متابعة ـ قاسم آل ماضي
ما يمر به العراق وسوريا من أزمات سياسية وأمنية وغير ذلك، أرسى بضلاله على العديد من الأحداث التي استغلها المحتل الأمريكي، ومنها ما يحدث على الحدود العراقية السورية في منطقة القائم "البوكمال"، والذي هو بيت القصيد لنا في مقالتنا هذه.
أمريكا لما رأت أن المنطقة المذكورة بدلاً من كونها حدوداً تفصل بين دولتين ذات سيادة، أصبحت وجوداً مكثفاً لألوية الحشد الشعبي، هذا الأمر جعل من أمريكا تعمل على تحويلها إلى جبهة صراع، باستهدافها المتكرر لقواعد الحشد الشعبي في القائم والبوكمال من قبل الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية.
السبب الرئيسي الذي جعل من المحتل يستهدف هذه المنطقة عسكرياً، هو الانتشار الكثيف لفصائل الحشد الشعبي، الأمر الذي تسعى الولايات المتحدة إلى أبعاده وتشتيته، حيث ترى أنه يشكل جبهة رباعية من أربع دول (العراق وسوريا وإيران ولبنان)، مما يشكل خطراً على مصالحها.
من هنا تكرر العدوان الجوي في هذه المنطقة الحدودية، حيث كان الأمريكان يأملون أنسحاب هذه الفصائل من مواقعها وتسليمها بأجمعها للجيش العراقي، الذي لا ترى فيه أمريكا خطراً عليها بوجوده فيها، بقدر الخطر المترتب من انتشار فصائل الحشد الشعبي.
ولما لم يتحقق للمحتل ما كان يأمله من الضربات الجوية، عمل على تهدئة الأجواء فلم يعمد بالقيام بغارات جديدة، وسعى إلى عقد اتفاقية استراتيجية مع الحكومة العراقية.
فما هو الجديد الذي طرأ، ليغير المحتل من إجراءاته؟!
فألوية الحشد الشعبي ما زالت في مكانها المعهود لم تتحرك، وأسباب الخطر المحدق بأمريكا ما زالت قائمة لم تتغير ..
السبب الأقرب من حيث الواقع ومعطياته، يشير إلى أن المحتل الأمريكي لما رأى وحدة فصائل المقاومة ضده، مضافاً إلى الضربات التي تعرض لها في عدة مواقع تابعة له، اضطرته إلى أن يتبع سياسة أخرى..
فما هو بديهي وثابت أن أمريكا لا ترضخ ولا تستجيب للاتفاقيات السياسية، بقدر ما يرهبها العمل العسكري الموجه ضدها وضد مصالحها.
إلا أن المتوقع هو عدم الاستمرار في البقاء على هذا الوضع، فهو ما نستطيع تسميته بالهدوء الذي يسبق العاصفة.
ومن المؤكد أن أمريكا لن تقف مكتوفة الأيدي في هذا الوقت، بل ستسعى جاهدة للقيام بإجراءات عديدة، ولكنها ليست بالعسكرية، ومنها أنها قد تعمل على جعل انسحاب الوية الحشد الشعبي من المواقع المذكورة بتكثيف الطلبات الرسمية للحكومة بواسطة ممثليها أو مندوبيها في الحكومة العراقية، ومنها أنها ستعمل على زيادة عدد الإرهابيين المتسترين بمسميات رسمية أو شبه رسمية، بل حتى بمسماهم الحقيقي، مما يجعلهم يشكلون خطراً على الوية الحشد المنتشرة هناك، وبالتالي يجعلهم يسيطرون على بعض المواقع التي تؤمن للمحتل تنفيذ ما يرومه فيها، أو أنهم يسعون إلى أن يصنعوا منها قضية رأي عام تنتهي بما يسعون إليه، أو من خلال إبرام عقد في الاتفاقية الستراتيجية المزمع عقدها في حزيران المقبل.
وفي حال لم يجدي لهم ما تقدم نفعاً، فحينها ستعلن حرباً لا تنطفيء إلا بترك أحد الأطراف لموقعه كليًا.
الخلاصة التي نريد أن نصل إليها، أن المنطقة المذكورة تمثل صراعًا حاداً، ستجعل من المحتل الأمريكي يسعى جاهداً لإخلائها من فصائل الحشد الشعبي، لإزالة الخطر المتوقع منها، والذي يعني بالتلازم تأمين قاعدته العسكرية ومصالحه الستراتيجية، ولغرض الاستفادة منها من قبل المحتل في صفقة القرن من جهة، ومن جهة لغرض جعلها منطلقًا لعملياته العسكرية البرية في المستقبل ضد بغداد أو دمشق.
ومن هنا ينبغي على فصائل الحشد الشعبي أن تستعد جيدًا لما هو آت في هذه المنطقة بالذات، ومن المؤكد أنهم سيكونون كما عهدناهم محققين أما النصر أو النصر ولا بديل عنه.
#للأشتراك معنا أضغط
https://t.me/todaylarq
ــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha