أثارت الأسلحة والأعتدة المدفونة في ساحات المدارس ورياض الأطفال والتي عثرت عليها القوات الأمنية خلال عملية بشائر السلام العسكرية في محافظة ميسان قلق الميسانيين على أبنائهم، وقال أحد ساكنيها : بدلا من زرع الشتلات في ساحات المدارس ورياض الأطفال، قاموا بزرع العبوات الناسفة.
وذكر المواطن عبد الرضا علي لدى مقارنته بين ما تفعله العناصر الخارجة على القانون، وما تخطط له الجهات المعنية لزرع مليون شتلة في الطرق وقرب الأسواق والمدارس الرئيسة أن "البعض يروم تحويل مشروع زراعة الشتلات إلى زراعة العبوات في الأماكن التي كان يخطط لها أن تتحول إلى رمز للسلام والمحبة".واعتبر علي أن هذا البعض "يأبى إلا أن تعيش العمارة في فقر وبؤس وحرمان، كما كانت في زمن النظام السابق".
أما معلمة روضة الأطفال زهور عبد الحسين، فترى أن "ظاهرة تحويل ساحات رياض الأطفال والمدارس إلى مخازن للعتاد يشكل ظاهرة خطيرة لأن دفن هذه المواد الخطيرة يكون عشوائيا وغير منظما ويجري ليلا في أغلب الأوقات". وأوضحت لـ (أصوات العراق) انه خلال عمليات التفتيش التي قامت بها القوات الأمنية "وجد كدس من الأسلحة مدفون في ساحة العاب الأطفال وقريباً من ألعابهم، ليصبح هذا المكان بين ليلة وضحاها، مرعباً سواء للمعلمات أم الأطفال، لأن عملية إخراج الأسلحة التي لا نعرف حتى أسمائها جرت على مرأى من الجميع، وكان من بينها متفجرات وصواعق". وتساءلت بهلع "لماذا اختارت المجاميع المسلحة هذه الساحات على الرغم من وجود أماكن متروكة بالقرب من الروضة؟ وكيف يكون مصير الأطفال والملاك التعليمي عندما يتسبب حادث ما إلى انفجار الكدس؟". واستدركت، أن "هذا المنظر يذكرني بحادث انفجار إحدى الأكداس خلال الحرب العراقية الإيرانية، وكيف تساقطت الصواريخ على البيوت الآمنة وأصبحت مدينة العمارة ساحة حرب".
وبحسب المسؤولين المشرفين على سير العملية، فإن كميات الأسلحة والذخائر التي عثر عليها في المحافظة فاقت ما هو موجود لدى القوات المشتركة من الشرطة والجيش، وتنوعت هذه الأسلحة من حيث الحداثة فقد كانت معظمها غير مستعملة وداخل صناديق ومدفونة في أماكن بعيدة عن الشبهات كساحات المدارس ورياض الأطفال والأسواق.
إلى ذلك، قال مدير احدى المدارس "فوجئت عندما أخبرتني القوات الأمنية بوجود أسلحة مدفونة في ساحة المدرسة التي يقوم بحراستها ثلاثة حراس أمنيين، فضلا عن حارس المدرسة الذي يسكن في داخل المدرسة قريباً من الساحة". ويضيف محمد احمد حسين أنها "سابقة خطيرة أن تتحول ساحات المدارس التي يلعب فيها الطلبة إلى مخازن تدفن فيها الأسلحة والذخائر والمتفجرات سريعة الانفجار".
من جهته، اعتبر الإعلامي علي عبد الحسين أن "ما يحدث في محافظة ميسان، وما تتناوله وكالات الأنباء من أخبار عن العثور عن مصانع للعبوات الناسفة اللاصقة والذكية، يحز بالنفس، فبدل أن نطور مصانعنا الشبه متوقفة يتم التوجه إلى بناء مصانع هدفها قتل الأبرياء وإشاعة عدم الاستقرار في المحافظة".
وبشأن سير عمليات التفتيش وما رافقها من انتهاكات، قال أحد أصحاب مصانع الحلويات في منطقة حي المعلمين القديم، إن "الإعلام لم يسلط الضوء على بعض الانتهاكات التي حدثت أثناء التفتيش والمداهمات بسبب عدم وجود أي قناة فضائية أو مراسل صحفي يرافق عمليات التفتيش". وأضاف علي عبد الرضا أن القوات المشتركة "قامت بتفتيش المصنع العائد لي، فصادرت بندقية ومسدسا، وقامت بضرب واعتقال سبعة من العمال بطريقة مهينة، وبعد ساعتين من اعتقالهم، تم إطلاق سراحهم وهم في حاله يرثى لها".
أما المواطن شاكر حاتم من منطقة عواشة، فاعتبر أن الخروقات التي حدثت أثناء عمليات التفتيش "طبيعية بالمقارنة مع حجم القوات التي شاركت في عمليات بشائر السلام". ويضيف "تم تفتيش بيتي تفتيشا دقيقا وكانت تصرفات المفرزة (الشرطة) طبيعية جدا وولدت الارتياح لدى إفراد العائلة ولم يقتصر الأمر معي بل تعداه إلى بقية الجيران".
من جهتها، طالبت الموظفة أم علي القوات المشتركة "بالإسراع بفتح جسر الجمهورية أمام المركبات لتخفيف الازدحام الحاصل في الشوارع الرئيسة الذي ألقى بظلاله على حياة المواطن الميساني ومنهم موظفي الدوائر الحكومية". وتضيف لـ(أصوات العراق) "إنني اخرج إلى الدوام في الساعة السابعة صباحا واصل إلى دائرتي في الثامنة والنصف أي ساعة ونصف تأخير بينما يتطلب ذلك في الأيام الاعتيادية 15 دقيقة".
من جهته قال قائد القوات البرية الفريق علي غيدان لـ(أصوات العراق) إن "هناك انتهاكات رافقت عمليات بشائر السلام ولكنها محدودة جدا وفردية لأن العملية واسعة جدا وشارك فيها عدد كبير من القوات العسكرية ومن مختلف الصنوف". وأضاف أن "القوات المشتركة سبق وان أعلنت عن تخصيص أربعة خطوط هاتفية في جميع وسائل الإعلام، للإخبار عن الانتهاكات التي تحدث أثناء التفتيش والمداهمات"، لافتا إلى أن "الأسلحة التي سلمت إلى القوات المشتركة هي ضئيلة جدا إذا ما قورنت بالكميات التي تم العثور عليها، بل وتكاد لا تذكر، وهذا ينطبق أيضا على العدد الضئيل من الذين سلموا أنفسهم".
وأشار غيدان إلى أن كميات الأسلحة التي تم العثور عليها من قبل تلك القوات تكفي لتسليح فرقة عسكرية بأكملها وهذا ما يميز عمليات (بشائر السلام) عن باقي العمليات التي طبقت فيها خطة فرض القانون، على الرغم من أن العمليات لم تشهد إطلاق رصاصة واحدة". وتابع أن "هناك أسلحة متطورة تم العثور عليها ومنها صاروخ 240 ملم بعيد المدى وهو ثاني صاروخ يعثر عليه بعد العثور على مثل هذا الصاروخ في مدينة البصرة، وكذلك العثور على مصنع متطور للعبوات الذكية واللاصقة".
ويرى رئيس مجلس الأعيان عبد الكريم المحمداوي أن محافظة ميسان "أصبحت بعد سقوط النظام السابق ترسانة للأسلحة لسببين أولهما أن جميع الأسلحة الموجودة في مخازن الفيلق الرابع والتي قدرت في ذلك الوقت بمليون قطعة سلاح، أصبحت بحوزة المواطن، وكذلك ضعف السيطرة الأمنية على منفذ الشيب الحدودي ما جعله ساحة للتبادل التجاري".
وأضاف المحمداوي لـ(أصوات العراق) أن عمليات فرض القانون "يجب أن لا تقتصر على عمليات الدهم والتفتيش بل تشمل كذلك إزالة التجاوزات على أملاك الدولة ومحاسبة المتورطين في قضايا الفساد الإداري فضلا عن توفير فرص عمل لمواطني المحافظة" التي يبعد مركزها مسافة 390 كم جنوب العاصمة بغداد.وطالب المحمداوي الحكومة العراقية "بتخصيص بعض المبالغ للاعمار كما حصل عند تطبيق خطة فرض القانون في محافظتي البصرة والموصل"، منوهاً إلى أنها ينبغي "أن تكون متزامنة مع عمليات بشائر السلام والإشراف على المشاريع التي توقفت بعد بدء عمليات بشائر السلام".
https://telegram.me/buratha