التقارير

العالم ما بعد أوكرانيا؛ الأسد الجريح أو الذئب الجريح..ايهما الأجدى؟!


علي عنبر السعدي ||

 

- وجد العرب عزاءهم – هناك من هم أكثر طاعة .

في التكتيكات العسكرية  ، يتعلم المتدربون على اسلوبين في القتال : الأسد الجريح ،فالأسد حينما يصاب بجرح ،يستمر في التقدم تجاه خصمه ببطء ، وعينه مركزاً على الخصم ،وكلما تقدم خطوة  يوجه ضربة ،الى أن يصل هدفه – أو يموت .

أما الذئب الجريح ،فينسحب من المعركة لينزوي في مكان آمن ، كي يلعق جراحه ، ويبقى وحيداً حتى لاتها جمه الذئاب الأخرى .

المعركة الدائرة في أوكرانيا – تشابه  هذين الاسلوبين – فبوتين الروسي يستخدم اسلوب الأسد الجريح ، يستثمر تقدمه البطيء ويحسب خطواته ، لكن عينه تبقى راصدة لخصمه الأكبر – أمريكا وأوربا – حيث الاثنان دخلاً واقعاً بسلوك "الذئب الجريح - .

حتى قبل بدء المعارك ،كانت أنظمة العرب ،تبدو هي الأكثر طاعة والتصاقاً بالإرادة الأمريكية ،فينفذون كل ما تطلبه  منهم – بقناعة أم على مضض – وقد اصبح ذلك من بداهات السياسة وثابتها ، صحيح ان هناك دولاً أخرى تشارك العرب في هذه الميزة ، لكنهم الوحيدون  الذين لايستطيعون ابداء التذمر ويجبرون على دفع اموال طائلة لحمايتهم – حسب تصريحات ترامب أيام حكمه - .

لكن حرب أوكرانيا ،أظهرت ان الاوربيين ، لايقلّون عن العرب في موضوع الطاعة - بل وزادوا عليهم - لان وضعهم قد يكون أخطر وأدق ، فهم محاصرون بين أسد يتقدم ببطء لكن بثبات – ونسر سابق تحول ذئباً يعتاش على قطعانهم ،لكن لاضمانة الا ينسحب اذا اصيب بجرح كبير .

باستطاعة بوتين ان يغامر حتى بحرب نووية – رغم فظاعتها – فبلاده الشاسعة – 17 مليون كم2- غير مكتظة بالسكان (140 مليون نسمة)  تستطيع النهوض مجدداً ، وان دمرت مدنها ، أما اوربا ذات المساحات الضيقة  نسبياً ، والكثافة السكانية العالية (أكثر من 500 مليون نسمة- في 27 دولة وبمساحة 4 مليون و300 ألف كم2)   فلن يبقى لها وجود ان وقعت حرب كهذه ، وستكون مساحاتها ملوثة بالإشعاع وغير صالحة للعيش .

أمريكا بدورها ذات مساحة محدودة قياساً بروسيا (9 مليون كم2) لكنها تفوق روسيا كثافة بما يقرب من ثلاثة اضعاف (400 مليون نسمة ) وهذا يعني ان سلة الأهداف في أمريكا واوربا ،ستسير وفق معادلة (قنابل أقل ضحايا أكثر) ما يعني قدرة روسيا على رد الضربة بضربة مضادة ،حتى لو تعرضت للضربة الاولى – الأمريكية /الأوربية –.

الحسابات هنا ان كانت روسيا وحدها ،في مقابل أوربا وأمريكا ، وهي بمجملها 3  دول تمتلك السلاح النووي – أمريكا – بريطانيا – فرنسا – لكن لايمكن للمعسكر الغربي ضمان عدم تدخل الصين وكوريا الشمالية ، الى جانب روسيا ،أو السماح لها بخزن اسلحتها الاستراتيجية المخصصة للرد المضاد ، كذلك لايمكن الاستبعاد الكلي للهند وباكستان ، والى جانب اي المعسكرين سيميلان  – وان لم يدخلا الحرب مباشرة – لكن موقفيهما سيكون مؤثراً  ، واضعاف أمريكا والغرب ، قد يكون لصالحهما .

 الخلاصة  :تبدو أمريكا وكأنها فضلت استخدام اسلوب الذئب الجريح ، في أكثر من منطقة ، لكن سيبقى عواؤها يقلق خصومها ،ويطمئن اصدقاءها ، وبالتالي فأمام (الأسد الجريح ) مسافات طويلة ومعارك قاسية – سياسية واقتصادية وعسكرية – عليه خوضها ، كي يصل الى جعل الذئب يغادر الساحة .

أما العرب ، فربما هي المرة الوحيدة في التاريخ ، التي يجدون أنفسهم في موقع آمن نسبياً ، اذ تكفيهم المناورة غير المتصادمة ، للحفاظ على رؤوسهم ،انتظاراً لما يظهره المستقبل

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك