احمد خالد الكعبي ||
· اشارة :
في البداية ﻻبد من اﻻشارة الى ان ﻻ وجود لما يوصف ( بالدولة المدنية ) كمفهوم جوهري من الناحية التطبيقية ، فالدولة المدنية ما هي اﻻ تلك القشرة السميكة والقوية والمهمة لمحتوى الدول العظمى ، لتغطية حقيقتها القائلة بأستنادها على السياق الطبيعي على اﻻغلبية الدينية او الطائفية .
ﻻ وجود للدولة المدنية بمعناها الحرفي ، هناك دولة حريات شخصية عامة ، وهذا في تقديري ﻻ علاقة له بمنظومة الحكم العميقة والمسيطرة ، مثل السلطة ورأس المال والقوة العسكرية والصناعة واﻻعلام والسينما .
· مقدمة :
من الضروري التفكير مليا في " تلك العلاقة التي لم تتضح معالمها بعد - بين خروج بريطانيا من اﻻتحاد اﻻوربي من جهة ، ووصول ترامب للرئاسة في الوﻻيات المتحدة - ، لعلها محاولة ﻻعادة الحيوية للحلف اﻻنكلوسكسوني بروتستانت بين بريطانيا وامريكا .
المتأمل جيدا سيكتشف بسهولة نسبية ان خروج بريطانيا من اﻻتحاد اﻻوربي هو اضعاف للاتحاد وضربة موجعة له ، وهو في نفس الوقت يشكل عامل تقوية للحلف اﻻنكلوسكسوني ، وربما تعد تصريحات ترامب اﻻخيرة المؤيدة لخروج بريطانيا من اﻻتحاد اﻻوربي ، دليلا يمكن اﻻستشهاد به ، وكذلك تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية اليوم بخصوص " اﻻنسحاب الكلي والنهائي من اﻻتحاد " ايضا تصب في هذا المجال .
كذلك هجوم ترامب على اﻻتحاد اﻻوربي وحلف اﻻطلسي ، وتركيزه على مهاجمة الصين ، وانتقاده للمستشارة اﻻلمانية ميركل لسماحها بدخول مليون مهاجر ، كل ذلك يشير وربما يؤكد ان ما يجري هو : بناء جدار يقسم العالم الغربي الى الشطرين ، شطر اوربي مليء بالمهاجرين ، وضعيف ، وشطر " خلف البحار " انكلوسكسوني بروتستانتي يتكون من بريطانيا وامريكا " الشقيقتان " ، قوي ، ومحافظ على نسبة مئوية هائلة من النقاء الديني والطائفي ..
وهي ايضا محاولة لرسم نظام عالمي جديد مبني على التراتبية التالية : 1 - الحلف اﻻنكلوسكسوني البروتستانتي - بريطانيا + امريكا ./ 2- اﻻتحاد اﻻوربي / 3- روسيا ./ 4 - الصين .
· جوهر البحث :
في الوﻻيات المتحدة فان اﻻنكلوسكسون بروتستانت هم بناة الدولة ومؤسسوها وهم من يحكمها اﻻن ، ولم يكن هناك سوى استثناءان في تمثيل رأس هرم السلطة :
اﻻول جون كنيدي ( كاثوليكي ) وكان متهما من الدولة العميقة بانه يغرد خارج السرب ، وانه يتقرب من اﻻتحاد السوفيتي ، حتى ان قادة الجيوش اﻻمريكية وﻻول مرة في تاريخ امريكا هددوا الرئيس بالقيام بانقﻻب عسكري في حال اصراره على تنفيذ وجهة نظرة بخصوص التقارب مع السوفييت ، وقد اغتيل في عملية دراماتيكية تشبه فيلما سينمائيا من انتاج هوليوود خصوصا بعد ان تم قتل من وجهت له تهمة القيام بعملية اﻻغتيال ، واسرار مقتله محفوظة في خزائن اﻻمن القومي ولم يتم اﻻفراج عنها الى اليوم رغم نفاذ المدة القانونية ، وهناك مادة دستورية تبيح للرئيس تعطيل نشر اي سر اذا ما اعتقد بانه يشكل تهديدا لﻻمن القومي للبﻻد ، وقد استعمل الرئيس اﻻسبق بيل كلينتون هذه المادة وعطل اﻻفراج عن اسرار اغتيال كنيدي .
· اﻻستثناء اﻻخر هو اوباما .
اليوم يعيش الرئيس الجديد دونالد ترامب صراعا مريرا مع اجهزة الدولة الوطنية العميقة في امريكا ، فأجهزة الدولة الراسخة كالمخابرات واﻻعﻻم ، الواشنطن بوست القريبة من السي اي اي ، حتى قبل ان يستلم مهامه بشكل رسمي ..
ترامب استثناء ايضا لكنه ليس كنيدي الكاثوليكي ، او لعبة النظام السوداء والجميلة اوباما ، انه من نفس الحاضنة التاريخية للنظام اﻻنكلوسكسوني بروتستانت ، لكنه متمرد عليه ، ﻻنه يعتقد بان اليات النظام باتت متقادمة ومتهالكة وبعيدة عن الجمهور ، بمعنى ادق ، فأن ترامب يحاول تجديد النظام ﻻ تدميره ، ﻻنه ابنه في النهاية .
لقد وصل صراع اجهزة الدولة مع ترامب حدا ان السي اي اي قامت علنا بتقديم توصية ﻻسرائيل بعدم التعامل مع ترامب ، وتلك سابقة عجيبة في التاريخ السياسي اﻻمريكي ، وكل هذا يعني ان هناك محاولة قوية ﻻغتيال الرئيس لكن ليس على شاكلة اغتيال كنيدي الجسدية ، بل اﻻغتيال هنا هو اغتيال سياسي .
لقد بحثت طويﻻ وكثيرا عن : هل ان تلك النسخة القديمة من اﻻنجيل التي يقال بأن الرئيس اﻻمريكي يودي اليمين الدستورية واضعا يده عليها ، كاثوليكية ام بروتستانتية !!؟
رغم ان الجميع يعلم بانها تمثل باني الدولة وحاكمها ! .
)) كل الذين في الصورة من اﻻنكلو سكسون بروتستانت ))
وغيرهم الكثير .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha