التقارير

سلطات شكلية وجولاني مهيمن..سوريا بين “بندقية للإيجار” وصراع القوى الإقليمية


المعلومة/ تقرير..

في ظل لوحة معقدة تتشابك فيها الجغرافيا بالسياسة، وتتصادم المصالح الدولية مع هموم الناس اليومية، تبدو الساحة السورية اليوم كجبل يغلي تحت ضغط أزمات متراكمة منذ أكثر من عقد. مدن محطمة، قوى مسلّحة متنافرة، سلطات متداخلة، ومواطنون يعيشون على هامش الأمن والغذاء والاستقرار، فيما تتحرك قوى إقليمية ودولية لترسيم مناطق نفوذ جديدة على حساب الدولة التي فقدت قبضتها المركزية. هذه الحالة الفوضوية، التي تتسع كل يوم، جعلت سوريا ساحة مفتوحة لتجارب ومشاريع اللاعبين الخارجيين، دون أفق واضح للخروج من الانهيار.

وسط هذا المشهد، يؤكد الخبير الأمني عبد الكريم خلف أن الدولة السورية أصبحت “جسدًا بلا أطراف فاعلة”، إذ لم تعد تمتلك القدرة على فرض سيادتها أو حماية حدودها. ويقول خلف لـ/المعلومة/ إن “المشهد السوري يعيش واحدة من أكثر مراحله كارثية، فغياب السلطة الموحدة وتعدد القوى المتصارعة على الجغرافيا جعل الدولة مشلولة بالكامل”، مشيراً إلى أن “السلطة في دمشق باتت شكلية، لا تملك توازناً حقيقياً في علاقاتها مع القوى الإقليمية”.

ويضيف خلف أن “الأتراك والكيان الصهيوني يسعيان لفرض وقائع جديدة على الأرض السورية عبر الهيمنة والتوسع، مستغلين ضعف السلطة المركزية وغياب الردع”، لافتاً إلى أن “العلاقات بين الأكراد والكيان الصهيوني تخضع بالكامل لإدارة الولايات المتحدة”.

وفي حديثه عن التنظيمات المتشددة، شدد خلف على أن “داعش لم يعد مشروعاً عقائدياً، بل تحول إلى (بندقية للإيجار)، يُستخدم عند الحاجة لإرباك المشهد وإعادة خلط الأوراق”.

في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية أحمد الميالي أن الصعود المتزايد لنظام الجولاني في الشمال السوري يمثل “الخطر الأكثر إلحاحاً على السكان”، مشيراً إلى أن بيئة الخوف والقمع تجعل الأهالي بين خيارين: “الولاء القسري أو النجاة بالحياة”.

ويؤكد الميالي لـ/المعلومة/ أن “استمرار هيمنة الجولاني سيقود إلى موجة أوسع من الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصاً مع تغلغل جماعات متطرفة داخل مؤسسات نظام الشرع”، مبيناً أن “تعامل الولايات المتحدة ودول المنطقة مع هذا النظام لا يأتي تأييداً له، بل نكايةً بنظام الأسد”.

ويحمّل الميالي تركيا والولايات المتحدة ودول الخليج “مسؤولية مباشرة” عمّا يجري في سوريا، نتيجة “سياسات متضاربة سمحت بخلق فراغات أمنية وصعود قوى متشددة”.

ويشير إلى أن غياب أي رؤية دولية جدية لإنهاء الصراع يهدد بتسارع الانهيار، ويعمّق الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

في ظل هذه المعطيات، تبدو سوريا عالقة في دوامة لا تهدأ: سلطة مركزية فاقدة لقوتها، جماعات مسلحة تتمدد، تنظيمات تتحول إلى أدوات بالوكالة، ومجتمع دولي يراقب دون حلول. وبينما تتسارع الأحداث على الأرض، يبقى مستقبل البلاد مرهوناً بقدرة القوى المحلية والإقليمية على كبح الانفلات الأمني، وإيجاد مسار سياسي يمنح السوريين فرصة لالتقاط أنفاسهم وسط الركام.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك