التقارير

الحراك التركي-الخليجي الاسرائيلي: تنافس مع النفوذ الايراني وملئ الفراغ الامريكي 


د.جواد الهنداوي .*||                                    هو تنافس على تَرِكة امريكا في المنطقة ،هو تنافس على النفوذ في المنطقة وعلى مساحة الفراغ السياسي ، الذي ( و اقصد الفراغ ) حدثَ  وسيتفاقم جرّاء خروج امريكا من المنطقة .         هذا التنافس هو الذي يفسّر التحّولات و التحرّكات السياسيّة التي تعيشها دول المنطقة ،ومنها التوجّه و الانفتاح التركي نحو المملكة العربية السعودية ونحو مصر وكذلك تجاه الامارات ، وهو ايضاً يُفّسر اللقاءات والقمم العربية الاسرائيلية ، والتي انعقدت في شرم الشيخ وفي النقب .          ادركّت الآن دول المنطقة ، وخاصة تلك التي امنها جزءٌ من الامن القومي الامريكي ، واقصد الدول الخليجية وكذلك الكيان الاسرائيلي ،حقيقتّين ؛ الاولى هو نفوذ ايران وقدراتها  في المنطقة، والحقيقة الثانية هو انحسار الدور الامريكي من المنطقة ، وتفرغها للشأن الروسي و الصيني .        للقاءات التركية الخليجية الاسرائلية اهداف اقتصادية و اخرى ، ولكن صُلبها و جوهرها هو التجمّع ، رغم بعض الخلافات ، حول مشترك واحد وهو خلق توازن  سياسي وعسكري مع قوّة ايران الاقليمية و الدولية ؛ قوّة تستمدُ معينها من مصدريّن : الاول هو قدرات ايران في جغرافيتها و مورادها الطبيعية و البشرية و ما حققّته من تطورات  واستقرار سياسي رغم العقوبات و التحديات الاقتصادية الكبيرة ،والمصدر الثاني ،والذي لا يقل اهمية من الاول هو علاقات ايران الاستراتيجية مع روسيا و مع الصين . وهي علاقات في درجة تحالف استراتيجي مع قوى صاعدة وفي طريقها نحو الهيمنة على العالم اقتصادياً و سياسياً ،بخلاف امريكا ،و التي تواجه تدهور ذاتي و تذمّر اصدقائها وحلفائها في المنطقة .       من الخطأ الظّن بأنَّ هدف الحراك التركي السعودي او الخليجي الاسرائيلي هو مواجهة ايران او مسعى لعدائها ، الهدف هو ،كما ذكرت اعلاه ، هو خلق حالة من التوازن في المنطقة ؛ و النوايا في المواجهة والعداء هي غير النوايا في ايجاد توازن في العلاقة لغرض العيش المشترك رغم الاختلاف و الخلاف .     ليس لاطراف  الحراك التركي و الخليجي ، و لا لايران ايّة مصلحة في المواجه و الاستعداء ، جميعهم يدركون هذه الحقيقة ، بل ويعملون على ترسيخها ، ولربما اطراف الحراك ( تركيا و الامارات ) يكبحون عدوانية الكيان الاسرائيلي تجاه ايران ،حرصاً على امن و مصالح الامارات و الخليج بصورة عامة .     ما يهّمُ تركيا في الوقت الحاضر هو الحفاظ على نظامها السياسي و الاقتصادي و النقدي من التصدّع و الانهيار ، وحرص الرئيس اوردغان على الاستمرار في قيادة تركيا .لم  يعُدْ نفوذ تركيا في المنطقة ، و لا الاخوان المسلمين ، و لا حركة حماس و فلسطين من أولويات الرئيس اوردغان ،و خاصة بعد فشل الرهان على مرحلة الربيع العربي وعلى الجماعات المسلحة و الارهابية وعلى نهج تغيير النظام في سوريا .     تحاول تركيا اليوم ،من خلال سعيها لاعادة العلاقات مع الامارات و مع السعودية و مع مصر ، وبشروط تلك الدول ، وخاصة مصر ، الى الخروج اقتصادياً و سياسياً من عنق الزجاجة . وتحاول ايضاً العودة الى تطبيق مبدأ " تصفير المشاكل " ، والذي تبناه وزير خارجية تركيا الاسبق ، قبل اكثر من عقد من الزمن ،لكن دون تطبيقه .  ابتدأت تركيا في نهج تحسين علاقاتها مع الامارات والسعودية و مصر و الكيان المحتل قبل سوريا لسببيّن ؛ الاول هو حاجة تركيا لتلك الدول حاجة اقتصادية و سياسيّة ، و السبب الثاني هو حجم وتشّعب الاشتباك التركي السوري ،مما يتطلب امر حلّ عقدهِ وقتاً وجهداً . و لا نعلم فيما اذا دولة الامارات العربية المتحدة او جمهورية مصر العربية قد طلبت من تركيا انسحابها من الاراضي السورية او احترام سيادة الدولة السوريّة ،او على الاقل ، بدء تركيا بعض الاجراءات الدالّة على توجّه حقيقي للانسحاب من سوريا و احترام السيادة السوريّة .     تشعرُ دول الحراك التركي الخليجي الاسرائيلي ' وخاصة اسرائيل ، انها " أُخذتْ على حين غرّة " ، و خسرت وقتاً طويلاً في الرهان على السُّلمْ الامريكي من اجل تحجيم دور ونفوذ وقدرة ايران ، و اذا بهذه الدول تجدُ ايران تحافظ ( ان لم نقلْ تضاعف ) على قدراتها و على تطوير علاقاتها مع الامارات ومع تركيا وتشرعُ في علاقاتها مع المملكة العربية السعودية ،وحتى مع امريكا       أنسحاب امريكا سياسياً من المنطقة وتدوير بوصلة اهتماماتها نحو الصين و اسيا و روسيا ، وعوامل اخرى ،جميعها ستساهم في استتاب امن و استقرار المنطقة و سيُحدُ من غطرسة وعنجهيّة اسرائيل وتهديداتها بالهجوم على ايران او على لبنان .      و العلاقات الاسرائيلية التركية والخليجية و العربية ( مصر ،الاردن ،المغرب ) ستكون بمثابة غطاء سياسي و معنوي لاسرائيل بعد تعّريها عن غطائها الامريكي .    الحراك التركي الخليجي الاسرائيلي ليس لخلق ناتو شرق اوسطي او عربي ضّدَ ايران او لشّن حرب على ايران ، وانما لخلق توازن نفوذ مع ايران .    *سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي                       للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل                       في ٢٠٢٢/٤/٢.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك