التقارير

دراسة جديدة حول التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين

1537 2021-10-21

 

فهد الجبوري ||

 

مازالت معاهد ومراكز الدراسات العالمية والأمريكية تولي أهمية خاصة للعلاقات الأمريكية -الصينية ، ومستقبل هذه العلاقات في ظل تنامي حدة المنافسة الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين ، حتى أن بعض الباحثين وصل به الحد الى القول بأن الصدام العسكري قادم لامحالة بين القوتين الأكبر في العالم وذلك في ضوء معطيات التسابق بين البلدين في ميادين الاقتصاد وتكنلوجيا المعلومات والحرب السيبرانية والفضاء وبناء القوة العسكرية والأساطيل البحرية ، والتنافس على أسواق التجارة العالمية .

وفي هذا الصدد ، نشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره في واشنطن دراسة مهمة للباحث الأمريكي المعروف انتوني كوردسمان ، والذي يشغل منصب الرئيس الفخري لهذا المركز ، وخدم كمستشار لشؤون أفغانستان في وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين .

·        الدراسة نشرها المركز يوم ١٥ اكتوبر ٢٠٢١ وتحت هذا العنوان :

الصين ، آسيا والتغيير في الأهمية الاستراتيجية للخليج ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

فيما يلي ترجمة لأهم الفقرات التي وردت في الدراسة .

إن التغيير في التركيز الاستراتيجي للولايات المتحدة من محاربة الإرهاب في الشرق الأوسط ، وحروبها الطويلة في أفغانستان والعراق وسوريا ، الى التنافس مع الصين قد دفع نحو مستوى متصاعد من المواجهة وحروب محتملة في تايوان وفي بحر الصين الجنوبي ، وفي الوقت نفسه ، فإن الزيادات في الإنتاج المحلي الأمريكي من النفط والغاز الطبيعي قد جعل العديد يعتقدون أن الولايات المتحدة لم يعد يعنيها كثيرا قضية ضمان التدفق السلس لصادرات الطاقة من الخليج ومنطقة الشرق الأوسط .

ولكن توجد هناك أسباب جيدة لتحدي كلا الافتراضين ، فالولايات المتحدة لديها كل الحوافز لتفادي الحرب في تايوان وفي بحر الصين الجنوبي ، وكذلك تجنب المواجهة الواسعة مع الصين في منطقة تكون فيها بكين قادرة على أن تستخدم قواتها العسكرية بشكل أكثر فعالية .

إن الولايات المتحدة بحاجة أن تنظر الى ماوراء شرق المحيط الهادئ ، وتتعامل مع الصين على المستوى العالمي ، وتمارس عليها الضغط للتركيز على التعاون والتنافس السلمي بدلا من المواجهة والصراع .

وثانياً ، إن اعتماد الصين المتنامي على واردات النفط يجعلها أكثر عرضة للخطر بشكل مطرد لأي انقطاع أو نقص في تدفق كميات النفط التي تستوردها من الخليج وعبر المحيط الهندي ومضيق ملقا .

إن الشراكات الاستراتيجية لأمريكا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، وخصوصا في الخليج ، وضعف حركة النقل البحري في المحيط الهندي ومضيق ملقا ، يمنح الولايات المتحدة مصدرا أساسياً للتفوق الاستراتيجي ، والذي يمكن أن يعوض في جزء منه عن المزايا الجيوغرافية التي تتمتع بها الصين بالقرب من تايوان ومن بحر الصين الجنوبي ، وكذلك تمنح مصدرا أساسياً للاستقرار والأمن لشركائها ، ولضمان التدفق المستقر للنفط الى اليابان وكوريا الجنوبية ، والاقتصاد العالمي .

ان استراتيجية امريكا في التعامل مع بروز الصين كنظير منافس ينبغي أن يكون لها نفس التركيز الواسع ، مثل منافسة الصين للولايات المتحدة ، حيث أن توسع الصين كقوة عظمى هو على نطاق عالمي ، وليس مقتصرا على شرق المحيط الهادئ ، تايوان ، وبحر الصين الجنوبي .

إن الصين تسعى للتنافس المباشر مع الولايات المتحدة تقريبا في كل جوانب التطور العسكري والتكنولوجي ، وإنها تسعى لتطوير قدراتها وقوتها العالمية ، وتوسيع تأثيرها وسيطرتها في وسط آسيا والمحيط الهندي والبحر المتوسط والخليج والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا والقارة الأفريقية وأمريكا اللاتينية .

والصين لاتضع فاصلة بين جهودها العسكرية والمدنية وبرامجها الاقتصادية ( مبادرة الحزام والطريق )، وهي كلها ذات طابع استراتيجي ومصممة على أن تكون بشكل تنافس " المنطقة البيضاء " مع الولايات المتحدة .

إن جدية هذه المشاريع تشكل تهديدا للولايات المتحدة ، حيث إن قدرات الصين المتنامية تسير بإتجاه حرب " المنطقة الرمادية " ومستويات أعلى من الصراع .

وعلى العموم ، فإن الولايات المتحدة لايمكن أن تدع نفسها محاصرة في التركيز على مساحات التنافس العسكري المباشر مع الصين ، وفي المناطق التي تتمتع فيها الصين بمزايا أكبر من نواحي الموقع الجغرافي الاستراتيجي والقدرات القتالية .

إن الولايات المتحدة ربما تكون قادرة أو غير قادرة على تحدي الصين الى اجل غير مسمى في جهدها لضمان استقلال تايوان ، وحرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي ، ولكن حتى اليوم ، فإن الدراسات الأمريكية ، والمناورات الحربية وجدت بأن التفوق السابق لأمريكا قد تآكل على نحو شديد ، وإن الولايات المتحدة بالإمكان أن تخسر بعض سيناريوهات الحرب المحتملة .

وأذا ما أرادت الولايات المتحدة أن تردع الصين بنجاح وتجبرها على الدخول في منافسة وتعاون سلمي ، يكون لزاما عليها أن تتنافس على المستوى العالمي ، لأن مواجهة الصين من

خلال التهديد بمواجهه محليه سوف يكون أكثر كلفة حسب المعايير الدولية من الانتصار نفسه ، ويجب عليها ان تضاهي مزايا الصين أو تتفوق عليها من ناحية القوى التعويضية في شرق المحيط الهادئ ، مع وجود تفوق استراتيجي أمريكي في مناطق اخرى .

إن هذا يعني توظيف كل المزايا الأساسية في المنافسة السياسية والاقتصادية مع الصين ، وكذلك في المنافسة العسكرية .

وإن المنافسة في " المنطقة البيضاء " لاتعني استخدام الوسائل العسكرية  بالمعنى الحربي - ولكن كما توضح العقيدة الاستراتيجية الصينية المعتمدة حاليا بأن النصر يتحقق على نحو أفضل من خلال تفادي الحرب أو حصرها في نطاق ضيق . والاتكال على الوسائل العسكرية ليس فقط باهض الثمن من منظور انه يحقق الحد الأدنى من الفائدة في المجال المدني ، بل أنه

 يشكل مخاطر كبيرة على الاقتصاد الوطني بسبب التكاليف الباهضة للجهد العسكري وانفاق الأموال الطائلة عليه ، وتكلفة اي نزاع رئيسي على المسرح بالنسبة للولايات المتحدة وشركائها الاستراتيجيين ، والمخاطر التي قد تنجم ، وإن كان محدودا ، عن التصعيد نحو حرب نووية .

وثانياً ، إن الاعتماد المباشر للولايات المتحدة على واردات النفط من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد يكون قد تناقص الى الحد الذي تحقق فيه الولايات المتحدة تقريبا الاكتفاء الذاتي من النفط والغاز ، لكن ادارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA قد أوضحت أن فترة الاستقلال الأمريكي غير مؤكدة ، وتعتمد كثيرا على مدى نجاح برامج تطوير مصادر الطاقة المتجددة البديلة للوقود الأحفوري ، وهي البرامج التي ما زالت غير مؤكدة من نواحي حجم الإنتاج والأسعار وذلك في ضوء أزمة الطاقة الراهنة .

وعلى اية حال ، وما هو مهم اكثر من وجهة نظر استراتيجية ، هو ان توقعات الطاقة العالمية التي اصدرتها لجنة الطاقة الأمريكية في تقريرها حول الطاقة في العالم في اكتوبر ٢٠٢١ ، قد جعلتها واضحة بأن الصين وآسيا سوف يكون لها اعتماد متزايد بقوة على صادرات النفط من الشرق الأوسط والخليج والتي قد تستمر الى العام ٢٠٥٠ .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك