التقارير

الفيليون: اكثر من عشرون الف رهينة ضاع اثرهم..!  


متابعة ـ جدل فاضل الصحاف

 

حدث غريب غير معهود في كل العالم اختفاء هذا العدد الكبير من البشر بدون ضجيج ولا صراخ ولا اعلام .

الفاجعة حدثت في العراق رغم قساوتها التي فاقت كل جرائم النظام البعثي لكن طويت صفحتها واسدل عليها الستار وكأن شيأ لم يكن .

كيف ولماذا .

في عام ١٩٨٠ اقدم النظام البعثي في العراق بتهجير مئات الآف من العراقيين الى ايران بحجة التبعية الايرانية وكان الأغلب منهم الكرد الفيلية .

فقطعوا الحدود سيرا على الاقدام لمسافات طويلة من كبار السن والنساء والأطفال فمات منهم الكثير بلا دفن وتعفنت جثثهم واكلت الحيوانات منهم ، واحتجز شبابهم واودعهم السجون حتى غاصت بهم .

والحجة بذلك هو وضع هؤلاء رهينة عنده خوفا من التحاقهم بالمعارضة العراقية في ايران ، وانه سيقوم بإرجاع اهلهم بعد سنوات الى العراق بعد ان كان قد نفذ مشروعه السياسي بأرباك الثورة الايرانية الفتية بهم ، اقتصاديا وامنيا لكثرة عددهم وما يحتاجونه من انفاق ،كان ذلك مقدمه قبل ان يشن هجومه العسكري عليهم .

لقد نفذ ما اراد فقام بغزو الأراضي الايرانية الحدودية بعد ذلك ودخل مدنها ، لكنه واجه رد شعبي ايراني عليه قبل ان تُنظم الدولة الفتية امورها لترده وتقهقر جيشه واستمرت المعركة سجال بين كر وفر لمدة ثماني سنوات .

كل ذلك والشباب في السجون وهم ينتظرون لحظة لقائهم اهلهم بتهجيرهم الى ايران واللحاق بهم والخلاص من السجن .

تعارفوا بينهم داخل السجن وكل اتخذ من الاخر صديقا لم يكن يعرفه سابقا ، بعدما تجمعوا من كل المحافظات العراقية ، انهوا سنوات طويلة في السجون يعيشون على امل ضعيف بلقاء اهلهم والعيش معهم وعودة المتزوجات مع اطفالها الى ازواجهم للعيش مثل باقي البشر .

كل احلامهم هي هذه ومناماتهم لا تتعدى ذلك ، في صباح كل يوم يأتي سجين يقص على اصدقاءه منامه والرؤيا التي رآها عن اهله ، يقص بتفاعل كيف احتضنته امه وكيف جلس بجنب ابيه وذاك يحدثهم مشاهدته لاطفاله وهم يلعبون معه وكانها حقيقة .

وبعد انتهاء قصصهم مع المنامات وينتبهوا لانفسهم انه منام وليس حقيقة ، يعودوا الى الانزواء والبكاء لتدور عليه الايام بتلك الحالة .

في الطرف الاخر من الحدود تدور نفس الاحداث والمنامات على عوائلهم ، وكأن اتصالا روحيا بينهم ، فالام تنوح على ابنها الشاب الذي سلب منها وهو في ريعان الشباب طالب جامعي او انهى توا دراسته الجامعية وكانت تحلم بتزويجه ، وفي الصباح تقص على زوجها منامها فتخنقه العبرة فيتصنع الصبر ليربط على قلبها ويكابر ثم يبحث عن مكانا منزويا لا يطلع عليه احد يفرغ ما في صدره من حسرة وألم ويطلق العنان لدموعه لتنساب على وجنتيه .

او يترك البيت هربا من الهموم والآهات ليجلس مع بعض الاصدقاء المهجرين .

وما تحل مناسبة تجمع آباء وأمهات السجناء الا وتدور الاحاديث عن الأبناء واخبارهم وما تصل لاحدهم خبر عن زيارة لبعض الاصدقاء والاقرباء الباقون في العراق للسجناء حتى تجد الاذان كلها صاغية وكأن على رؤوسهم الطير ليعيشوا الامل بأنهم احياء ، ليدعوا الله ان تنفرج احوالهم عنهم ليلتقوا بأبناءهم .

كيف ينسون ويهنئون بالعيش وابناءهم بيد مجرم ظالم ،

دارت السنون والعمر اخذ منهم مأخذه وعجل به الظلم والحسرة على فراق الاحبة فالظهر بدأ ينحني ويتقوس والجسم اصبح بطيء الحركة وكل يوم يتوفى شخص منهم يودعون الحياة بلا لقاء للابناء ولا سماع صوت لهم ولا شم ريحهم ولم يبقى الا القليل ، فحفظ الابناء الباقون القصص عن آباءهم لانهم اصبحوا كبار .

وبعد ٢٣ عام سقط النظام الدكتاتوي ، فهب الناس الى السجون للبحث عن ابناءهم ، والاحياء الباقون من الاهل في المهجر يتلهفون لسماع اي خبر عن اولادهم ، جاء اخوتهم الاصغر الى العراق يبحثون في السجون عسى ان يتم ايجادهم احياء ، وبعد اليأس توجهوا الى المقابر الجماعية للبحث عن بقايا اخوتهم يقلبون العظام او الملابس التي يمكن ان تدلهم عليهم ، معتمدين على بقايا الذاكرة التي علقت في اذهانهم او وصايا الآباء المتوفين .

هرب الجناة الى خارج العراق ولم يدلوا احد عن مقابر هذا الجيش المدني الذي تم تغييب أثره ، حادث رهيب اكثر من عشرون الف اين اخفاهم النظام المجرم وهم ابرياء ليس لهم ذنب الا الانتماء العرقي الذي يكفي دليلا للقتل والتشريد .

انها اكبر مجزرة في التأريخ الانساني لم يقف عليها احد لكثرة جرائم النظام البعثي وعدم اعطاء الموضوع اهميته الدولية وتسجيلها ضمن الجرائم الانسانية .

وتضاربت الاخبار عن مصيرهم وكيفية قتلهم فلا تسجيل ولا كتابه .

اغلب ما قيل انه جعلهم حقل تجارب لاسلحته الكيميائية ، فضاعت قبورهم واختفى اثرهم ، واصبحوا نسيا منسيا ، فليس لهم قبر ليزار ويجتمع شمل العائلة على هذا الأثر .

فسلام على الارواح البريئة وسلام على ارواح آباءهم الذين ودعوا الدنيا في بلا الغربة من دون ان تكتحل اعينهم برؤية ابناءهم ويشموا ريحهم .

والسلام على الحسين الغريب المظلوم الشافع لمحبيه ، ان يجمع هؤلاء مع انصاره ويشفع لهم.

واللعنة الدائمة على صدام واذنابه البعثيين وكل من ساهم ورضى وسكت عن فعلتهم ، ثم تكافأهم الحكومة

العراقية لتصرف لهم رواتبهم التقاعدية على اجرامهم وهم في بلدان العالم منعمون ، ثم تحرم ضحاياهم من حقوقهم في بلدهم وتخونهم وتسلب الوطنية عنهم

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك