ترجمة فهد الجبوري ||
نشر موقع ميدل ايست آي Middle East Eye مقالة مهمة للصحفي والكاتب بيتر أوبورن Peter Oborne حول الحرب التي تقودها المملكة السعودية على اليمن ، والكوارث الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني جراء هذه الحرب الظالمة المستمرة منذ اكثر من ست سنوات ، مسلطا الضوءفيها على دور بريطانيا في هذه الحرب واستمرارها في بيع الأسلحة الى السعودية بالرغم من علمها أن هذه الأسلحة الفتاكة يجري استخدامها من قبل القوات السعودية في قصف المدنيين والمنشآت العامة في انتهاك صارخ للقانون الدولي ولقواعد الحرب .
وفيما يلي ترجمة للمقالة :
حرب اليمن : بريطانيا لا يمكنها أن تكون بائعة للسلاح وصانعه للسلام في الوقت نفسه .
لقد مضى اكثر من ست سنوات على الحرب التي تقودها السعودية في إطار تحالف عدد من البلدان العربية ضد اليمن ، ومنذ ذلك الحين ، قتل أكثر من ٢٣٠ الف مواطن يمني ، وأصبح ٢٤ مليون إنسان بحاجة الى المساعدات الإنسانية ، وأكثر من ١٣ مليون على حافة المجاعة.
وتقول الأمم المتحدة إن اليمن قد أصبح " الأزمة الإنسانية الأكبر ".
ومع وجود أسباب عديدة لمعاناة الشعب اليمني ، الا أن العامل الأكثر وضوحا وتدميرا هو القصف الذي تقوده السعودية على المدن والقرى والبنى التحتية والمستشفيات والأسواق .
ومنذ البداية ، ساندت الحكومة البريطانية تلك الهجمات المدمرة ، فقد أعلنت حكومة كاميرون تأييدها للملك سلمان عندما أعلن الحرب في مارس/آذار ٢٠١٥ ، وأكد في وقتها وزير الخارجية البريطاني السابق فيليب هاموند إن بريطانيا تدعم السعوديين بكل طريقة عملية ، ما عدا المشاركة في العمليات القتالية .
وبالرغم من توفر أدلة كثيرة على جرائم الحرب التي ارتكبت منذ ذلك الوقت ، دأبت بريطانيا على تكرار تأييدها بأنه لا يوجد دليل خطير على أن السعوديين قد انتهكوا القانون الدولي في اليمن .
وفي الحقيقة ، فإن بريطانيا كانت في طليعة من قدم الحماية الدبلوماسية للسعودية ، وقد منعت مبادرة كندية -هولندية طالبت بإجراء تحقيق مستقل في جرائم الحرب التي ارتكبت في اليمن .
ولكن لماذا بريطانيا ، وهي التي تتباهى باستمرار بأنها تدعم حقوق الإنسان ، تكون مستعدة لتحمل مثل هذا الضرر في مصداقيتها الدولية من خلال الدعم اللامشروط للسعودية في هذا الصراع الدامي ؟
أحد الأسباب القوية هو مبيعات السلاح ، ولدينا الآن دليل جديد على كيفية اندماج تجار الأسلحة بشكل دقيق في الآلة الدبلوماسية العسكرية البريطانية عندما يتعلق الأمر باليمن .
· اجتماع سري
وفي الشهر الماضي ، نشر موقع Declassified UK , وهو موقع جديد مثير للإعجاب تفاصيل عن اجتماع سري جرى بين مدير لشركة سلاح كبيرة ووزيري الدفاع والخارجية في يناير من عام ٢٠١٦ وذلك خلال ذروة القصف السعودي لليمن .
ولايتوفر تسجيل رسمي عن القضايا التي بحثت خلال الاجتماع الذي حضره وزير الدفاع السابق فيليب دون ، ووزير الخارجية توبيس ايلود.
وطبقا لموقع Declassified UK , لم يعلن أي من الوزيرين شيئا عن الاجتماع على سجلات الشفافية الإدارية للاجتماعات الخارجية حيث يطلب من الوزراء تسجيل الاتصالات مع تجار الأسلحة .
وبعد ستة أشهر من ذلك الاجتماع ، سافرت الى اليمن مندوبا لموقع MEE ، واكتشفت دليلا لايمكن دحضه وهو أن التحالف الذي تقوده السعودية والمدعوم من قبل بريطانيا كان يستهدف المدنيين اليمنيين وفي انتهاك صارخ لقواعد الحرب ، وقد شاهدت بعيني كيف يتم تدمير منازل اليمنيين بلا رحمة .
كما قال لي الأطباء أن الحصار الذي أضفت عليه الأمم المتحدة الشرعية يمنع وصول الأدوية والمعدات الطبية الى البلاد .
وبالرغم من التغيير الحاصل في المزاج العالمي إزاء الحرب في اليمن ، ومن ذلك تحركات الرئيس الأمريكي بايدن التي أوقفت مبيعات الأسلحة التي يمكن أن تستخدم في العمليات الهجومية ، وإيقاف تصدير السلاح الى السعودية من قبل إيطاليا وألمانيا ، الا أن بريطانيا وحتى هذا اليوم مازالت مستمرة في تصدير السلاح ودعم السعودية .
وفي هذه الأثناء ، تبقى الحرب مستعرة ، محدثة كوارث إنسانية لاتوصف ، ومع تزايد معدل سوءالتغذية الحاد وسط تفشي وباء كورونا في العالم ، فإن مشاريع الأمم المتحدة لعام ٢٠٢١ مفزعة وتبعث على الدهشة ، حيث يتعرض أكثر من ٤٠٠ ألف طفل تحت عمر الخمس سنوات بدرجة كبيرة الى خطر الموت جوعا ، فيما يتوقع أن تواجه حوالي ١،٢ مليون امرأة حامل أو مرضعة سوء تغذية شديد ، ومع كل ذلك أعلنت بريطانيا أنها خفضت مساعداتها الإنسانية لليمن للعام ٢٠٢١-٢٠٢٢ بأكثر من النصف ، بينما تستمر مبيعات السلاح بمليارات الباونات.
وقد وجهت منظمة OXFAM ، وهي اتحاد دولي للمنظمات الخيرية ، اتهاما للحكومة البريطانية بأنها تطيل من عمر الحرب اليمنية من خلال سماحها بتصدير معدات التزود بالوقود جوا والتي يمكن استخدامها لمساعدة السعودية بالقيام بالقصف العشوائي .
وإذا ما أراد المجتمع الدولي حقا تحقيق السلام في اليمن ، فإن الوقت قد حان لارسال رسالة الى بريطانيا : وهي إما ان توقف إرسال السلاح الى السعودية ، او تتخلى عن دور الحريص على السلام في اليمن .
إن الجمع بين الأمرين عمل غير اخلاقي وخطأ كبير وخيانة لكل شيئ تدعي بريطانيا أنها تدافع عنه في الساحة الدولية .
كاتب المقالة بيتر اوبرن هو صحافي وكاتب معروف متخصص بالشرق الأوسط ، عمل في صحيفة تيليغراف ديلي ، ولديه مؤلفات عدة منها:
* لماذا الغرب خاطئ حول برنامج ايران النووي
https://telegram.me/buratha