مشاهد سريالية شهدتها بيروت، عندما تجمع العشرات او المئات من اللبنانين ليعتصموا امام قصر العدل (مجمع المحاكم) في لبنان، ليكونوا مراقبين عن كثب وشاهدين على واحدة من أكثر الاحداث استثنائية في تاريخ لبنان، والمتمثلة بتوقيف ومحاكمة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة.
سلامة كان قد تم توقيفه من الثلاثاء الماضي أي قبل نحو اسبوع من قبل النائب العام التمييزي، قبل ان يمثل يوم امس الاثنين امام قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت الذي اصدر حكما وجاهيا بالتوقيف بحق سلامة، الامر الذي شكل ربما صدمة ودهشة و"انتشاء" في الأوساط الشعبية اللبنانية مع عدم تصديق وثقة تامة بحادثة التوقيف بحق شخصية بهذا الحجم، وفي بلد يعاني من ازمة ثقة من الشعب تجاه السلطات كما يحصل في العراق، حتى وصف الامر بأنه "سابقة قضائية في لبنان".
سلامة الذي تولى حكم مصرف لبنان منذ عام 1993 وحتى يوليو 2023، أي لمدة 30 عاما، يعد من الشخصيات التي يمكن ان توصف بـ"الخطوط الحمر"، حيث تتم محاكمته الان على تهم "سرقة أموال عامة، والإثراء غير المشروع، وتبييض الأموال، والتهرب الضريبي"، فيما يتم تحميله مسؤولية الازمة المالية في لبنان، وضياع أموال المودعين اللبنانيين في المصارف.
وبالرغم من الشكوك حول جدية المضي قدما بمحاكمة سلامة، الا ان توقيف شخصية بهذا الحجم، فتح إعادة النقاش في الأوساط العراقية عن "النهايات السعيدة والممكنة" في ملف خصومة الشعوب مع السلاطين وسراق المال العام، وترقب لتكرار هذا المشهد في العراق، فلبنان التي تشبه العراق في الكثير، تجعل احتمالية ان تواجه شخصيات كبيرة في العراق المصير ذاته، خصوصًا مع التقلبات المرحلية والزمنية في البلدان غير المستقرة، والمحكومة حتما بالتزامات دولية مع العالم الخارجي.
تبلغ أموال تهمة سلامة 41 مليون دولار يتهم بأنه استولى عليها، وعند مقارنة هذا الرقم مع حجم أموال الفساد في العراق، يتضح بأنه لايساوي شيئًا، فالتقديرات تشير الى ان أموال الفساد التي خسرها العراق تتراوح بين 250 و450 مليار دولار، من بينها اكثر من 150 مليار دولار جرى تهريبها الى الخارج.
ويطرح العراقيون تساؤلاتهم وامالهم بتكرار مشهد اعتقال سلامة في لبنان، على شخصيات من الصفوف الكبرى في العراق اسوة بسلامة، فضلا عن تساؤلات عما اذا كان السياسيون في العراق والرموز الأخرى ستستفيد من الدرس ومحاولة تجنب مصير سلامة.
https://telegram.me/buratha