع للشريعة السامية الرفيعة...
إلى أن يق
https://telegram.me/buratha