رياضيون عراقيون يستذكرون "بعوّضة عدي" وفلقة أبو ذيبة وابتكارات التعذيب
متابعة ـ محرر الرياضية ـ براثا نيوز
معسكرات الحجز التي دخلها معظم الرياضيين العراقيين خلال العقدين الماضيين رافقتها وسائل تعذيب ابتدعها رئيس اللجنة الاولمبية آنذاك، ولم يفرّق في ذلك بين لاعب محترف وآخر مبتدئ سواء كان على خطأ او صواب، فيما لم تكن العقوبة مقتصرة على الاحتجاز بل معها قساوة ابو ذيبة الذي كان يطالب الرياضيين باصطياد البعوض نكاية بهم، فضلا عن الفلقة التي كثيرا ما تلوّت على باطن أقدامهم والدراجة الوهمية التي يرسمها عدي على الحائط ويطالبهم بركوبها وقيادتها. الغرفة الحمراء والدراجة الوهمية يقول اللاعب الدولي حبيب جعفر ، في الذكرى التاسعة لسقوط النظام العراقي السابق، إن "المواقف الصعبة والحرجة التي تعرضنا لها خلال عهد المقبور عدي، كانت كثيرة ومتنوعة"، مؤكدا أن "أغلب الرياضيين تعرضوا لشتى أنواع العقوبات المتمثلة بالحلاقة صعودا حتى أساليب تعذيب مختلفة". ويضيف جعفر أن "ما تعرضت له انا كان مميزا عن بقية اللاعبين حتى أنني كنت ضيفا دائما لمعسكرات الضبط التي يدخلنا فيها لأسباب مختلفة"، ويروي أن أصعب المواقف التي تعرض لها كانت "بعد مباراة فريقي القوة الجوية الذي كنت في صفوفه والزوراء وانتهت بستة أهداف للزوراء مقابل هدف واحد، وعندما منحني حكم المباراة بطاقة حمراء فوجئت بعد المباراة وعند ذهابي إلى منازع اللاعبين اعتراضي من قبل أشخاص ترجلوا من سيارات مظللة واقتادوني لجهة أجهلها". ويتابع جعفر "وجدت نفسي في غرفة مساحتها متر واحد فقط مطلية باللون الأحمر وفيها فتحة صغيرة لإدخال الطعام وبقيت فيها ستة أيام وقد أثر بي ذلك كثيرا وهي أصعب ما لقيته في تلك الحقبة الصعبة"، مشيرا إلى أن "هناك أساليب مضحكة مبكية في ذات الوقت حيث كان عدي يرسم لنا دراجة هوائية على الجدار ويأمرني بالصعود عليها وإن خالفت وعصيت ستكون العقوبة أشد". البيت مقابل نسبة العقد وأبو ذيبة يطالب بإصطياد البعوض ويعتبر اللاعب الدولي السابق يونس عبد علي أن ما تعرض له "كان مؤلما جدا"، ويقول "فقد بعت بيتي الذي أسكن فيه من اجل أن أسدد نسبة 40% من مبلغ تعاقدي في اللعب في الدوري القطري، بعد ان أصدر عدي صدام حسين قرارا باستيفاء نسبة من مبالغ العقود الخارجية وصدر القرار عام 1995"، لافتا الى أن "احترافه كان عام 1993 لكن رئيس اللجنة الأولمبية يفعل ما يحلو له". ويشير عبد علي إلى أنه "كان الضيف الدائم في معسكرات الضبط التي دخلتها لنحو ثلاث مرات في الرضوانية تحت إمرة أبو ذيبة، وهو الشخص المكلف من قبل عدي، بالإشراف على معسكرات الضبط"، مبينا أن "ما فعله أبو ذيبة يؤكد مدى الدناءة والخسة واحتقار الرياضيين عبر التعامل معهم بأساليب وحشية وهم يشكلون ثروة وطنية ويمثلون البلد في المحافل الدولية". ويؤكد عبد علي أن أبو ذيبة كان يفعل ما يحلو له، يستذكر قائلا "كان يأمرنا باصطياد بعوضة، حيث كان يتركنا ويطلب منا في حال عودته أن يجد مع كل واحد منا بعوضة، أو كان يجلس أمامنا في المعسكر ويطالبنا بالغناء وهو يستمع، ونبقى محجوزين الى أن يتذكرنا رئيس اللجنة الأولمبية ويأمر بإخراجنا"، لافتا الى أنه كان "يودعنا في السجون ويتركنا الى أن يقوم أحد الأشخاص بتذكيره عنا لإخلاء سبيلنا". لم أصدق ما سمعت حتى ذقت بنفسي ويصف اللاعب الدولي السابق عباس رحيم ، تلك الحقبة بـ"المظلمة، حيث عاش فيها الرياضيون أياما صعبة جراء التعامل التعسفي من قبل المقبور عدي، الذي ذقت السجن على يده ثلاث مرات"، مبينا أن "المرة الأولى كانت جماعية مع منتخب الشباب عام 1999 عندما أخفق بالتأهل لكأس العالم، وبالتالي أمر عدي بحجز المنتخب بكامله لمدة شهر في منطقة جبلة بمحافظة بابل". ويؤكد رحيم أن "الحجز كان قاسيا حيث تعرضنا للعقوبات التي تبدأ أولا بحلاقة الشعر وغيرها من العقوبات الأخرى، حيث أثرت كثيرا علينا وأرهقتنا وتركت أثرا نفسيا بالغا في نفوسنا حتى أن سبعة من لاعبي المنتخب أصابهم المرض نتيجة الحجز ثم اضطرعدي، لإخلاء سبيلنا مقابل غرامة مالية تبلغ أربعة ملايين دينار وهو رقم صعب في أيامنا ولم يتمكن أي منا من دفعه ليصار إلى استقطاعه على شكل دفعات من العقود والمبالغ التي يحصل عليها اللاعبون". ويلفت رحيم الى أن المرة الثانية التي أودع فيها الحجز كانت بسبب رفضه اللعب لنادي الكرخ الذي يرأس إدارته عدي، ويضيف "فأمر بحلاقة شعري وحجزي ومن ثم تم احتجازي مرة أخرى بسبب إضاعتي لركلة جزاء في مباراة ضد فريق الوحدة الإماراتي ضمن بطولة أبطال دوري آسيا عام 2000، وبعدها بسنتين دخلت الحجز مرة أخرى والسبب هو رفضي حضور انتخابات نادي الكرخ ولا أعرف من أين أتت السيارات الخاصة التي نقلتني من النادي إلى الرضوانية بسرعة البرق وبقيت هناك عشرة أيام برفقة عدد من اللاعبين منهم قصي هاشم ويونس محمود". ويتابع رحيم "بعد خروجي من الحجز تحدثت إلى السكرتير الخاص لرئيس اللجنة الأولمبية وقلت له كنت أسمع في السابق عن حجز وحلاقة اللاعبين ومعاقبتهم فلم أكن أصدق لكن رأيت بعيني وعشت بنفسي لذا قررت أن أترك كرة القدم، لكن السكرتير قال لي إياك أن تكرر ما قلته أمام عدي، لانه سيأمر باحتجاز عائلتك وأهلك". الفلقة مقابل الستلايت وأربع جلدات لمن يخطىء الكرة واعتبر اللاعب الدولي السابق سمير كاظم أن "العهد الذي عاشته الرياضة العراقية تحت حكم عدي كان صعبا على كل اللاعبين والرياضيين حيث كانوا تحت ضغط وتهديد دائمين ويساورهم القلق في كل مباراة او بطولة وكلما يلعبون يضعون السجن والحلاقة أمامهم". ويبين كاظم "دخلت ثلاث مرات في الحجز ولأسباب مختلفة بدأت عام 1998 بعد مباراة المنتخب الوطني أمام كازخستان في تصفيات كاس العالم والتي خسرناها بهدفين لهدف واحد على ملعب الشعب، فكنا نلعب تحت الضغط والتهديد الذي سبب لنا إرباكا وقلقا أفقدنا صوابنا وبعد المباراة مباشرة تم احتجازنا في مقر اتحاد الكرة". ويقول كاظم "المرة الثانية التي تم احتجازي فيها كانت ثلاثة أيام في الرضوانية وأيضا في أحدى السنوات وعندما كان فريقنا القوة الجوية يعسكر في محافظة دهوك وصلت أخبار إلى اللجنة الأولمبية بأن اللاعبين جلبوا معهم أجهزة من الشمال مثل جهاز الستلايت الذي كان ممنوعا وقتذاك فتعرض الفريق بأكمله للتحقيق وكان الحكم بعد التحقيق تعليق اللاعبين (فلقة) ويضربون 30 ضربة وانا منهم". ويضيف "حصلت على نصيبي وكان علي بعد الفلقة بأسبوع المغادرة للاحتراف مع فريق شباب الساحل في لبنان لكني وصلت إلى النادي وأقدامي متورمة فأخذت راحة لمدة أسبوع ومن ثم عاودت التدريبات مع الفريق اللبناني". ويلفت كاظم إلى أن "المنتخب وبعد حجزه كان عليه المغادرة إلى كازخستان لخوض مباراة الذهاب وكنا أيضا تحت التهديد بالجلد حيث أمر عدي بأن يجلد اللاعب الذي يخطئ بكرة أربع جلدات ومن يخطئ في كرتين يتلقى ثماني جلدات وهكذا ورغم صعوبة الموقف تحول إلى ضحك وسخرية من اللاعبين لاسيما احمد راضي الذي بدأ بحساب الجلدات في حال أخطأ في الكرة وتناول حاسبة وبدأ يقسم ويضرب ويطرح". يذكر أن عدي صدام حسين نجل الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان يتولى قيادة الرياضة عبر رئاسته للجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم وإشرافه المباشر على كل الاتحادات والأندية والمنتخبات عبر إصداره التوجيهات والقرارات التي تفرض قسرا على الرياضة والرياضيين.
8/5/429
https://telegram.me/buratha