متابعة ـ شغاف كاظم الموسوي ||
لقد شاهد العالم كيف قام زعيم حزب “الخط المتشدد” اليميني المتطرف، السويدي الدنماركي راسموس بالودان، بإحراق نسخة من القران الكريم، في اطار تظاهرة أذنت بها الشرطة السويدية أمام سفارة تركيا يوم السبت الماضي.
اليميني المتطرف راسموس بالودان، حصل على تصريح بحرق نسخة من القران الكريم خلال التظاهرة، لذلك وفرت له الشرطة السويدية حماية مشددة، ومنعت اقتراب أي أحد منه أثناء ارتكابه العمل المشين والاستفزازي.
هذه ليست المرة الاولى التي يقوم بها المتطرف بالودان بمثل هذ الفعل الشنيع، ففي نيسان/أبريل من عام 2022، أثار إعلانه القيام “بجولة” في السويد لزيارة الأحياء التي تقطنها نسبة عالية من المسلمين، لإحراق نسخ من القران الكريم فيها، احتجاجات عارمة في مختلف أنحاء السويد.
هناك من يعتبر بالودان هذا، ليس سوى شخص مختل عقليا، ولكن حتى لو افترضنا انه صحيح، ولكن الصحيح ايضا، ان هناك جهات تستغله لاهدافها التي باتت مكشوفة، وهي استفزاز المسلمين في اوروبا، وهذا الامر بحد ذاته يتطلب من السلطات السويدية، الا تتعامل مع هذ الشخص في سياق ما تعتبره حرية تعبير، فإي حرية تعبير تلك التي تدفع هذا المتطرف ان يقوم ب”جولة” على الاحياء السكنية في السويد والتي تقطنها غالبية مسلمة، لحرق اقدس كتبهم، بهدف بث الكراهية في النفوس ، وتحريض الموطنين على بعضهم البعض؟!.
اللافت ان رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، وبدلا من يصف هذا الفعل الشنيع بما يستحقه، نراه يزيد الطين بلة، عندما قال : أن “حرية التعبير هي جزء أساسي من الديموقراطية. لكن ما هو قانوني ليس بالضرورة أن يكون مناسبا”، اي ان ما فعل المتعصب بالودان بانه “قانوني”، الا انه لم يكن “مناسبا”!!.
واللافت ايضا، هي تصريحات وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستورم على تويتر، والتي حاول من خلالها ان يبرىء ساحة الحكومة من الجريمة النكراء بقوله:”أن السماح بتنظيم التظاهرة لا يعني أن الحكومة تؤيدها”، وهو تصريح يتناقض كليا مع الحقيقة، فالحكومة تعرف بالودان جيدا، وتعرف نواياه، والجهات التي تحركه، وكانت تعرف مسبقا انه يريد تنفيذ جريمة حرق القران، لذلك وفرت له الحماية وبشكل مكثف.
كان من الحكمة ان تمنع السلطات السويدية هذا الارعن من ارتكاب جريمته، وتهديد السلم المجتمعي في السويد، لا ان تتعامل معه وكانه كان يلقي خطابا، إستوجب ان توفر له الحماية، انطلاقا من ذريعة حرية التعبير. فهذه الجريمة لا تمت باي صلة لحرية التعبير، فحرق الكتب، مقدسة كانت ام غير مقدسة، هي جريمة بربرية تؤكد على عجز وضعف منفذيها، فجريمة حرق الكتب هو من “تراث” النازية والفاشية، واصحاب العقائد المتطرفة والمتعصبة.
السلطات السويدية تعلم جيدا ان الجهات التي تحرك بالودن وغيره من المعتوهين، تهدف الى استفزاز مجاميع بعينها، تتواجد في اي مجتمع، لتأجيج نار الكراهية بين اتباع الديانات، لتحقيق اهداف سياسية معينة. فإي فائدة يمكن ان يجنيها المجتمع السويدي، من وراء انتشار العداء والكراهية بين افراده؟.
ان ذريعة حرية التعبير، لم تعد مقنعة، لاسيما ان المجتمع السويدي، يقمع وبقسوة، كل صوت يمكن ان يقدم رواية مختلفة عن الرواية الرسمية للهولوكوست، لذلك ليس امام السلطات السويدية من وسيلة للحفاظ على امن واستقرار المجتمع السويدي، الا بمنع هذه الدمي، من امثال بالودان، من العبث بحياة الاخرين، فالمجتمعات الانسانية لا تدوم الا بإعلاء قيم التسامح والتعايش السلمي، واحترام الآخر وحرية المعتقد وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha