التقارير

مشاهد الزيارة الأربعينية  وذاكرة آذار2003 القوات الأمنية بين اليوم والأمس

969 2023-09-05

 

 

د.أمل الأسدي

 

في صباح يوم الاثنين17/ 3/ 2003  وفي الطريق إلی كراج باب المعظم في بغداد الجديدة، كانت الوجوه مصفرةً، تخفي خوفها مما تشاهده، وتكتم أملها بحذرٍ شديد، كانت الأرض ترتجف، بغداد تموج بالمسلحين ورجال الأمن،  هم في حال تأهب قصوی، يقولون: إنه يوم (الممارسة الأمنية)استعدادا للتهديدات الأمريـكية.

 كان اليوم طويلا، الناس تمشي بلا عقل، فالخوف يركض خلفها بفمٍ مفتوح!!

وهذه سيارات الفدائيين المسلحة، بزيهم الأسود المخيف تقف قرب المدارس وبين المنازل ،  وهناك رجل مسن يمشي، فطار منه دعاؤه قائلا: سترك ربي راح تصير حرب شوارع يمكن!!

في هذا اليوم استمرت القناة الفضائية العراقية ببث الأغاني والأهازيج من الثكنات العسكرية وأماكن تجمع البعثية، فيتابع الناس بصمت وترقب وأنفاس متسارعة، ويشاهدهم الجمهور وهم يتقافزون:

 مانريد الخبز والماي

 بس سالم ابو عداي

 

ومجموعة أخری" اتهوس" بسخرية:

بوش المايتبوش

دسنا كلچ وبوشناه

ومجموعة من الماجدات يرددن الأهازيج وتعلو" الهلاهل" معها ويرفعن البندقيات والمسدسات ويرددن:

هاي الماجده

كل العزم بيها

 

وتتحدث أخری عن فرقة اليمامة قائلة:

ماجدات فرقة اليمامة تعاهد الرئيس القائد حفظه الله ورعاه أن تكون الماجدة دائما فداءً للقائد وللمسيرة وللوطن وما يهمها كل هذا اليصير ، وان شاء الله ننتصر ونحتفل بالانتصار العظيم" 

وبعد كل هذه المظاهر وما إن سمعنا دوي الانفجارات بعد يومين؛ فرغت الشوارع الرئيسة وامتلأت الفروع بالبعثية والفدائيين، كانوا يخلعون ملابسهم العسكرية وزيهم ويرتدون الملابس المدنية، ويرمون أسلحتهم ويفرون بين المنازل!!

اختفی طقم الزيتوني والشارب الكثيف معلنا هزيمته، فروا خائفين، تلاحقهم أنفاس الضحايا، تلاحقهم الوجوه المصفرة خوفا، والأجساد النحيلة من الجوع وآلام الفقد!!

 

كل ذلك؛ تحتفظ به الذاكرة، وقد استدعته أيام الزيارة الأربعينية، حيث تنتشر القوات الأمنية بكل صنوفها ورجال المرور منهم، إنها ممارسة أمنية؛ ولكنها بنكهة أخری!!

ممارسةٌ أمنية حسينية، تحركها المحبة ويقودها الواجب المقدس الذي يقتضي حماية الشعب، والحرص علی هويته، حماية الدستور الذي يقر بهوية الشعب الغالبة، ويقر بحرية الممارسات الدينية وتأدية الشعائر.

 

فالقوات  الأمنية اليوم للوطن كله، بينما القوات في عهد النظام البائد؛ كانت للقائد الضرورة، كان ولاؤها للحزب الحاكم وليس للحق، ليس للشعب!!

فلا تستطيع وأنت تمشي في بغداد أيام الزيارة الأربعينية وغيرها من الزيارات؛ لاتستطيع إلا أن تنثر دموعك، وتقف وقفة احترامٍ وشكرٍ لتلك الوجوه،  الوجوه التي لاتكتفي بحماية الناس والحشود المليونية القادمة من شتی بقاع الأرض؛ بل تجدهم يسهمون في خدمة الزائرين، يمشون معهم وبينهم، يوزعون الماء عليهم، يلاطفون الصغار، ويسلمون علی الكبار، ويرحبون بالضيوف!!

وما أحلی كلماتهم: شلونچ يمه

الله يساعدهم

گواهم الله

هلا بالزاير

بالچ خيتي

 فشتان مابين أن تكون القوات الأمنية في خدمة الشعب والحفاظ علی هويته وشرف أبنائه، وأن تكون ضد الشعب وضد هويته، ضد أبنائه!!

فرقٌ شاسع بين :  أن يوقف الشرطي السيارات ليعبر الزوار قائلا: اتفضل يازاير، اعبري يابة!

اعبري يمه!

 

وأن يوقف الشرطي السيارة قائلا: امين جايين وين رايحين؟ رايحين للزيارة بس؟ غربة لو گرايب؟

طلعوا هوياتكم!

الماعنده هوية ينزل!!

وإذا وجدوا كتب مفاتيح الجنان والكاسيت الحسيني في السيارة يصرخون:

 يله نزلوا...كلكم تنزلون، العوائل توگف هين والشباب هين!!

وكثيرا ما يغادر الشباب مع هذه النزلة، مغادرةً طويلة،أقلها سنة، وأكثرها رحيل أبدي إلی الآخرة!!

إذن؛ هل تدركون ـ الآن ـ تجليات الزياة الأربعينية؟

فمن تجلياتها: الصورة المثالية للقوات الأمنية، فشكرا لأبي عبد الله الحسين، إمام المحبة العالمية الإنسانية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك