لا يزال التلاسن بين الولايات المتحدة والصين مستمرًّا على وقع أزمة "المناطيد"، إذ ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن شتى وسائل الإعلام الصينية الرسمية قد سخرت، الثلاثاء، من رد فعل واشنطن "المبالغ" تجاه المنطاد الصيني وإسقاطه بالقوة المفرطة، معتبرة الحادث "علامة على تراجع قوة الولايات المتحدة".
وقالت الصحيفة الأمريكية إنه في حين أن الكثيرين في العالم يرون منطاد "التجسس" الصيني كعلامة على عدوانية بكين المتزايدة، تعمدت بكين أمس تجاهل مزاعم اتهامات التجسس الأمريكية.
واعتبرت، في المقابل، أن "رد الفعل المبالغ فيه" لواشنطن هو أحد أعراض الانقسام السياسي في البلاد وضعف إدارة بايدن.
وعلى سبيل المثال، نقلت "نيويورك تايمز" عن تقرير نشرته صحيفة "الشعب اليومية"، وهي المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي الحاكم، قوله: "لماذا تخاف قوة عظمى من مركبة واهية قابلة للنفخ؟ هل ذلك بسبب مجموعة من الأزمات الداخلية والصراع الحزبي المستعصي الذي يدفع بايدن إلى التصرف بعدوانية ضد بكين؟".
ورأت "نيويورك تايمز" أن مثل هذه التقارير تعكس إلى أي مدى تغيرت لهجة بكين تجاه واشنطن. وقالت إن الدعاية الصينية حاولت رصد نقاط الضعف لدى إدارة بايدن، "بل وأنها استهزأت بها ووصفتها بأنها تخفق، وتبالغ في رد فعلها وتحاول الالتفاف على خصومها الجمهوريين اليمينيين المتشددين لإظهار من يمكنه الوقوف بشكل أقوى ضد بكين."
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين سعت أمس لإثبات أنها قد تجاوزت الحادث بالفعل، حيث وجهت وسائل إعلامها إلى التركيز على مصالح الدولة الإستراتيجية في أماكن أخرى من العالم.
وفضلاً عن المنطاد الصيني الذي أسقطه الجيش الأمريكي فوق المحيط الأطلسي قبل عشرة أيام، اشتدت التوترات بين واشنطن وبكين خلال الأيام الثلاثة الماضية، حيث أسقطت الولايات المتحدة ثلاثة أجسام طائرة مجهولة فوق أمريكا الشمالية، في حين أعلنت الصين أنها ستسقط مركبة غامضة بالقرب من بحر بوهاي.
وأشارت الصحيفة إلى أن العالم يعيش الآن "لحظة من سياسة حافة الهاوية الجيوسياسية" وسط مخاوف عميقة بشأن مسار العلاقة بين القوتين العظميين التي باتت في أدنى مستوياتها منذ عقود. وقالت إنه في ضوء هذا القلق، توجد أسئلة حول قدرة قيادة كل بلد على إدارة المشاعر القومية وتوجيه القوتين بعيدًا عن مسار التصادم.
وذكرت الصحيفة أنه بصفته الزعيم القومي الأكثر حماسة في الصين منذ أجيال، لا يمكن رؤية الرئيس، شي جين بينغ، وهو يخضع للضغط الأمريكي دون تقويض وعده الأساس للشعب الصيني بإعادة إحياء الأمة، وهو مشروع يضعه في إطار حضاري مع صعود الشرق وتراجع الغرب.
وفي هذا الشأن، نقلت الصحيفة عن شينغ يو، أستاذ العلاقات الدولية بـ"جامعة تسينغهوا" في بكين، قوله إنه بسبب الدعاية في السنوات الأخيرة، ليس من الممكن للصين تقديم تنازلات أو الاعتذار للولايات المتحدة، مشددًا: "لا يمكن للشعب الصيني قبول موقف ضعيف من حكومته".
وقالت الصحيفة إنه بالرغم من حجم التوترات وموقف الحزبين المتشدد تجاه بكين، ما زال هناك بريق من الأمل في إعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها. لكنها أضافت أنه يمكن أن تحدث نقطة اشتعال أخرى محتملة في الربيع، إذ من المتوقع أن يلتقي شي مع نظيره الروسي في موسكو
https://telegram.me/buratha