الصفحة الفكرية

الإمامة ذلك الثابت الإسلامي المقدس....الحلقة الثالثة :مصدر ثبات الإمامة...الشيخ جلال الدين الصغير

3307 08:41:00 2012-11-16

 

(( "الإمامة ذلك الثابت الإسلامي المقدس" .....هو كتاب تضمن بحثا نقديا موسعا عن موضع الإمامة بين التحول والثبات لسماحة العلامة الشيخ جلال الدين علي الصغير...الكتاب صدر عن دار الأعراف للدراسات ـ بيروت1420 سنة  هـ ـ1999 م، وقد وجدت " واحة الفكر في وكالة أنباء براثا" أن من المفيد إعادة نشر فصوله متسلسلة في هذا الوقت بالذات لتزاحم الآراء في موضع الإمامة ، إذ قدم سماحته هذا الموضوع بأسلوب مانع جامع وسهل على المتلقي دون أن يقحمه بمسالك تبعده عن الغاية من إيصال المعلومة..وبالتالي عنت سطور هذا البحث بتقديم توليفة فكرية ـ عقائدية ، تنسجم تمام الإنسجام مع معطيات العقل ومقبولاته، معتمدة على النصوص التي لا يخالطها شك إطلاقا في الموضوع المبحوث))

 إن الكتابة ليست فعلا قائم بذاته، بل هي الخلاصة المنطقية  لبنية فكرية متكاملة يتناولها الكاتب بناءا على صحة المعتقد، تشكل مقدمة الكتاب مدخلا صالحا وميسرا للولوج في أسباب صدور هذا البحث ـ الكتاب، ودون قراءة ما ورد في المقدمة نحسب أن القاريء سيبقى يردد أسئلة وردت إجاباتها في المقدمة...

وتجس هذه الحلقة الأجابة عن سؤال رئيسي يتفرع منه إستنتاج جوهري؛ السؤال هو ما هي معيارية الثبات والتحول؟، وإلإستنتاج هو إجابة عن تساؤل مؤداه : هل أن المجتمع معيارا للثبات والتغيير؟...

ويتناول الشيخ الصغير بملقط الجراح مصادر ثبات الإمامة مقدما لذلك ببسطة فكرية تدخل القاريء الى صلب الموضوع عبر تناول ما يؤثر على المفهوم أصلا.

                                                                             "واحة الفكر ـ وكالة أنباء براثا"

 تداعيات اجتماعية الثبات والتغير

تنطوي فكرة أن يكون ثبات المفاهيم وتغيرها محكوما بالواقع الاجتماعي بصوره المتعددة على تداعيات هامة وخطيرة جداً فعلاوة على كونها تمثّل اغترابا صارخاً عن الفكر الإسلامي، فإنها تخلّف وراءها جملة ليست بالقليلة من الانتكاسات القيمية والمعيارية، ويهمنا هنا أن نعرض لبعضها فقط لعدم اتساع المجال لاستقصاء الجميع، ومن ذلك:

أولاً : الصعيد الطائفي

من الطبيعي أن نلمس أول التداعيات وهي تضرب بأطنابها على كاهل المعترك الطائفي، حيث سنجد تطبيقاتها العملية في أرجاء سقيفة بني ساعدة، واسقاطاتها السياسية والفكرية والاجتماعية وغيرها المتأتية بعدها، والتي رسمت أولى إبهاماتها على باب الصديقة الزهراء (صلوات الله عليها) وجسدها الشريف لتصنع معها واحدة من أقذر الجرائم السياسية والدينية والتي انتهت بصياغة فصول المأساة المفجعة لقديسة آل محمد (صلوات الله عليها)، ومن ثم لتجر الويلات تلو الويلات على دين محمد (صلى الله عليه وآله(، فمع تغييب النص السماوي الذي أطلقت شرارته العلنية يوم نادى داعية السقيفة بوجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رزية يوم الخميس: إن النبي ليهجر،[50] حتى أسفر صباح التقييم البشري يوم أقفلت السماء أبواب وحيها المقدس وهيمن الظلام حينما اغتيلت آمال السماء يوم الاثنين، ليعرب عن إخضاع الأمور لواقعيات التسلط الاجتماعي، فما بدا مقدّسا في نظر السماء والذي عبّر عنه القرآن بقوله تعالى: (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)[51]، وكرره الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بقوله الشريف المتواتر باتفاق جميع أهل الإسلام: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً.

غير أن هذا المقدس سرعان ما علاه التحوّل، حينما هتف هاتف السقيفة بعدم رغبة القوم بنص السماء وفق التصوير الذي يصوّره ابن عباس حيث قال على ما رواه ابن الأثير وابن أبي الحديد والطبري وغيرهم، أن عمراً قال له: يا ابن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمد؟ قال ابن عباس: فكرهت أن أجيبه، فقلت له: إن لم أكن أدري فإن أمير المؤمنين يدري! فقال عمر: كرهوا إن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحا[52] فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت.[53] وحينما يكون الأمر على هذه الشاكلة فإن التشكيك بالإمامة وببيعة الغدير ومقتضياتها، يعتبر أمراً لا مندوحة عنه، ليقال أن لا نص من السماء فيخلو الجو عندئذ لدعاة دخالة التقييم الاجتماعي، ومن ثم ليترك الحق يرزح أسيرا لضغط المقولات التاريخية والتجاذبات السياسية، وهذا هو الأمر الذي تجد فيه محمد حسين فضل الله يقف حيث تعهد وقوفه في هذا المجال، حيث يعمل على التضبيب على حقائق الغدير ومقتضياته بصور متعددة، فتراه مرة يتحايل من أجل أن يمرر حكاية عدم وجود نص على الأمير (صلوات الله عليه) ليقول بما نصه: فالقضية ربما كانت من خلال طبيعة الكلمات مجالاً، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) مثلاً (هكذا هو النص) بأذهان الناس يصير شك، أما لماذا لم يكتب النبي (صلى الله عليه وآله) كتابا؟ كان النبي ذلك الوقت يريد للتجربة أن تتحرك.[54

ولم يكتف بذلك بل تراه في مرة أخرى يشيع جوا من الإرباك في ضرورة وجود الإمام حينما يجعل مفهوم الحديث النبوي المتواتر لدى المسلمين: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، مورد شك حينما يقول بما نصه: الواقع إن سند هذا الحديث ليس فوق مستوى النقد.[55]

ثم عاد ليطرح تشكيكا مطلقاً وواسع النطاق في قصة الغدير سنداً ودلالة فقال في مجال سند الحديث الذي تبرم من كونه مرويا بكثافة من قبل المسلمين : إن مشكلتنا هي أن حديث الغدير هو من الأحاديث المروية بشكل مكثف من السنة والشيعة، ولذلك فإن الكثير من إخواننا المسلمين السنة يناقشون الدلالة ولا يناقشون السند، في الوقت الذي لا بد أن ندرس القضية من خلال ذلك أيضاً.[56]

وعمد لنفس الشيء في مجال الدلالة والمفهوم ليطرحها ضمن احتمالات تبعدها عن المضمون الحقيقي فقال: لقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فعلي مولاه، فهل أن معناه من كنت أحبه فعلي يحبه، ومن كنت ناصره فعلي ناصره، أو أن معناه من كنت أولى به من نفسه (وهو معنى الحاكمية) فعلي أولى به من نفسه، فبعض الناس يقول هذا تصريح وليس تأكيداً.[57]

وبعد أن طرح فهم الولاية ضمن احتمالات بعيدة عن المفهوم الأصلي، وظّف فهمه لتحكم وعي الناس في المفاهيم، ليعلن بعد اعتباره للإمامة من المفاهيم المتحولة وليس من الثوابت كما لحظنا ذلك في مقال الأصالة والتجديد بضرورة عدم تخطئتنا لما جرى في السقيفة، فما هو مقدس لدي، ليس مقدساً لدى رجالات السقيفة، ومن ثم فليس ثمة مجال لرجمهم[58].

وكان لا بد من التخلص من نص المعصومين بعد الرسول (عليهم افضل الصلاة والسلام) لتبقى المسألة بعد ذلك فيما يفهمه المسلمون من حديث الكتاب والرسول (صلى الله عليه وآله)، لذا عد كل ما جاء بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) فكراً نسبيا حيث قال: ونحن نعتقد من خلال ذلك، أن كل ما جاءنا من تراث فقهي وكلامي وفلسفي، هو نتاج المجتهدين والفقهاء والفلاسفة والمفكرين من خلال معطياتهم الفكرية ولا يمثل الحقيقة إلا بمقدار ما نقتنع به من تجسيده للحقيقة، على أساس ما نملكه من مقاييس الحقيقة، وبهذا فإننا نعتبر أن كل الفكر الإسلامي ما عدا الحقائق الإسلامية البديهية[59]هو فكر بشري، وليس فكراً إليهاً قد يخطئ فيه البشر فيما يفهمونه من كلام الله وكلام رسول الله (صلى الله عليه وآله( وقد يصيبون!!.[60]

وتبعاً لذلك كله فلا بد من نكران مأساة بيت الزهراء (بأبي وأمي ) بكل فصولها، لأن وجود هذه المأساة يخرج مجريات السقيفة من مجرد فهم اجتماعي، إلى مصافّ المؤامرة الكبرى، ولهذا تجد كيف شمّر فضل الله وتياره عن ساعديه كي ينفي كل ما خصّ ظلامة الزهراء (صلوات الله على أنوارها القدسية)، ولم يكتف بذلك فحسب بل عمد إلى تبرئة ساحة المتسببين بهذه الظلامة، مشيرا إلى أنها كانت تحظى باحترامهما، وإن علاقتها معهما كانت طبيعية[61]!!.

ثانياً الصعيد التشريعي

ومن خلال الالتزام بالقول بحاكمية الواقع على النص، سنواجه مشكلة تشريعية ضخمة، فحيث أن فهم هذا الواقع يبقى في كل الظروف نسبياً يتباين من مجتهد لآخر، ومن مدرسة فقهية لأخرى، فما أراه مصلحة في قضية معينة، قد يراه الآخر مفسدة عظمى، وحيث أن ما جاء بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) فهو فهم نسبي كما يزعم فضل الله، فمن المحتوم عندئذ أن يتعدد فهمنا للأحكام الشرعية، وحيث أن هذا الأمر يجبرنا على الاعتقاد بأن هذا الفهم هو فهم ظني للنص فلا يمكننا عندئذ إلا أن نقول بأننا نعتقد الصحة في فهمنا، ولا نقول بخطأ من لا برى صحة فهمنا، بل حتى من يناقض هذا الفهم، وهذا مفاد (مبدأ التصويب) الذي يجمع الإمامية (أعلى الله شأنهم) على بطلانه، فيما تلتزم مدرستي أهل السنة من الأشاعرة والمعتزلة به على اختلاف فيما بينهما حوله.[62]

ولربما توضح المحاورة التي جرت بين الخليفة الأول والثاني طبيعة فهمهم للتصويب حينما ثار عمر على خالد بن الوليد بعد جريمته النكراء بحق الصحابي الجليل مالك بن نويرة (رضوان الله تعالى عليه) حيث قتله ومثل به ووضع رأسه أثافي لقدره، ثم نزا على زوجته في نفس الوقت، والقتل فيه قتل، والمثلة فيها قتل، والزنا بامرأة محصنة فيها جلد في حال السفر حيث قال عمر لأبي بكر: إن خالداً قد زنى فاجلده.

فقال أبو بكر: لا، لأنه تأول فأخطأ!. قال: فإنه قتل مسلماً فاقتله. قال: لا، إنه تأول فأخطأ.[63]

وبعد أن ألحّ عمر على أبي بكر بالاقتصاص من خالد قال له بغضب: هيه يا عمر تأوّل فأخطأ فارفع لسانك عن خالد.[64]

وواضح أن (التصويب) هنا يبتني نفسه على أساس ما يتعارف الأصوليون على تسميته بحالة (الانسداد)، أي عدم وجود طريق للوصول إلى الحكم الإلهي بعد غياب المشرع وانقطاعه، وهذه المشكلة التي واجهت الفقه السني وضربت بأطنابها الثقيلة عليه منذ وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، لذا عمد هذا الفقه للاستعانة بطرق متعددة كسنة الصحابة وطرق الرأي والقياس والمصالح المرسلة وما إلى ذلك، فيما لم تواجه هذه المشكلة الفقه الشيعي أبداً، لأن فترة الوجود الواقعي للمشرع امتدت إلى حلول فترة الغيبة الكبرى للإمام (عليه السلام) أي عام 329 هـ وهي فترة كافية لأن يجد الحكم الإلهي الواقعي طريقه إلى الناس، سيما وأن المشرّع المقدس (صلوات الله عليه) أشار إلى أنه ليس من واقعة إلا ولله فيها حكم، وتمام الحجة الإلهية تقتضي من المشّرع أن يلتزم بالإفصاح عن هذا الحكم وتبيانه، وهذه من بديهيات الفكر الإمامي، ولهذا فإن القائل بالتصويب المتداعي من القول بحاكمية الواقع الاجتماعي على النص سيكون واحدا من اثنين، فهو إما من غير الإمامية، وإما ممن لا يفهم من الإمامية أي شيء!.

ثالثاً: الصعيد العقائدي

ومن يقرأ تمام مقالة (الأصالة والتجديد) يجد بوضوح التزام فضل الله بمقالة التصويب ليس في المجال الفقهي والأصولي فحسب، بل حتى في المجال العقائدي فتراه لا يطالبنا بعدم رجم من نعتقد بخطأ حكمه الفقهي فحسب، بل يمد ذلك ليبلغ فيه حدّه الطائفي الأقصى حيث يطالبنا بعدم البراءة ممن لا يؤمن بعقائدنا لأنه لا يعتقد بثبوت قدسيتها حيث يقول: (إن المقدّس في الإسلام بالمعنى المطلق هو الثابت بطريقة قطعية لا مجال للاجتهاد فيها بحسب مصادرها اليقينية، ولا مجال للخلاف حولها، وكل ما عدا ذلك فهو غير مقدس، وتكون قداسته مقتصرة على الشخص الذي ثبتت قداسته عنده بحسب اجتهاده، فليس له أن يرجم غيره ممن لا يرى رأيه بإنكار المقدسات.[65]

وهذا ما أدى بالمرجع الديني الكبير الشيخ جواد التبريزي (دام ظله المبارك) إلى أن يعلّق على ذلك بالقول: إن القائل يتصور أن تعدد حكم الواقعة الواحدة بحسب اختلاف المجتهدين في الأعصار فيها أمر ممكن وواقع وهذا مخالف لمذهب العدلية الملتزمين ببطلان التصويب في الوقائع التي وردت فيها الخطابات أو استفيد حكمها من مدارك أخرى.[66]

والعجيب أن فضل الله انساق مع تداعيات هذه الفكرة، وكاد أن يصل إلى ما لم يصل إليه أحد المسلمين حينما ناقش آية : (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) حيث قال شارحاً: المعنى في هذه الآية واضح، فهي تؤكد أن النجاح في الآخرة تناله كل هذه الفئات الدينية المختلفة في تفكيرها وتصورها الديني للعقيدة والحياة، بشرط واحد وهو التقاؤها على قاعدة الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح.[67]

ورغم أنه حاول أن يخفف من حدة هذه اللهجة، ويتيح المجال له بالتنصل من ربقة موضوع كهذا كعادته في هذه المواقف، غير أنه في واقع الحال حاول أن يخفف جهة الفارق بين المسلمين وغيرهم حيث قال: وربما يخطر في البال أن الإيمان بالرسول يختلف عن الإيمان بالله في مدلوله الإيماني، وفي طبيعة موقعه في العقيدة، فإن الإيمان بالله غاية في نفسه باعتبار أن معرفته وعبادته من أسس العقيدة في ذاتها، أما الإيمان بالرسول فقد لوحظ من حيث هو طريق للارتباط بالرسالة والعمل الصالح، ولذلك لم يؤكد القرآن عليه في كل دعوات الإيمان إلا في هذا النطاق، وعلى ضوء ذلك فقد يكون إغفاله في مجال الحديث عن الأساس في نجاة الإنسان في الآخرة، ومن جهة الاكتفاء عنه بكلمة الإيمان بالله والعمل الصالح الذي هو كناية عن السير في خط الله من العبودية له والخضوع لشرائعه وأحكامه الثابتة برسالات الأنبياء، وقد تتضح لفكرة بشكل أعمق ذا لاحظنا أن الإسلام لم يعتبر وجود اختلاف بين الرسالات إلا من خلال بعض الجوانب التفصيلية مما يجعل القضايا الأساسية واجدة في الجميع، ويكون الانسجام مع واحدة منها انسجام مع الكل، كما يكون الانحراف عن الخط في إحداها انحرافا عن الخط في الباقي، وبذلك تعتبر النبوات منطلقة من قاعدة واحدة كما يوحي به قوله تعالى: (إن الدين عند الله السلام) مما يجعل كل صفة طارئة[68] تسقط وتتضاءل أمام القاعدة الصلبة التي تتحرك من خلالها الرسالات.[69]

ولا أدري إن كانت مجموعة مواقف فضل الله من اليهودية والمسيحية وعقائدهما تتعلق بهذا الاتجاه أم لا؟!.

حيث يلحظ عليه خروجه بأفكار لم يتجرأ أحد من المسلمين على مجرد التحدث بها، إذ يرى أن الثالوث المسيحي لا يمثل شركاً بالله.[70]رغم أن الجليل الأعلى تباركت أسماءه يتحدث بصراحة عن كفر من يقول بالثالوث: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم)[71](وقالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون)[72]. ولا أعلم لم عدّ مثل الولاية التكوينية شركاً؟[73] رغم وضوح القول باتصالها بولاية الله، ولم يعد أمثال الثالوث المسيحي شركا!! بل لم يلتزم بعدم كفر القائلين بالثالوث،[74] رغم وضوح تكفير القرآن لهم على ذلك، والعجيب أنه رغم هذا الوضوح تراه يقول بأن القرآن لا ينفي التوحيد الإيماني عن المسيحيين[75]، وحيث يعتقد أن الإنجيل والتوراة لم تحرف باللفظ بل حرفت بالمعنى[76]، وحيث يعتقد أن الخلافات بيننا وبين الأديان الأخرى هي عقدنا وذاتياتنا[77] رغم أن القرآن الكريم كان واضحاً في قوله: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا ليهود)، وقد اعتبر أن لا مشكلة بين المسلمين مع المسيحيين في شأن اعتبار المسيح هو تجسيد للإله.[78] ولم ينفع النص القرآني التالي في تراجعه عن قوله هذا : (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم).[79]

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فيلحظ على هذه المقولة[80] أنها تعطي أصلي البراءة من أعداء الله والتولي لأوليائه تعميماً يتسع لما يجعل المفهوم متماهيا إلى الدرجة التي تفرغه من محتواه بشكل تام، فالكل حسب نظرية فضل الله حينما يعمل فإنما يعمل بناء على ما يعتقده مقدساً، مما يجعل المعتقد نسبياً، وما دام أن معتقدي عن الإيمان ورجالاته وأعداءه غدا نسبيا، فلا معنى لخصيصة التولي والتبرؤ لأنهم مصيبون فيما يعتقدونه، وإن أخطأوا إصابة الواقع، ولذا لا يجوز لي رجمهم ولعنهم إن اعتقدوا خلاف المعتقد، فلربما كان معاوية مثلا محقا في عقيدته في وقفه بوجه الإمام أمير المؤمنين (عليهم السلام)، وإن أخطأ التقدير، وبالنتيجة فليس عليّ أن اوجه له إصبع الاتهام والبراءة فلقد تأوّل وأخطأ!! وعلى ذلك فقس حتى إذا ما انتهيت تعال على الإسلام نبكي ونلطم!!.

ومن جهة ثالثة فلا بد أن تجد التشيع يتحول من الصورة الأصلية للدين، والتعبير الصادق عمّا جاء به الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى مجرد وجهة نظر قد يصيب الشيعة فيما يفهمونه من كتاب الله ورسوله، وقد يخطؤون والعكس صحيح أيضا بالنسبة للسنة حيث يعتبر فضل الله التشيع مجرد فكر بشري حيث تراه يقول: لتكون المسألة السنية والشيعية مسألة مدرستين في فهم الإسلام[81].

رابعاً: الصعيد السياسي

وهنا تهدف هذه المقولة لتمرير الواقع السياسي الإسلامي، وتصحيح وتزكية ما جرى من أعمال خلال الصفحات الأولى لهذا الواقع، فلقد لحظنا فيما مر أنه من خلال مقولته عن المقدس وغيره في الإسلام يحاول أن يؤسس لفكرة تصويب عمل رجال السقيفة وكل التداعيات المترتبة عليها، فهم حتى لو قلنا بأنهم أخطأوا، فهم لا يستحقون منا أية براءة ولعن، فما حصل كان مجرد اختلاف، وهي وجهة نظرهم في مقابل وجهة نظر أهل البيت (عليهم السلام)، والكل يحاول أن يقدم فهمه عن الإسلام، بل لربما تجده يدعونا لأن نحذوا حذوهم حيث يقول: علينا أن نمارس خلافنا في الرأي كما مارسه الأولون، فقد مارسوه فيما لم يكن الاختلاف مضرة للإسلام، حتى سارت المسيرة الإسلامية في طريقها المستقيم.[82]

ولعمري لا ينقضي عجب المرء وهو يفتش عن كنه هذه الاستقامة فهل كانت غصب الإمامة؟ أم حرق بيت الصديقة الزهراء (عليها السلام) وإسقاط المحسن (عليه السلام)؟ أم أخذ الإمام(صلوات الله عليه) من تلابيبه؟ أم اشتراك الثلاثة في جلدهم للبتول الطاهر (بأبي وأمي)؟ أم غصبهم لفدك؟ أم حربهم لأمير المؤمنين (عليه السلام)؟ أم تقطيعهم لكبد الحسن (عليهم السلام)؟ أم قتل الحسين (عليه السلام)؟ … أم؟… أم؟ ..

ومن هذه النظرية ينهل القائلون بحاكمية بيعة الأمة على ولاية الإمام، التي طرحت مؤخرا من بعضهم، ويمكن تلمس آثارها من قول فضل الله عن بيعة الغدير بأن النبي: أراد للتجربة أن تتحرك،[83] فإن لم تعط الأمة بيعتها للإمام، فلا ولاية له عليها من الناحية الشرعية!!.

على أي حال فهذا جانب من التداعيات الطائفية والتشريعية والعقائدية والسياسية التي أشرنا إليها بعجل كي نشير إلى حقيقة من حقائق الانحراف، فإن قالوا بأنهم لا يعلمون إن لهذه الأفكار هذه الخطورة من التداعيات، فهذا ضلال! وإن كانوا يعرفون حقيقة ما تكلموا به فهو إضلال!!.

مصدر ثبات الإمامة

بعد أن ناقشنا المبنى الفلسفي في عد داعية الانحراف الإمامة من المتحولات، وأوضحنا أن هذا المبنى لا يستند لأي معيار فكري إسلامي، نأتي هنا لنبين إن الإمامة ـ كفكرة ـ لم تكن من الأمور التي اختلف المسلمون بشأنها، بل هي ثابتة من ثوابت الإسلام باعتراف الجميع، وسنتابع هنا أولا مصادر ثبات الإمامة على المستوى الفلسفي والتشريعي، ثم نعقّب ولو بإيجاز لنرى ثباتها عند المسلمين جميعاً لنفنّد مزاعم الانحراف بشأن عدم ثباته لدى المسلمين.

وتعترضنا في البداية ملاحظة مهمة أثناء محاولة الخوض في تفاصيل ثبات الإمامة، وهي ملاحظة منهجية لمن أراد اعتماد منهج هذا الرجل، وهي ما نلحظه في إن فضل الله قد أطلق الحديث عن عدم ثبات الإمامة، من دون أن يقيده بشيء، مما يعني أن مسالة الإمامة بمعناها العام هي مورد عدم الثبات في التفكير الإسلامي، لا معناها الخاص لدى الإمامية فحسب، وهذا ما يجعلنا نثير التساؤل حول ما إذا كان هذا الرجل يعتبر القرآن في الأساس مصدرا من مصادر الثبات التشريعي والعقيدي أم لا؟.

حيث نلحظ أن الإمامة كمفهوم عام قد تم طرحها في القرآن بشكل واضح لا يتناقض فيه اثنان، كما نلحظ ذلك في قوله تعال: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)[84].

وكذا قوله تعالى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)[85] .

وكذا قوله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)[86].

وأيضا قوله تبارك اسمه: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)[87].

ففي مجموع هذه الآيات نلحظ أن القرآن الكريم لم يكتف بالإشارة إلى المصطلح فحسب، وإنما قام باستعراض بعض مواصفات الإمامة فهي جعل من الله، وهي معصومة، ومن صفات الأئمة المعلنة الصبر واليقين والعبادة المحضة ولم يكتف بهذه فحسب، بل وحدد جملة من المهام للأئمة، فهم يقومون بعملية الهداية الربانية، وهم ممن يوحى إليه فعل الخير وإقام الصلاة، وحينما يقومون بذلك فبتكليف خاص من الله نتيجة لصبرهم يختلف عن بقية التكاليف الموجهة لبقية البشر، وهذه بمجموعها حقائق غير قابلة للجدل والنقاش بين جميع فرق المسلمين، وكانت من الواجب على فضل الله ضمن مبناه الذي تحدث به في مقالة (الأصالة والتجديد) أن يضع الإمامة في خانة الثوابت لا أن يضعها في خانة المتحولات!.

أما إذا قصد بوضعها ضمن المتحولات اختلاف المسلمين حول تفاصيلها، فمن باب أولى أن يأتي بجميع ما وضع في الثوابت ليضعه في المتحولات كالتوحيد النبوة والمعاد وغير ذلك من مسائل التشريع، فليس من واحدة من هذه الأمور بثابتة في جميع تفاصيلها لدى المسلمين بل حتى في اتباع المذهب الواحد! وما من مهرب بعد ذلك أمام فضل الله إلا الإذعان إلى ما وقع فيه من خلل منهجي!.

وأيا كان الوضع فنحن نعتقد إن الإمامة هي من الحقائق الثابتة في الفكر الإسلامي، سواء أخذت بمعناها العام، أم تناولناها بمعناها الخاص.

فإذا ما كنا نعتقد أن القرآن الكريم معجزة البلاغة وانه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لقوله تعالى: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)[88] وأنه لا يحوي على أي تناقض كما أوضح الله سبحانه بقوله: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)[89] فمن اللازم أن نعتقد أن تعميمات القرآن تفضي إلى خصوصياته، والعكس صحيح أيضا حيث تؤدي خصوصياته إلى عمومياته، وهذه من لوازم عملية الهدى التي أنزل القرآن الكريم كي يكون إطارها الروحي والفكري، وما دام إن القرآن قد طرح شيئا من هذا وشيئا من ذلك، فلا بد وأن نخوض في عبابه كي نستدل على حقيقة الأمر منه.

وبعد ذلك فلا يمكننا أن نمر على الآيات القرآنية التي تحدثت عن الإمامة مرور الكرام، وهنا ستستوقفنا الآية الكريمة: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)[90] لتطرح عدة من مشخصات خط الإمامة، حيث نلحظ هنا أن مقامها الرباني ارفع من النبوة،[91] فالجعل الإلهي الذي تتحدث عنه الآية لم يتم إلا بعد أن أكمل إبراهيم النبوة المشار إليها بالكلمات في الآية الكريمة.

ويمكننا تلمس الفارق الكامن بين الدورين، من خلال ملاحظة الفارق بين قوله تعالى: (بكلمات) وبين قوله: (عهدي) فالكلمات هي إبلاغ من الله لأنبيائه ورسله بأوامر محددة وتوجيهات مباشرة منه، أما العهد فهو التكليف بعمل والتوصية به، ومعلوم أن الذي يكلف بعمل ما، لا بد من أن يحرز أن المكلَّف قادر على درء التكليف ولا معنى لتكليف من لا قدرة له على إدارة مناط التكليف، مما يعني أنه يمنح من القدرات والصلاحيات ما تجعله مؤهلا لإدارة مهام التكليف وحيث أن عمله منحصر في الدوائر الثلاث: الوجود الكوني و الوجود المرتبط بعالم التكليف (الإنس والجن) والتشريع بعنوانه المنظم للعلاقة ما بين الدائرتين، وبينهما وبين الله، فلا بد من أن تكون له الولاية والقدرة الكافية في هذه الدوائر كي تمكّنه من إدارة أوامر الهداية الإلهية بحذافيرها، وهذا الفهم للعهد تؤكده الآيات الكريمة: (ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل)[92] وكذا قوله: (وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون)[93] فهذه الآيات في حديثها توجه النظر إلى ما عهد عند موسى (عليه السلام) بحيث أنه يتمتع بالقدرة الإعجازية على رفع العذاب عنهم.

وكيفما يكن من أمر، فلازم الآية الكريمة العديد من الأمور أهمها:

أولا: أن يكون الإمام مشخصا من قبل الله جل وعلا، فهو مصدر الجعل في هذا الشأن، ولم يترك ذلك للناس لسبب بسيط أن الإمامة المنظورة هنا هي أكبر من طاقات وقدرات الناس بل حتى الأنبياء والأولياء منهم كما يتضح من قوله تعالى: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسى ولم نجد له عزما)[94]وهذا ما يلجؤنا إلى القول بأن لا إمامة من دون نص إلهي مسبق.

ثانياَ: إن هذا الإمام ينبغي أن يكون معصوما، وهذا ما يدل عليه تحريم الله هذا المقام والعهد للظالمين (قال لا ينال عهدي الظالمين)، وقد قرّب أحد الأعلام الاستدلال على العصمة من خلال هذه الآية بالقول على ما ينقله العلامة الطباطبائي (قدس سره) عنه: إن الناس بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام: من كان ظالماً في جميع عمره، ومن لم يكن ظالماً في جميع عمره، ومن هو ظالم في أول عمره دون آخر، ومن هو بالعكس، وهذا وإبراهيم (عليه السلام) أجلّ شأنا، من أن يسال الإمامة للقسم الأول والرابع من ذريته، فبقي قسمان وقد نفى الله أحدهما، وهو الذي يكون ظالماً في أول عمره دون آخر، فبقي الآخر، وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره.[95]

ثالثاً: إن دور الإمامة يبقى إلى أمد الدهر، إذ ترينا جملة: (لا ينال عهدي الظالمين) أن هذا العهد يبقى أمد الدهر، لما يلحظ من تقدم فعل المضارعة هنا (ينال) عليه، والذي يفيد الحال والاستئناف المستقبلي.

رابعاً: أن يكون الإمام في كل الأحقاب الزمنية مشخصا فلا معنى للنص على إمامة من دون إمام، ولا دور للإمام من دون أن يلزم الشارع المقدس بالتبعية له، ولا تبعية من دون تشخيص الإمام.

ولقد أشرنا فيما سبق أن صورة العهد الإلهي تقتضي أن يكون المعهود إليه بالهداية متمتعا بقدرات استثنائية تتيح له التعامل مع دوائر عمله الثلاث، وهي كما قلنا: الوجود الكوني، والوجود المرتبط بعالم التكليف بشقي عالم التكليف وأعني الإنس والجن، والتشريع باعتباره المنظم للعلاقة بين الوجودين وبينهما مع الله، ولو حللنا حالة هذه العوالم بدقة فسنجد أنها بحاجة إلى خمسة مقامات من الهداية، ومع هذه المقامات يمكننا تلمس وجود ستة أنماط من الإمامة وهذه الأنماط هي:

أولا: إمامة التشريع، إذ لا يعقل أن يعهد الله للإمام بعهد هداية الناس وهو لا يمثل المحور الأول في جهة معرفة التشريع من جهتيه، أي من جهة التعرف على حكم الله الواقعي في جميع الأمور، مما يستدعي أن يكون له علما استثنائيا في كل ما يتصل بعملية الهداية، فالإمام الذي يمارس عملية الهداية بالصورة التي حددها القرآن لا بد وأن يكون له علم بقدرها أو بأكثر منها.

ومن جهة الموضوعات الخارجية التي يمكن أن يكون لها مساس بأي مفردة من مفردات الهداية، وهاتان الجهتان هما مورد وجود ما نصطلح عليه بـ (علم الإمام).

ثانيا: إمامة السياسة، وهي وإن كانت تابعة لما سبقها، إلا إن طبيعتها الخاصة، وتعقيدها الشديد ألجأنا لإفرادها بشكل مستقل.

ثالثاً: إمامة الوجدان، فقضايا الحب والبغض والولاء والتبرؤ وأمثالها، بسبب اتصالها الشديد بأهواء النفس ولمقدرتها الشديدة على التفاعل مع البواعث الإرادية، فلا بد لعملية الهداية الإلهية أن تنصب إماما من شأنه أن يكون هو محور إمامة الوجدان والهداية له بحيث يكون هو معيار الحب والبغض والتولي والتبرؤ.

رابعاً: الإمامة الشاهدة فطبيعة الحجة الإلهية البالغة تتطلب أن يكون هناك شاهد على العباد من أنفسهم، يشهد لهم فيما عملوه، ويشهد عليهم فيما اقترفوه واجترحوه من أعمال، ويكون هو الشاهد على الخلق بإمكانية تطبيق الشرعة الإلهية، من خلال التزاماته الجادة بكل مقتضيات التكامل والكمال.[96]

خامساً: إمامة الوجود، فهذا الوجود الذي سخره الله لعباده بقوله تعالى: (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة)[97].

وكذا قوله تعالى: (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)[98] وعملية التسخير هذه تحتاج ـ كما في طبيعة الحجة القرآنية ـ إلى شاهد عليها من البشر حتى يتعرف على حجمها وما فيها من أسرار، وكما حصل الأمر مع إبراهيم: (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) والرؤية وحدها لا تكفي، بل لا بد من أن يكون مؤتمنا عليها وفق ما تصوره آية الأمانة: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا)[99] وهذا ما يستلزم لازمين:

أولهما: احتياج الوجود الكوني إلى من يتحمل مسؤوليته أمام الله.

وثانيهما: أن يكون هذا المؤتمن معصوما مبتعداً عن الظلم والجهل.

وعليه فإن هذا لوجود برمته يتطلب وجود حجة وإمام عليه، مما يجعل وجود الإمام بمثابة العلة لوجوده، والمسبب له، وهذا مفاد الحديث الشريف المتواتر في معناه ولفظه كما في الصحيحة التي يرويها الثمالي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): تبقى الأرض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت.[100]

ومن الطبيعي أن وجودا كهذا سيكون وجودا ذا قدرة وتحكم في مجمل المجال الكوني.[101]

سادساً: إمامة الآخرة وهذا النمط مترتب على بقية الأنماط، فحيث رأينا وجود إمامة التشريع والسياسة والحكم وإمامة الوجدان حيث أحكام الحلال والحرام والتي بموجبها يكون الموقف من الجنة والنار وحيث إمامة الوجود والشهادة وما تستدعيه من أداء الأمانة بعد ختم سجلات الدنيا وطي صحفها، كان لا بد من وجود نمط سادس من أنماط الإمامة وهو إمامة الآخرة حيث يكون جزاؤها (عقابا أو حسابا) مرتبطا بطبيعة الموقف من تلك الأنماط.

ومن خلال متابعة وملاحقة آيات القرآن الكريم نجد أن هذه الأنماط قد تم التحدث عنها بشكل مسهب في القرآن الكريم وهو ما سنطلع عليه فيما يأتي من حديث إن شاء الله تعال، ولو شئنا الاختصار في ذلك قلنا: إن ما من فعل تام ذكر في القرآن قد تمّ التحدث عن أفعل التفضيل له بصورة ظاهرة أو مضمرة، وحيث أن أفعل التفضيل هذا له حدان سالب وموجب، بمعنى أن ما من صفة إلا ولزم افتراض وجود صورتها الجمالية الكاملة التي لا شوب فيها، والعكس صحيح أيضا، فالتقوى ـ مثلاً ـ التي تحدث عنها القرآن لأفعل تفضيلها إما أن نراه مضمراً موجبا بعنوان الأتقى، أو ظاهرا سالبا بعنوان الأخسرين كما تحدث عنهم القرآن: (قل هل ننبأكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)[102] ومثلما افترض وجود أئمة للكفر (فقاتلوا أئمة الكفر)[103] فإنه تحدث عن أئمة الإيمان (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)[104] ولربما نجد أن هذا السبب هو الذي جعل الصحابي الجليل عبد الله بن عباس يجزم في الحديث المتواتر عنه بأن الله لم ينزل آية: (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي رأسها وقائدها وشريفها وأميرها.[105]

 

وكيفما يكن فإن هذا كله يدلنا بوضوح على أن ثمة مقامات تعرض القرآن الكريم للحديث عنها، لا يمكن أن تفي النبوة والرسالة وحدها بمستلزماته، فعلى أقل التقادير لا يمكن مع وجود النبوة الخاتمة أن نجد من يحتل هذه المقامات بعد وفاة أو قتل الرسول (صلى الله عليه وآله) لا أقل في جملة من مهمات الرسالة وتوابعها، فقوله تعالى: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا)[106] مثلا حينما يطرح النبي الشاهد لا بد من أن نتساءل عن سبب الشهادة، وهل هي خاصة بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون غيره، هنا سوف لا نجد القرآن يقف مكتوف اليد تجاه مسألة كهذه، بل سنراه يوضح بقوله تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا)[107] أنها مطلوبة في كل الأزمان،[108] فإن كانت الشهادة ضرورة رسالية في زمن الرسول الأعظم، فما من شك أن هذه الضرورة لا تنتفي بمجرد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وحيث أن الشهادة عملية عيان وجودي، الأمر الذي يعني إن الحاجة إلى ضرورة وجود امتداد لهذا الأمر تبقى ملحة بنفس إلحاح وجود النبي الشاهد

ولو قلنا بضرورة الشاهد بعد النبي (صلى الله عليه وآله) والذي تعبر عنه الآية الكريمة: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد)، فسيحتاج حتما إلى أمور عدة لا غنى عنها فسيحتاج إلى علم خاص يمكنه من الشهادة على كل شيء يتعلق بمهمته الرسالية، وطبيعة الشهادة الرسالية وخصوصية ذلك العلم يعطيه ملكة القدرة على ما يشهد عليه، أضف إلى ذلك أن شهادة كهذه وعلم كهذا يفرض أن يكون صاحبه معصوماً، وهذه الأمور الثلاثة تتطلب ممن يهب العصمة والعلم والشهادة أن ينص على من وهب له هذا الأمر، فتأمل

ولو أخذنا الآية الشريفة: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)[109] فهي الأخرى تدلنا على ما نحن بصدده، فالامتداد هنا واضح، ولكن طبيعة الهداية التي تنسجم مع أن تكون حجة الله بالغة بصورة لا تجعل لعباده أي مجال للتذرع، تفترض أن يكون الهادي مشخصا من قبل نفس جهة الهداية ربا كان أو رسولا، بمعنى أن يكون هناك نص عليه، وأن يكون هاديا يقضي بأن يكون مطاعا، من قبل نفس الجهة التي أمرت بطاعة الرسول لإنذاره، وحيث إن الأمر بالطاعة يستلزم أن يكون المطاع مستحقا لها، فلا بد عندئذ من أن يكون معصوما، [110] وهذا ما يجرّنا إلى ما نحن بصدده، وهي استلزام الامتداد في جهة الهداية لما بعد الرسول.

وتطرح سورة القدر الأمر بوضوح من بعد آخر، ففي قوله جل وعلا: (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)[111] وما نرى من دور لفعل المضارعة في الآية المناظرة لها: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم)[112] وكذا قوله: (تنزل) يدل على أن هذا التنزل من قبل الملائكة والروح يكون في كل عام، من دون أن يتخصص بزمن الرسول (صلى الله عليه وآله) دون غيره من الأزمان.

ولو جارينا العامة ومعهم فضل الله[113] في القول بأن الملائكة تتنزل بالأرزاق والآجال، فما بال الروح قد نزل معهم؟ فالروح إن كان جبرائيل (عليه السلام) حسب روايات العامة ومعهم فضل الله بالطبع، أو كان الروح ذلك المخلوق الذي تصفه روايات أهل البيت (عليهم السلام) بأنه أعظم خلقا من الملائكة،[114] وهو ما عليه جمهور مفسري الشيعة ومحدثيهم وتؤيده الآية الكريمة: (ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن انذروا)[115] أيا كان ذلك فهو أمر متعلق الوحي الإلهي.[116]

ولو قدّر أن الأمر الذي جاءت به الملائكة متعلق بالأرزاق والآجال، فعلى ما ذا جاء هذا الروح معهم واختصاصه هو الوحي؟ وماذا يفعل في ساحة انقطع عنها الوحي الإلهي ـ حسب منطوق فكر أهل العامة ـ؟.

وما من تفسير يمكن وصفه بالدقة لهذا التنزل السنوي للروح إلا من خلال الإذعان لنظرية وجود امتداد رسالي للنبوة هو الإمامة، ودون إثبات نفيه خرط القتاد!! فلا تغفل.

من كل ذلك يمكننا أن نستخلص أن مفهوم الإمامة ضمن الخطوط العامة له والتي لا دخل لها في الصراع الفكري بين مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وما سواهم، هو مفهوم قرآني بحت، وله من الثبات ما للنبوة والتوحيد من الثبات، ولا يوجد أي وجه لوصفه بالمتحول، فنصه القرآني له حضوره الشاخص، والمفهوم الذي يدل عليه هو الآخر له حضوره المتميز مثله مثل أي أمر أولاه القرآن أهمية خاصة.

 وهذا الأمر ـ ثبات الإمامة ـ لا ينفرد فيه الشيعة فقط، بل هو من مسلمات الفكر العقائدي السني أيضا على ما يتضح لنا من خلال شهادات أرباب مذاهبهم فقد قال ابن حزم الأندلسي الظاهري ما يلي: اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة وجميع المعتزلة وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة، وإن الأمة فرض واجب عليها الانقياد لإمام عادل يقيم فيهم أحكام الله، ويسوسهم بأحكام الشريعة التي أتى بها رسول الله (صلى الله عليه وآله( حاشا النجدات[117] من الخوارج فإنهم قالوا: لا يلزم الناس فرض الإمامة، وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم، ـ إلى أن قال: ـ وقول هذه الفرقة ساقط يكفي من الرد عليه وإبطاله إجماع كل من ذكرنا على بطلانه، والقرآن والسنة قد وردا بإيجاب الإمام، ومن ذلك قول الله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) مع أحاديث كثيرة صحاح في طاعة الأمة وإيجاب الإمامة.. إلى آخر أقواله في هذا المجال.[118]

وقال عبد القاهر البغدادي: إنه لا بد للمسلمين من إمام ينفذ أحكامهم، ويقيم حدودهم ويغزي جيوشهم، ويزوج الأيامى، ويقسم الفيء بينهم.. إلى أن يقول: وقد وردت الشريعة بأحكام لا يتولاها إلا إمام، أو حاكم من قبله.[119]

وقال أبو حامد الغزالي في معرض استدلاله على وجوب الإمام: البرهان عليه أن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا، ونظام الدنيا لا يحصل إلا بإمام مطاع.. إلى أن يقول: فبان أن السلطان ضروري في نظام الدنيا، ونظام الدنيا ضروري في نظام الدين، ونظام الدين ضروري في الفوز بسعادة الآخرة، وهو مقصود الأنبياء قطعا، فكان وجوب نصوب الإمام من ضروريات الشرع الذي لا سبيل إلى تركه فاعلم ذلك.[120]

وقال الرازي: اتفقت الأمة إلا شذاذا منهم على وجوب الإمامة والقائلون بوجوبها منهم من أوجبها عقلا، ومنهم من أوجبها سمعا، أما الموجبون عقلا فمنهم من أوجبها على الله تعالى، ومنهم من أوجبها على الخلق.. إلى آخر ما قال.[121]

وقال التفتازاني مستدلا على وجوب الإمامة: لنا على الوجوب وجه: الأول:وهو العمدة إجماع الصحابة. الثاني: إن الشارع أمر بإقامة الحدود، وسد الثغور، وتجهيز الجيوش للجهاد، وكثير من الأمور المتعلقة بحفظ النظام، وحماية بيضة الإسلام، ولا يتم إلا بإمام، وما لا يتم الواجب مطلقا إلا به وكان مقدورا فهو واجب. الثالث: إن في نصب الإمام منافع لا تحصى، واستدفاع مضار لا يخفى، وكل ما كان كذلك فهو واجب، أما الصغرى فيكاد يلحق بالضروريات، بل المشاهدات، ويعد في العيان الذي لا يحتاج إلى البيان، ولذا اشتهر أن ما يزع في السلطان أكثر مما يزع في القرآن، وما يلتئم باللسان لا ينتظم بالبرهان.. إلى آخر كلامه في هذا المجال.[122]

وقد تحدث الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية والولاية الدينية عن وجوب الإمامة وتحدث بشكل مفصل عن وظائفها ضمن منظوره على أصعدة الدين والسياسية والمجتمع.[123]

وفي موضع آخر قال: فليس دين زال سلطانه إلا بدّلت أحكامه، وطمست أعلامه، وكان لكل زعيم بدعة، وكل عصر فيه وهية أثر، وكما أن السلطان إن لم يكن على دين تجتمع به القلوب حتى يرى أهله الطاعة فيه فرضا، والتناصر عليه حتما لم يكن للسلطان فيه لبث، ولا لأيامه صفو، وكان سلطان قصر أو مفسد دهر.

ومن هذين الوجهين وجب إقامة إمام يكون سلطان الوقت وزعيم الأمة، فيكون الدين محروسا بسلطانه، والسلطان جارياً على سنن الدين وأحكامه.[124]

ويقول ابن تيمية الحنبلي: يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لحراسة الدين من رأس.[125]

وعلى نفس المنوال تحدث القاضي الباقلاني في كتابه التمهيد في الرد على الملحدة والمعطلة والرافضة والخوارج والمعتزلة.[126]

وكذا الموقف كان موقف الفضل بن روزبهان حيث يعقد على وجود الإمام جملة من المهام كحفظ الحوزة، والعلم بالرياسة وطرق التعيش مع الرعية وحماية للذمار وهي مما لا يمكن أن تقوم الحياة من دونه.[127]

وحذا باتجاهه بنفس الطريقة ابن خلدون في مقدمته المعروفة وقال عن الإمامة: وإذ قد بينا حقيقة هذا النص وأنه نيابة عن صاحب الشريعة في حفظ الدين وسياسة الدنيا به تسمى خلافة وإمامة والقائم به خليفة وإماما… إلى أن قال: ثم إن نصب الإمام واجب قد عرف وجوبه في الشرع بإجماع الصحابة والتابعين.[128]

وقال الإيجي عضد الدين في المواقف مع شارحه الشريف الجرجاني: إنا نعلم علماً يقارب الضرورة أن مقصود الشارع فيما شرع في المعاملات والمناكحات والجهاد والحدود والمقاصات وإظهار شعار الشرع في الأعياد والجمعات إنما هو مصالح عائدة إلى الخلق معاشا ومعادا وذلك المقصود لا يتم إلا بإمام يكون من قبل الشارع يرجعون إليه فيما يعنّ لهم.. الخ.[129]

وبعد ذلك فليس أدل على ذلك من إن كل الكتب الحديثية كالصحاح والمسانيد والفقهية الخاصة بأهل العامة قد حوت أحاديث عن الإمامة ومتعلقاتها، وضمن كتبها الرئيسية الحديثية والفقهية تجد كتاب الإمارة الذي يبحث في شأن الإمامة على صعد السياسة والدين والمجتمع وقد رأيت أن من عرضنا له من المتكلمين هم علية القوم من علماء والفرق، وفهم من له ناصبية واضحة ومعلنة ضد مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) كعبد القاهر البغدادي وابن حزم وابن تيمية وابن روزبهان وغيرهم.

نعم الفرق بين المبحثين وتفاصيل الإمامة بين الفريقين مما لا يخفى، وهذا بطبيعة الحال لا يخص الإمامة فحسب، بل هو يشمل التوحيد والنبوة والمعاد وكذا كل ما ذكره فضل الله بعنوانه من الثوابت، ولكن هذا الفرق وإن كان بينا جدا، غير أنه لا يقدح في التسالم ما بين الطرفين على كون الإمامة ضرورة دينية، وحتى لو بحثها البعض من وجهة نظر دنيوية، فتبقى في نفس إطار الضرورة الدينية، لما في الارتباط الوثيق واللصيق بين الدين والدنيا في مجالات الإمامة.

ولا أعتقد أن لفضل الله القدرة من الناحية المنهجية ـ ولو من وجهة نظر منهاجه ـ على الجواب عن السبب الذي أدى به إلى أن يجعل الإمامة من جملة المتحولات وعزلها عن الثوابت رغم ما قد علمت من ثبات شأنها في النصوص القطعية التي لا مجال للشك فيها، فيما وضع التوحيد والنبوة والمعاد في جملة الثوابت وفيها من النقاش والتفاصيل المختلف بشأنها مثلها مثل الإمامة!.

ومن الحق أن نتساءل عن السبب في هذا التفريق رغم اتحاد المشكلة بين الاثنين أي بين من سمّاه بالثوابت وبين من سماه بالمتحول، فهما مما اتفق الجميع على ضرورتهما الدينية رغم اختلاف الجميع في اغلب التفاصيل؟.

ولربما نجد السبب يكمن في نفس الأمر الذي جعله يعتبر ذكر الشهادة الثالثة في الأذان ـ وهي المستحبة والخارجة عن الصلاة ـ تسبب بمفاسد كثيرة،[130] لأنه لا يجد أي مصلحة شرعية في إدخال أي عنصر جديد في الصلاة في مقدماتها وأفعالها.[131] فيما لا يجد مثل هذه المفسدة في حالات التكتف[132]، وهي البدعة التي أوجدها عمر، ولا في قول آمنين وهي الأخرى في داخل الصلاة وضمن ركن من أركانها وهي أيضا بدعة من مبتدعات عمر، فالأولى وإن تحدث عن إبطالها للصلاة إن قصد بها الجزئية، غير انه عاد ليقول: وإن كان الأقوى عدم البطلان بذلك في فرض عدم قصد الجزئية وانتفاء التشريع، خصوصا إذا قصد به الخضوع والخشوع لله[133]، ولا ريب عدم البطلان لو فعل ذلك سهواً أو تقية.

أما قول آمين بعد قراءة الحمد فهو مبطل للصلاة على الأحوط، لكنه كالعادة عاد ليقول: وإن كان للصحة وجه وجيه،[134] لا سيما إذا قصد بها الدعاء.[135] ثم ليذكر في مكان آخر بأنه لا يبطل الصلاة.[136]

مع العلم أنها داخلة ضمن ركن من أركان الصلاة، وقول آمين يجعل قول: (اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)[137] بمثابة الدعاء بما يبطل القراءة، في الوقت الذي نعلم فيه أن المطلوب هنا هو قراءة الفاتحة بعنوانها قرآنا، وليس بمعناها دعاءاً، وعلى ذلك فقس، وإن عشت أراك الدهر عجباً!.

يبقى علينا أن نقول إننا تعمدنا ترك الحديث عن الجانب العقلي في ثبات الإمامة، حتى لا يقال أن هذا تفكير بشري لا يحمل عنصر ثبات النص!!.

15/5/1116

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك