✍ باسل الربيعي
في عهد رئيس الوزراء العراقي الاسبق ، نوري المالكي ، بدأت تلوح امام العراقيين الذين هجرهم نظام صدام حسين الى ايران في السابع من نيسان/ابريل 1980 ، وصادر اموالهم المنقولة وغير المنقولة ، واعدم ابناءهم، آفاق الامل بالعودة الى العراق ، ارض الاباء والاجداد ، واستعادة ما تم اغتصابه منهم وتعويضهم على مالحق بهم من اضرار متعددة الاوجه ، اقتصادية ودراسية ونفسية واجتماعية ومعيشية، وذلك بعد حراك شهدته اروقة مجلس النواب والمحكمة الجنائية العليا ومجلس الوزراء والرئاسة العراقية ، يرمي الى انصافهم وتعويضهم بصفتهم شريحة عراقية تعرضت لابشع جريمة عرفها تاريخ العراق الحديث، واغلبيتهم بالطبع كانوا من الكرد الفيليين الشيعة.
ففي التاسع من كانون اول/ديسمبر 2010 صدر عن مجلس الوزراء القرار رقم 426 ، ونصه:
جمهورية العراق
الامانة العامة لمجلس الوزراءقرار
مجلس الوزراء
رقم (426) لسنة 2010
بناء على ما عرضه دولة رئيس الوزراء، بشكل طارئ خلال جلسة اجتماع مجلس الوزراء، واستنادا الى ما جاء في المادة (11) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005 المعدل بشأن جرائم الإبادة الجماعية.
قرر مجلس الوزراء بجلسته الثامنة والاربعين الاعتيادية، المنعقدة بتاريخ 8/12/2010، الموافقة على اصدار البيان الآتي:
أولا : يرحب مجلس الوزراء بقرار المحكمة الجنائية العراقية العليا الصادر بتاريخ 29/11/2010، والقاضي باعتبار قضية إبادة وتهجير الكرد الفيليين جريمة من جرائم الابادة الجماعية بكل المقاييس، معززا لما اقره مجلس النواب واكده مجلس الرئاسة بقراره رقم (26) لسنة 2008 المنشور في جريدة الوقائع العراقية العدد: (4087) والمؤرخ في 22/9/2008.
ثانيا: يتعهد مجلس الوزراء بإزالة كافة الآثار السيئة التي نتجت عن القرارات الجائرة التي اصدرها النظام البائد بحق ابناء الشعب العراقي من الكرد الفيليين *(كإسقاط الجنسية العراقية ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة والحقوق المغتصبة الاخرى).
الامين العام لمجلس الوزراء وكالة
9/12/2010
وبعد اكثر من عام ، وتحديدا في 8 شباط/فبراير 2012 اصدر الرئيس الراحل جلال الطالباني القرار رقم (6) لسنة 2012 الذي تم نشره في جريدة الوقائع العراقية الرسمية
وكان نصه:
باسم الشعب
رئاسة الجمهورية
بناء على ما اقره مجلس النواب طبقا الى احكام البند (اولا) من المادة (61) والبند (ثالثا) من المادة (73) من الدستور .
قرر رئيس الجمهورية بتاريخ 8/2/2012 اصدار القرار الآتي:
قرار رقم (6) لسنة 2012
اعتبار ماتعرض له الكرد الفيليين وبالاستناد الى قرار محكمةالجنايات العراقية العليا جريمة ابادة جماعية بكل مايعنيه هذا التكييف من معنى.
جلال الطالباني – رئيس الجمهورية (جريدة الوقائع العراقية – العدد 4231 /ص 21/ت 27/2/2012).
وعزز هذا القرار بدوره من مستوى الامل عند المهجرين العراقيين اذ ظنوا ان النظام الجديد ليس فقط سيعيد لهم حقوقهم المغتصبة من اموال منقولة وغير منقولة ، بل انه سيعوضهم بشكل عادل ومنصف عن مختلف الاضرار التي لحقت بهم جراء جريمة التهجير ، لاسيما ان الدولة العراقية اقرت بانهم وقعوا ضحية لـ “جرائم ابادة جماعية” نفذها ضدهم النظام السابق ، وان على النظام الحالي تعويضهم ، كما هي الحال مع التعويضات العراقية للكويت ، والتي واصل النظام العراقي الجديد تسديدها وذلك وفق مبدأ تعاقب الدول ، حيث يتحمل النظام الجديد ماترتب من مسؤوليات على النظام السابق.
واليوم ، ونحن نستذكر تلك الجريمة التي مضى عليها اربعة عقود ، نجد ان الكثير من ضحايا جريمة الابادة الجماعية هذه ، مازالوا ليس فقط لم يستعيدوا حقوقهم بل حتى لم يصدر اي قانون او قرار حصري لهم لتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم وجبران خواطرهم، في حين تم التصديق ، وضمن صفقة برلمانية مشبوهة ، على امتيازات “سخية” لطرفين ، الاول ضم الكيانات الامنية والقمعية المنحلة وضحايا حلبجة ، والاخر شمال مواطنين لم يتم تصنيف ماتعرضوا له على انه “جريمة ابادة جماعية” .
ويمكن القول ، بدون اي شك او تردد ، ان معظم القرارات والقوانين التي شملت هذه الشريحة المظلومة، ومنها قانوني السجناء والفصل السياسي ، ما هي سوى اجراءات ترقيعية لاترقى الى مستوى تعويض ضحايا الابادة الجماعية عن حجم الاضرار الهائلة التي تعرضوا لها ومازالت ليومنا هذا ترافقهم بألم في حياتهم اليومية .
وصحيح ان النظام الجديد قدم بعض التسهيلات والامتيازات والرواتب التقاعدية لاباء وامهات شهداء جريمة التهجير ، كما من الصحيح ان الكثير من القضايا المتعلقة بالوثائق الثبوتية العراقية قد تم تسويتها ، وصحيح ايضا ان قلة قليلة من ابناء هذه الشريحة شملتهم التعيينات في دوائر الدولة ، كما حصل البعض على تعويضات مالية لاتساوي طبعا بمجموعها راتب شهر واحد لنائب في البرلمان . كل هذا صحيح لكن ماذا بشأن الاخرين ، وهم الاكثرية؟
ان اعدادا من المهجرين العراقيين حاولت الافادة من قانوني السجناء والفصل السياسي ، لكنها وجدت نفسها امام قرارات وضوابط تعجيزية ، حتى يمكن القول ان من وضعها اما انه تعمد ذلك لاجل عرقلة شمول هؤلاء بالقانونين المذكورين او انه يفتقر الى الفطنة والكياسة والاهلية اللازمة .
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، يطالب المهجر باكثر من شاهد واكثر من كفيل لتمشية امور ترتبط بجريمة مضى على ارتكابها 40 عاما وهو حينها لم يكن سوى طفلا أو شابا ومعظم جيرانه في مناطق سكناه اما انه ماعاد يسكن في تلك المناطق او وافته المنية. هذا في حين ان لدى الاجهزة الحكومية الرسمية ، وتحديدا دوائر النفوس ، سجل بيانات كامل يتضمن اسماء المهجرين وتاريخ ابعادهم عن وطنهم ، وكان بالامكان الاكتفاء بتأييد صادر من هذه الدوائر.
الكلام في هذا المجال طويل بطول المأساة وعرضها ، اذ ان كل القرارات التي صدرت لمصلحة المهجرين العراقيين انما هي قرارات غير منصفة ولاتنسجم مطلقا مع حجم الجريمة ، هذا فضلا عن كون الكثير منها مازال حبرا على ورق ، وان انصاف المهجرين وتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم بحاجة الى موقف وطني وانساني ورجولي من نواب البرلمان ، وهذا الموقف بكل تأكيد، بعيد المنال مادام “بيت الشعب” منخورا بفساد المحاصصة والمصالح الفئوية والشخصية.
ــــــــــــــ
في قضية التخطيط للمعارك وواجبات الأركان، فأنه يفترض ضباط الأركان المخططين للمعارك، أن يكونوا قد خاظوا أو قادوا فعلا معارك سابقة، أو نفذوا على الأقل واجبات أركان في معارك إفتراضية، قبل أن يصبحوا لاحقا مخططين للمعارك..
يعني أن التخطيط يجب أن يكون مدعما بتجربة رصينة مسبقة، لا أن يتحول ميدان المعركة الى ساحة لتجريب الخطط الجديدة، وهذا بالضبط ما فعله مفاوضو الشيعة عندما قدموا مستقبل المكون الأكبر على طبق من ذهب لعدوهم، لأنهم لم يكونوا على بصيرة بما كان وسيكون، وفقط نظروا ببصرهم الى ما سيكون، وحتى هذا نظروا اليه من ثقب باب قصر السلام!..
القصة ليست في تقديم الأهم على المهم، وما حصل ومن كل جوانبه ليس منجزا قط، فالزرفي كان بإمكان الشيعة إسقاطه على بوابة مجلس النواب، مثلما فعلوها مع محمد توفيق علاوي، والذي لو كانوا قد مرروه لما وصلوا الى الـنقطة الحرجة التي وضعوا أنفسهم فيها، حيث أسقط بيدهم نهائيا، وبات عليهم أن يقبلوا بحفظ ماء وجههم وابداء الرضا بالكاظمي، ويخدعون أنفسهم أنهم حققوا إنتصارا أو إنجازا، وبالحقيقة فإن ما حققوه كان هزيمة شنيعة بكل المقاييس..
الأيام حبلى بما هو قادم، وسيعظ المفاوض الشيعي على أصابع الندم، ويقول ياليتني قبلت بالزرفي، فهو على أية حال كان افضل من الكاظمي؛ من حيث كونه رجل منخرط بالعملية السياسية منذ أيامها الأولى، وهو براغماتي بإمتياز ولذلك يمكن التفاهم معه، أما الكاظمي فسيكون صوت سيده الأمريكي ليس أكثر، وهنا سيكون مقتل الشيعة ساسة وشعب..
لقد فقد المفاوض الشيعي البوصلة وأضاع دماء الشهداء، وتخلى عن ما كان يتحدث به لأربعين عاما..
اليوم مات الإمام الخميني"رض" في العراق، وذهبت تضحيات البدريين وسائر المجاهدين العراقيين سدى، اليوم رفع الشيعة الراية البيضاء، وأتضح أنهم لن يستطيعوا الثبات في معركة أمدها سبعة عشر عاما فقط، هي فصل من معركة مستمرة منذ 1441 عام..
إننا يجب أن نعترف بالهزيمة، وهذهخ أول خطوة للتخلص من آثارها، لا أن نكابر ونحول الهزيمة الى منجز!
أيام سود تنتظر الشيعة والزمن بيننا
دمتم بخير وعافية
ــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha