"1500 دينار"، مبلغ زهيد جدا حسب وصف أغلب العراقيين، لكنه ليس كذلك في حسابات عقول تعمل في غاية الدهاء لتحقيق مكاسب غير مشروعة، فكيف ذلك؟
في عملية حسابية بسيطة، فإن ضرب هذا المبلغ البسيط في نحو 3 ملايين و500 الف متقاعد وموظف في التربية يساوي اكثر من خمس مليارات دينار، ما يعني ثروة طائلة، جرى التخطيط بعناية لسلبها بذريعة "تأمين صحي" ضمن أحدث تقليعات الفساد في البلد.
وكان متقاعدون ناشدوا عبر السومرية نيوز، هيئة النزاهة بفتح تحقيق باستقطاع مبالغ للتأمين الصحي من رواتبهم، معتبرين أن التأمين يجب أن يكون طوعياً.
ويقول رئيس مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية حسين علاوي في حديث لـ السومرية نيوز ان "ظاهرة التامين الصحي في العراق هو شي جيد للغاية الا انه يجب ان ينظم بعملية صحيحة وسليمة وليس كما ظهر بالاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من تناقل وتسجيلات صوتية واتهامات وصراعات".
وأضاف علاوي ان "التامين الصحي يجب ان ينظم بشكل صحيح حيث تكون هناك شركات للتامين واضحة مملوكة للدولة او القطاع الخاص مسجلة في دائرة الشركات العراقية التابعة لوزارة التجارة من اجل استقطاع الضريبة من هذه الشركات ولا يتم التعاقد مع اشخاص كما سمعنا عنه بهذا الشكل".
وتابع ان "هذه الشركات يجب ان يكون لديها بنى تحتية متكاملة بحيث ان يكون هناك تامين صحي ناجح وان يكون هناك طبابة متكاملة للمتقاعد او الموظف او حتى المواطن وليس كما ذهب باتجاه التوقيع واجراء تعاقدات واتفاقات بين هذا الشخص وبعض المستشفيات وكذلك أطباء وبالتالي نحتاج الى الثقة والى الشفافية والى الإدارة السليمة لتنفيذ مثل هكذا مشروع استراتيجي ومفيد للصحة العراقية".
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي احمد صالح في حديث لـ السومرية نيوز ان أي "تامين هو قضية طوعية وتعود لاختيارات الشخص وان هيئة التقاعد غير موكلة لان تكون وكيلة عن عموم المتقاعدين"، مستدركا "كان الأولى التعاقد مع احد الشركات الخاصة بالتامين المحلية".
وأضاف صالح ان "استقطاع هذه المبالغ من المتقاعدين والمعلمين كان بالإمكان ان تذهب الى جيوب الفاسدين أكثر من خمسة مليارات دينار شهريا مقابل تامين صحي لا وجود له اطلاقا وانما مجرد حبرا على ورق".
وأشار صالح الى ان "ما تم منحه للمتقاعد من زيادة بسيطة والتي صوت عليها مجلس النواب كحد أدنى 500 الف دينار بالمقابل كانت هناك ايادي أخرى تحاول ان تأخذ هذه الزيادة بطرق وأساليب ملتوية".
وباشرت دائرة التحقيقات في هيئة النزاهة بالتحقيق بشأن شكاوى وردت بخصوص عقد التأمين الصحي الإجباري للمتقاعدين من قبل شركة لبنانية، اضافة الى التسجيلات الصوتية المسربة لمستثمر لبناني قدم العديد من التسهيلات للمضي بعقد التامين".
وقال المصدر في هيئة النزاهة طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "التأمين الصحي في جميع المؤسسات الرسمية هو اختياري وليس إجبارياً"، مشيرا الى ان "دائرة التحقيقات بدأت بالفعل في التحقيق وستحيل المتورطين الى القضاء".
وعلى ضوء ذلك صوت اعضاء هيئة الراي في وزارة التربية في 30 اذار على المباشرة باتخاذ الاجراءات القانونية لإلغاء عقد التأمين المبرم مع "شركة التأمين العراقية" وذلك انسجاما مع ماورد بتقرير ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
في حين اكدت هيأة التقاعد الوطنية انها لم تقم بتوقيع اي عقد خدمات مع الشركة اللبنانية ( غلوب مد) نهائيا"، مشيرة الى ان "كافة مخاطبات الهياة مع شركة التأمين الوطنية وهي شركة عريقة في مجال التامين ومملوكة للدولة بالكامل".
واكدت الهيئة انها "تعمل على استدراج افضل العروض لخدمة المتقاعدين وان موضوع بوليصة التأمين الصحي (جماعي ام فردي ) لم يحسم لحد الان وان بطاقة الخصم الصحي يتم شراءها اختياريا والموضوع لازال قيد النقاشات مع شركة التأمين الوطنية".
وعلى ضوء التحقيقات اكد مصدر في القضاء الأعلى بالمباشرة بفتح تحقيق بالموضوع وعلى اثر ذلك تم استقدام وزيرة التربية سهى العلي بك ومنعها من السفر".
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه انه "تم صدور مذكرة قبض بحق وكيل وزارة التربية للشؤون الإدارية معن عبد حنتوش ومدير مكتب الوزيرة هيثم الدليمي، بالإضافة الى مدير الدائرة القانونية ".
واكد المصدر ان "القضاء الأعلى حريص على تقديم كافة المتورطين بالفساد للعدالة وعدم التهاون بما يخص المساس بالمال العام".
فيما اشاد موظفو التربية ومتقاعدون باجراءات القضاء وهيئة النزاهة بذلك، ومنع سلب اموالهم بحجة "التأمين الصحي".
وبقيت التساؤلات محل افتراضات ووصل بعضها لحد السخرية والمزاح لان الاستقطاع من قبل مؤسسات الدولة العراقية ولسنين طويلة اصبح عادة بدون أجوبة شافية.
https://telegram.me/buratha