كتاب "سياسات النظم الحاكمة في البحرين والكويت والعربية السعودية في التعامل مع المطالب الشيعية «2003 - 2008»: دراسة مقارنة" لمؤلفه شحاته محمد ناصر، الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى 2011 م، هوفي الأصل دراسة قُدِّمت لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية، معهد البحوث والدراسات العربية، قسم العلوم السياسية «القاهرة»، بإشراف الدكتور حسنين توفيق إبراهيم، عام 2009م.
وتهدف هذه الدراسة إلى تحليل واقع الشيعة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي - المذهبي في كل من البحرين والكويت والسعودية، ودراسة وتقييم سياسات النظم الحاكمة في الدول الثلاث مع تزايد المطالب والطموحات الشيعية فيها بعد عام 2003م، وهي السياسات التي تباينت بتباين المعطيات الخاصة بوضع الشيعة في كل منها، من حيث الحجم العددي، وقدرتهم التنظيمية، ومواقع تمركزهم الجغرافية، وطبيعة النظرة السلفية السنية إليهم، ومدى الانفتاح السياسي أو الاستعداد للمزيد منه داخل هذه الدول، وطبيعة النظام السياسي فيها، وآليات المشاركة السياسية المتاحة بها، وشكل العلاقة مع إيران، وطبيعة الضغوط الخارجية من اجل الإصلاح.
وتهتم الدراسة بالفترة الزمنية 2003 - 2008، في ضوء الكثير من الأحداث والتحولات التي شهدها الوطن العربي ومنطقة الخليج والشرق الأوسط، التي من أهمها: الغزو الأمريكي - البريطاني للعراق، وبداية التمكين السياسي للشيعة هناك، والتغييرات التي لحقت بإيران وسياساتها الإقليمية، وموقع البعد المذهبي الشيعي فيها، وحرب تموز/يوليو 2006 بين إسرائيل وحزب الله اللبناني الشيعي، والضغوط الأمريكية من أجل التغيير والإصلاح في الوطن العربي في عهد بوش الابن، والمواجهة بين النظام اليمني والحوثيين، وغيرها من الأمور التي أبرزت دور الشيعة الإقليمي، وكيف أنهم أصبحوا رقما أساسيا في تفاعلات وتوازنات وتطورات المنطقة.
في ضوء ذلك، يطرح هذا الكتاب سؤالا مركزيا، هو: كيف تعاملت النظم الحاكمة في كل من البحرين والكويت والعربية السعودية مع تنامي مطالب وطموحات الشيعة لديها، في ضوء عدد من المعطيات الداخلية والخارجية، ولا سيما بعد عام 2003 وما الاعتبارات الحاكمة لهذا التعامل، وتأثير ذلك في مستقبل الاستقرار السياسي والاجتماعي بها؟
ويجيب المؤلف عن هذا السؤال المحوري، وما يتفرع من تساؤلات أخرى، أبرزها: ماطبيعة مطالب الشيعة في هذه البلدان الثلاثة؟ وهل جاءت في سياق المطالب الوطنية العامة، الخاصة بالإصلاح، أم أنها عكست أولويات مذهبية طائفية خاصة؟
كيف أثر الصعود السياسي لشيعة العراق في أوضاع الشيعة، في البلدان الثلاثة، وما حدود هذا التأثير، وما مظاهره؟
كيف تؤثر علاقات البلدان الثلاثة مع إيران، في طريقة تعاطيها مع الشيعة لديها؟
أي دور للعامل المذهبي السني - السلفي في تشكيل رد فعل النظم الحاكمة في البلدان الثلاثة على تنامي المطالب الشيعية؟
كيف أثر الاختلاف بين نظم الحكم والبنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومستوى التوازن العددي بين الشيعة والسنة، ودور العوامل الدينية والجغرافية، في طبيعية التعامل مع مطالبهم في البحرين والكويت والعربية السعودية؟
احتوى الكتاب على خمسة فصول:
تناول الفصل الأول الشيعة عبر التاريخ: المنطلقات الفكرية والدور السياسي، وفيها تتطرق الكاتب إلى أهم ملامح الفكر والدور السياسي للشيعة في التاريخ الإسلامي.
فيما تتطرق في الفصل الثاني إلى أوضع الشيعة في البحرين والكويت والسعودية من حيث الديمغرافية والجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمذهبية.
وفي الفصل الثالث تحدث عن سياسات النظم الحاكمة في التعامل مع مطالب الشيعة قبل عام 2003م، وفيه ثلاثة أنماط نمط القمع والانفتاح الحذر «البحرين»، ونمط الاحتواء والمشاركة «الكويت»، ونمط الإقصاء والتهميش «السعودية».
وكان الفصل الرابع تناول تنامي مطالب الشيعة بعد عام 2003 م، موضحا أسباب ذلك التنامي وطبيعة المطالب الشيعية وأساليب التعبير عنها.
أما الفصل الخامس والأخير كان الحديث فيه عن سياسات النظم الحاكمة في التعامل مع مطالب الشيعة بعد عام 2003م؛ حيث أوضح المحددات الداخلية والخارجية وسياسات التعامل مع مطالب الشيعة.
أولا: الشيعة عبر التاريخ: المنطقات الفكرية والدور السياسي.
يتضمن هذا الفصل مبحثين:
1 - تطور الفكري السياسي.
يتناول فيه الباحث تطور الفكر السياسي الشيعي الاثني عشري وأهم ملامحه، بالنظر إلى أن الشيعة في الدول الثلاث محل الدراسة، العربية السعودية والكويت والبحرين، ينتمون في غالبيتهم العظمى إلى المذهب الشيعي الاثني عشري، والمراحل المختلفة التي مر بها.
وفي هذا السياق، تحدث الكاتب عن نشأة الشيعة، وأصل التشيع والفرق الشيعة، والمحطات الأساسية التي مر بها الفكر الشيعي، وموقفه من الدولة والسلطة والحكم، ورؤيته بشأن طبيعة الحكم " الإمام"، أو " نائب الإمام"، في ظل نظرية" ولاية الفقية"، والشروط التي يجب أن تتوفر فيه، إضافة إلى حدود العلاقة بين الديني والسياسي أو " الزمني والدنيوي"، مع ملاحظة أن الأمر يتعلق بالشيعة الاثني عشرية الذين ينتمون إلى الإمام جعفر الصادق .
2 - الدور السياسي للشيعة في التاريخ الإسلامي.
وفي هذا المبحث يقدم الباحث نبذة مختصرة عن دور الشيعة السياسي، بشكل عام، عبر التاريخ الإسلامي، والمحطات الأساسية التي مرّ بها، والتأثير الذي مارسوه، على مر هذا التاريخ، منذ عصر الخلافة الراشدة والفتنة الكبرى حتى العصر الحديث، ويعرض للصراعات السياسية التي خاضوها، والدول شكّلوها، وموقفهم من الحكم والحكومات التي عاشوا في ظلها، إضافة إلى موقفهم من الاستعمار الأجنبي لدول العالم الإسلامي.
ثانيا: أوضاع الشيعة في البحرين والكويت والسعودية.
يتضمن هذا الفصل ثلاث مباحث:
1 - الوضع الديمغرافي والجغرافي.
يعرض الباحث في هذا المبحث وضع الشيعة الديمغرافي والجغرافي في الدول الثلاث، وفيه يشير إلى أن الوجود الشيعي وجود تاريخي يسبق إنشاء الدولة الوطنية، موضحا أن شيعة الخليج يتوزعون عرقيا بين الأصل العربي، والأصل الإيراني، بنسب متفاوتة، فيما يثير الجانب العددي الخاص بعدد الشيعة في الدول الثلاث محل الدراسة كثيرا من الخلاف؛ بحيث يجد أي باحث في المسألة الشيعية نفسه أما معضلة كبيرة في ظل تعدد الأرقام واختلافها، مع عدم وجود مرجعية رسمية موثقة بشأن عدد الشيعة يمكن الاعتماد عليها أو الاحتكام إليها، ويتوقع البعض أن الشيعة في السعودية يمثلون مابين 15 - 20 بالمئة، وفي البحرين يمثل الشيعة غالبية السكان، ونحو 20 بالمئة في الكويت.
ويظهر أن الوضع الجغرافي يبدو أكثر تأثيرا من الناحية السياسية في العربية السعودية، نظرا إلى تركز الشيعة في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، في حين إنهم يشتكون من أوضاع اقتصادية سيئة، ومن ثن يتقاطع البعد الجغرافي مع البعد المذهبي والبعد الاقتصادي في المسألة الشيعية في البلاد، وهو ما يجعلها أكثر تعقيدا.
2 - الوضع الاجتماعي والاقتصادي.
يعرض الباحث في هذا المبحث الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الدول الثلاث، من خلال تناول الجوانب المختلفة التي تتعلق بنصيب الشيعة من الثروة الوطنية في البلاد التي يقيمون بها، ومدى توزيع الثروة بشكل عادل، فضلا عن نصيبهم من الخدمة العامة في المجتمع. مبينا أن أوضاع الشيعة الاقتصادية والاجتماعية تتباين في الدول الثلاث، متأثرة بعوامل مختلفة، بعضها تاريخي، وبعضها ديني، وبعضها سياسي «إشكالية الولاء»، ففي الوقت الذي يشكو فيه الشيعة في البحرين والسعودية تمييزا اقتصاديا ضدهم، فإن الشكوى غير موجودة في الكويت التي تشهد اندماج الشيعة بصورة كاملة في نشاط البلد الاقتصادي والتجاري.
3 - الوضع الثقافي - المذهبي.
يناقش الباحث في هذا المبحث مدى تمتّع الشيعة بالحرية الدينية وهي محل تباين بين الدول الثلاث في ممارسة شعائر مذهبهم الشيعي، وإقامة احتفالاتهم ومناسباتهم الخاصة، والعوامل المختلفة التي تؤثر في ذلك، ففي البحرين يتمتعون بمساحة كبيرة في الحقوق الدينية - المذهبية مقارنة بأقرانهم في العربية السعودية وحتى الكويت، إلا أنهم غير راضين سياسيا مقارنة بالشيعة الكويتيين.
4 - الوضع السياسي.
وفي هذا السياق يوضح الباحث أن الشيعة في الكويت القل شكوى من وضعهم السياسي، في حين تتصاعد هذه الشكوى بشكل كبير في العربية السعودية التي يعاني الشيعة فيها تهميشا سياسيا شبه كامل، وكذلك في البحرين التي لا يحصل الشيعة فيها سياسيا ما يتناسب مع أغلبيتهم العددية.
خلاصة.
ويخلص الباحث من تلك الأوضاع إلى القول: إن واقع الاختلاف بين أوضاع الأقليات الشيعية في كل من البحرين والكويت والسعودية من حيث المشاركة في السلطة والثروة وحجم التمتع بالحرية المذهبية في ممارسة الطقوس والشعائر، فإنها تشترك في أمر أساسي هو الإحساس بالغبن، ومع تباين درجاته ومستوياته، وعلى الرغم من تباين مستويات انفتاح النظم الحاكمة على الشيعة في الدول الثلاث وطبيعة نظرتها إليهم وإلى دورهم، فإنها تشترك جميعها أيضا في وجود نوع من التوجس تجاه توجهات ومطالب بعض التيارات الشيعية وطبيعة روابطها الخارجية، خاصة مع إيران، وإن اختلفت درجات هذا التوجس.
ثالثا: أنماط التعامل مع الشيعة قبل عام2003.
يستعرض الباحث في هذا الفصل مطالب الشيعة في كلٍّ من البحرين والكويت والسعودية قبل عام 2003، والطريقة التي تعاملت بها نظم الحكم في الدول الثلاث معها، وفي هذا السياق، برزت ثلاثة أنماط للتعامل مع هذه المطالب:
1 - القمع والانفتاح الحذر «البحرين».
يعبر هذا النمط «القمع والمشاركة الحذرة» في حقيقة الأمر عن نمطين فرعيين: أولهما هو القمع، والثاني هو المشاركة الحذرة، ويمكن أن تجد في كل منهما مظاهر مخالفة للاتجاه العام فيه، ففي مرحلة القمع، كان هناك بعض مظاهر المشاركة والانفتاح، والمر نفسه ينطبق على مرحلة المشاركة الحذرة؛ حيث كانت هناك مظاهر للتهميش والاستعباد.
2 - الاحتواء والمشاركة «الكويت».
وهو لا يعني وجود نمط المشاركة غياب بعض أساليب الاستبعاد في الحصار، خاصة في المرحلة التالية للثورة الإيرانية عام1979، ثم الحرب العراقية - الإيرانية خلال الفترة 1980 - 1988.
3 - الاقصاء والتهميش «السعودية».
كان هناك بعض مظاهر الانفتاح والحوار والتفاعل مع بعض مطالب الشيعة، وبخاصة منذ بداية التسعينات، على الرغم من أن الإقصاء والتهميش هو النمط العام لتعامل السلطة معهم قبل عام 2003.
رابعا: تنامي مطالب الشيعة بعد عام 2003.
تزايدت مطالب الشيعة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمذهبية في البحرين والكويت والسعودية بعد عام 2003. وتم التعبير عنها بأشكال وأساليب مختلفة، وفقا لظروف كل دولة من الدول الثلاث ووضعية الشيعة فيها، العددية أو السياسية أو الجغرافية.
وفي هذا السياق، ينقسم هذا الفصل إلى مبحثين: يوضح الأول أسباب تزايد المطالب الشيعية في البحرين والكويت والسعودية بعد عام 2003، ويتناول الثاني طبيعة هذه المطالب، وأساليب التعبير عنها، وموقعها ضمن الحركة المطلبية الخاصة بالإصلاح السياسي والاجتماعي في الدول الثلاث.
https://telegram.me/buratha