متابعة ـ عمار الجادر||
تقدّم حزب الليكود اليميني الصهيوني برئاسة بنيامين نتانياهو يوم الأربعاء 7 يوليو الماضي، بمشروع احتلالي جديد لاقتطاع أجزاء من الضفّة الغربية وضمها الى الأراضي المحتلة.
ورغم أن هذا المشروع بحسب ما رصده موقع "نورنيوز" ليس بالجديد في مضمار اتفاقية أوسلو التي تسمح للاحتلال بضم ما يصل إلى 30٪ من الضفة الغربية، بما في ذلك غور الأردن و130 مستوطنة يهودية، إلاّ أن المقاومة الفلسطينية لم توافق مطلقاً على هذا الاتفاق الذي تستند إليه تل أبيب لتنفيذ أطماعها الاحتلالية.
لم تكتفي فصائل المقاومة الفلسطينية بالتنديد والرفض لخطة الاحتلال وإنما حذّرت من تداعيات الخطّة، واعتبرت إقدام الكيان الصهيوني على ضمّ أجزاء من الضفة بمثابة إعلان حرب جديدة في الأراضي المحتلة لن تحمد عقباها.
وكان قد رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) المخطط الصهيوني، وأشار الى مواقف المسؤولين الأمريكيين في هذا الصدد، قائلاً: الحكومة الأمريكية أوصت نتنياهو بعدم تنفيذ الخطة، لأن الأوضاع غير مناسبة لتطبيقها، ومن الأفضل تأجيلها لوقت آخر.
كما كان للإتحاد الأوروبي ردّ فعل حاد على الخطوة الصهيونية، وهدّد بشكل صارم أنه في حال بدأت اسرائيل بتنفيذ مخطط الضمّ، سيعترف بدولة فلسطينية مستقلة، وسيبحث فرض عقوبات على الكيان الصهيوني.
ويحاول الاحتلال الاسرائيلي من خلال تنفيذ خطّة الضمّ المنبثقة عن مايعرف باتفاقية أوسلو تحقيق ما هو أبعد من ذلك، إذ يعتزم اقتطاع 30 بالمئة من الضفّة الغربية وتخصيصها لاستحداث مدن يسكنها الصهاينة، في حين يعارض غالبية السكان الصهاينة في الضفّة الغربية نسبة الـ30 بالمئة فقط، ويطالبون حكومتهم بضمّ 45 بالمئة من أراضي الضفّة.
من جهة، ونتيجة لتحذيرات وتوعدات المقاومة الفلسطينية والرفض الدولي الواسع لمشروع الضمّ الصهيوني، قرّر رئيس الوزراء الاسرائيلي "بينامين نتنياهو" تنفيذ الخطّة على مراحل تتناسب مع أهداف المشروع المزمع، لتجنّب الوقوع في صراع جديد داخل الأراضي المحتلة.
في هذه الأثناء، احتدم الخلاف بين الأحزاب السياسية في الاحتلال حول توقيت تنفيذ خطّة الضمّ، فإن كان زعيم حزب "أزرق أبيض" (بني غانتس) الذي توصل مؤخراً إلى اتفاق مع نتنياهو لإخراج النظام من المأزق السياسي وتشكيل الحكومة، من بين المعارضين لزمان تنفيذ الخطّة. لكنه قال: إن الخطة يجب أن تنفذ في الوقت المناسب ووفقاً لخطة القرن بالكامل.
فغالبية الأحزاب الصهيونية اليمينية تعارض حلّ الدولتين وترفض الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وهي التي تسعى إلى الضمّ الجزئي، وتقوم بوضع اتفاقية أوسلو تحت تصرفها لاستغلال إمكانياتها بغية استكمال المشروع الاحتلالي الصهيوني واغتصاب الأراضي الفلسطينية من سكانها.
أحد أبرز الأسباب التي تدفع أكثرية الأحزاب السياسية في اسرائيل لرفض تنفيذ خطّة الضمّ في هذا التوقيت، هو سدّ الطريق أمام انتهاز نتنياهو خطّة ضمّ الضفة إعلامياً وسياسياً لزيادة شعبيته.
علاوة على الأحزاب، كانت لدى أجهزة الاحتلال العسكرية والاستخباراتية والأمنية مواقفاً مماثلاً، إذ ترفض غالبية القيادات فيها توقيت تنفيذ الخطّة.
فالجيش والشاباك (جهاز الأمن العام الداخلي الصهيوني) يرون لزوم تنفيذ هذا المشروع على مراحل لتجنّب وقوع تصعيد خطير في الأراضي المحتلة، في حين يؤكد الموساد (جهاز الاستخبارات) على ضرورة تنفيذ المشروع بصورة كاملة.
ولم يتواني نتنياهو لاستغلال جميع الفرص المتاحة لتمرير الخطة في الكنيست (البرلمان) لينجو بنفسه من نفق الفساد الاقتصادي الذي ضيّق الخناق عليه هو وأسرته، وليعود إلى الظهور بقوّة في الانتخابات القادمة ويواصل حكمه كرئيساً للوزراء دون الحاجة إلى تحالف مع الأحزاب الأخرى.
على الرغم من أن تنفيذ خطّة الضمّ لن يُفضي الى إحداث أي تغييرات على الأرض في هذه المناطق ولن يتم نقل سكان الضفة الغربية الحاليين الى أي مكان، إلاّ أن مخاطرها لازالت قائمةى إذ ستعترف باحتلال الصهاينة للأراضي الفلسطينية وستصبح منصة لتحركات صهيونية مستقبلية لابتلاع أجزاء جديدة من الأراضي المحتلة.
وبالرغم من أن هذه الخطة لاقت رفضاً من قبل غالبية دول المنطقة والعالم، إلا أن التقييمات الأولية تشير إلى أن قادة الاحتلال، لاسيما نتنياهو نفسه، لن يوقفوا مساعيهم لتحقيقها.
خطّة الكيان الصهيوني لاحتلال أجزاء من الضفة الغربية هي دون أدنى شك استمرار لاحتلال وتهجير الفلسطينيين من وطنهم الأم، وتنفيذ هذا المخطّط على مراحل كان ولازال كما في السابق ذريعة لاحتلال كامل الأراضي، ولن يكون الاحتلال مستعداً حتى لمنح أبخس التنازلات للفلسطينيين والاعتراف بدولة مستقلة لهم حسب ما تقتضيه اتفاقية أوسلو.
أقدم الكيان الصهيوني من خلال عبثه واستغلاله للأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية المطبقة على العالم في الوقت الراهن، على مقامرة خطيرة تداعياتها ستكون كبيرة لن تحمد عقباها.
ونظرا للأوضاع الراهنة، سيخسر قادة السلطة الفلسطينية الذين كانوا يراهنون على التوصل الى اتفاق مع الاحتلال حلم الحصول على دولة فلسطينية مستقلة، وبطبيعة الحال، ليس لديهم الحافز لمتابعة هذه القضية والدفاع عنها.
وكان قد أعلن ترامب الرئيس الجمهوري لأمريكا الذي يواجه أزمات داخلية وخارجية حادة قبل الانتخابات الرئاسية المُقبلة، أنه ليس مستعدًا بأي حال من الأحوال للمخاطرة باتخاذ خطوة جديدة يمكن أن يكون لها آثار مدمرة على وضعه غير المستقر، وحتى الآن كان محايدًا، وهو الموقف الذي استغله نتنياهو على أحسن وجه.
في حين أعرب الأردن، باعتباره الدولة التي سيكون لها النصيب الأكبر من الأضرار السياسية والاقتصادية في حال أقدم الاحتلال على تنفيذ خطّة الضمّ، عن قلقه العميق من إمكانية زيادة الهجرة الفلسطينية والتغيير الكامل في التركيبة السكانية، مؤكداً رفضه القاطع لهذه الخطّة.
رئيس وزراء الاحتلال على استعداد كامل لارتكاب أي جريمة أو عمل مكلّف هربا من العقاب، فضلا عن بقائه في السلطة، لذا من المحتمل جدا ظهور إرهاصات صراع جديد بين الشعب الفلسطيني المسلم والكيان الصهيوني للتصدي لمساعي ابتلاع حقوقهم من قبل المحتل.
نورنيوز
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha