كشف نائب رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الدولة لشؤون الدفاع «خالد بن محمد العطية»، عن محاولة سعودية للتدخل العسكري في قطر خلال الأزمة 2013- 2014، لافتا إلى أن الحصار المفروض على بلاده، يمثل امتداداً لأحداث سابقة على مدى سنوات طويلة وإن اختلف التكتيك.
ولفت «العطية» إلى أن أمير قطر الشيخ «تميم بن حمد»، رفض التوقيع على ورقة إذعان قطر في إطار محاولات لتطويع قطر والمساس بسيادتها وقرارها الوطني مع أزمة سحب السفراء في 2013.
تدخل عسكري
وفي حوار له، ببرنامج «الحقيقة»، على «تلفزيون قطر»، كشف «العطية»، أنه خلال أزمة سحب السفراء، كان هناك خطط مكتملة للتدخل العسكري.
وقال: «كنت شاهدا على توجيه الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، للأمير محمد بن نايف، بسحب الجنود المحتشدة على الحدود مع قطر، وقال له: (اسحب الجماعة الين قلنا لهم يحشدون على الحدود يا محمد)».
ولفت إلى أنه بعد انتهاء الأزمة، قال الملك «عبدالله»: «صافي يا لبن».
وتابع: «هذه الواقعة كنت شاهداً عليها.. نحن في قطر تعرضنا لظلم شديد ليس من 2012 أو 2013 أو 2014 بل منذ سنوات، ونحن نتعرض لهذا الظلم، رغم أن قطر دائماً تحسن الظن في أشقائها، ودائماً نسعى لأن تكون علاقتنا مبنية على مبادئنا».
قوات جاهزة
كما أكد «العطية»، وهو وزير الدفاع القطري، جاهزية قواته للتصدي لأي تهديدات خارجية، وقال: «دائماً كانت القوات المسلحة القطرية مميزة وعناصرها مميزين، وبكل فخر أن الوحدات وضباط وأفراد وصف ضباطها من أميز الأفراد على مستوى المنطقة».
وأضاف: «قمنا بإدخال العديد من المنظومات المتطورة بالإضافة إلى منظومات جديدة في طريقها للدخول للقوات المسلحة وهذا واجبي ودوري الآن، في أن يكون همي تطوير القوات المسلحة، حيث إن العدو الآن غير تقليدي، العدو هو الإرهاب، ونعالجه من جذوره في التعليم والتنمية، ويجب أن يكون عندك قوة عسكرية على أهبة الاستعداد تكون مستعدة، تدافع عن البلاد من أي هجمات إرهابية».
تطويع قطر
ولفت «العطية»، إلى أن دول الحصار سعت لتطويع قطر والمساس بسيادتها، والتحكّم بقرارها السياسي منذ بداية عهد الأمير «تميم».
وقال: «بعد شهور قليلة من تسلم الأمير مقاليد الحكم في قطر (يونيو/حزيران 2013)، وقد أرداوا، في اعتقادي، إحداث صدمة من أجل تطويع قطر بسرعة، بهدف أن تكون قطر تابعة لهم، وتتخلّى عن مبادئها وثوابتها على الرغم من أن الأمير كان له توجّه إيجابي نحو دول المنطقة، أعلن عنه في أول اجتماع لمجلس الوزراء بتشكيله الجديد في أواخر يونيو/حزيران 2013، وكنت أتولى منصب وزير الخارجية في هذه الوزارة».
وأضاف: «أكّد لنا حينها أن أهم أولوياته بناء علاقات جيدة ومميزة مع دول مجلس التعاون على كافة المُستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلا أنني فوجئت باتصال من أخي الشيخ صباح الخالد الصباح وزير خارجية الكويت، وقتها يستفسر عن بعض الأمور بناءً على اتصال، قال إنه جاءه من الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، يخبره فيه أن ثمة خلافات بين قطر والمملكة، وكان ردي عليه أنه لا يوجد أي بوادر لما يتحدث عنه، وأكدت له على توجيهات الأمير تميم، في أن تكون علاقاتنا متينة، وانتهى الاتصال باتفاق بيننا على أن يلتقي الأمير تميم، مع الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت في نيويورك لتبادل الآراء والأفكار حول بوادر هذه الأزمة، إلا أن القدر شاء، أن يصاب الشيخ صباح بوعكة صحية حالت دون إتمام اللقاء».
وتابع: «عقب عودتنا من نيويورك، قمت برحلات مكوكية أرسلني خلالها الأمير برسائل لسلطنة عمان والكويت والإمارات والبحرين لاستطلاع أسباب هذا التحول في المواقف وتأكيد موقف قطر الثابت تجاه الأشقاء، وعقب ذلك اتصل الشيخ صباح بالأمير تميم، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، يطلب منه الذهاب معه للسعودية في طائرته الخاصة للقاء خادم الحرمين الشريفين في لقاء ودي، ووافق الأمير تميم، على طلب الشيخ صباح الذي كان ولا يزال يمارس دوراً كبيراً وجهوداً مضنية في الوساطة بيننا».
ولفت إلى أنه في الطريق للرياض قال الشيخ «صباح» للأمير «تميم»، بشكل أبوي عدم الحديث، وأن يتركه هو من يتحدث ووافقه الأمير «تميم»، شريطة عدم المساس بسيادة قطر ومبادئنا وثوابتنا.
وأكّد «العطية»، أن الأمير «تميم»، أبلغه بتفاصيل اللقاء، حيث وضع النقاط فوق الحروف مؤكداً أنه لا تفريط في سيادة قطر، رافضا أي محاولة لتطويع بلاده، واعتبرها تمثل خطاً أحمر يجب ألا يتجاوزه أحد، وانتهى اللقاء بالاتفاق بيننا فيما عرف بعد ذلك بـ«اتفاق الرياض».
ورقة إذعان
وعن خلفيات اتفاق الرياض، والورقة التي تم تسريبها، قال «العطية»، إنه أثناء اللقاء مع الملك «عبدالله» وقادة دول الحصار، فوجئنا بأحد الأشخاص (لم يذكره) يتلو ورقة أعدت سلفاً وبها نفس البنود التي سبق ورفضتها قطر، لكونها موجهة لإلزام قطر وحدها دون باقي الدول، وكان موقف الأمير «تميم» منها الرفض القاطع، مطالباً بأن يكون هناك التزامات تلتزم بها كل الأطراف، وليس قطر وحدها.
وأشار إلى أنه في ذاك اللقاء، فإن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي «عبداللطيف الزياني»، خانته الذاكرة، وذكر أن هذه الورقة هي نفسها التي وافق عليها الوزراء في اجتماعهم، ووقتها التفت لنا الأمير مستفسراً عما إذا كنا قد وافقنا بالفعل على هذا الاتفاق، وكان ردنا أن ذلك لم يحدث، حيث إن الوفد وقتها رفض التوقيع على المحضر الخامس للاجتماع، وهو ما يعني رفضنا لباقي المحاضر الأربعة الأخرى.
وأضاف «العطية»، أن وقتها خاطب الأمير «تميم»، «الزياني»، بأنه في حضور القادة يجب أن يكون النقل سليماً، بعدها قام ولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد» من مقعده وتوجّه نحو سمو الأمير وسارا معاً داخل قاعة الاجتماع يحاول أن يقنعه بالتوقيع على الاتفاق في هذه الصورة إرضاء لـ«الشيّاب»، لكن الأمير «تميم» أكّد له أن أي تنازل عن سيادتنا هو أمر مرفوض.
وتابع: «بالفعل باءت محاولتهم في إقناع قطر بالتوقيع على هذه الورقة بالفشل».
وسرد «العطية»، حقيقة ما تناوله «الزياني» في حديثه خلال اللقاء، بالقول: «كنا مجتمعين في لقاء وزراء الخارجية في 4 مارس/آذار 2014، وحاول الأمير سعود الفيصل إقناعنا بالتوقيع على الاتفاق إلا أننا رفضنا، وقام يوسف بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان بتعديل الاتفاق وطلبنا من الموجودين منحنا فرصة 24 ساعة للتشاور مع الجهات المنفذة لهذا الاتفاق في الدوحة، إلا أنهم رفضوا، وتصادف أنه قبل رفع الجلسة جاءني اتصال من قطر يحمل معلومات عن عزم دول الحصار إغلاق الحدود وسحب السفراء وإيقاف التعامل مع المؤسسات المشتركة، وكانت وقتها النية مبيتة لذلك سواء وقعنا أو لم نوقعّ وبالفعل حدث أن سحبوا السفراء في 5 مارس/آذار».
تسريب اتفاق الرياض
حول تسريب دول الحصار لاتفاق الرياض، إلى وكالة «رويترز» وافتخارهم بذلك، قال المسؤول القطري: «لو دفعنا الأموال حتى يتسرب هذا الاتفاق ما استطعنا»، مؤكداً أن الدول الأربع قدموا خدمة مجانية لقطر بعد تسريبه واعترافهم بذلك، حيث إن كل قارئ يقرأ هذا الاتفاق لن يجد كلمة واحدة موجهة إلى قطر، وهذا الاتفاق هو اتفاق للمبادئ العامة، وملزم لجميع دول مجلس التعاون، والذي تم الاتفاق عليه من كافة الدول.
وأشار إلى أن الورقة التي كتبت بخط اليد والتي تم التوقيع عليها من كافة الدول، تعد الأصلية لاتفاق الرياض الذي تم بحضور أمير قطر وأمير الكويت والملك «عبدالله»، وقاموا بالتوقيع على ورقة المبادئ التي تم الاتفاق عليها، وتم مطالبة الكويت فيما بعد لإعداد آلية تنفيذية لهذه الورقة.
تخطيط قديم
وتابع حديثه بالقول: «عاصرت الكثير من الأزمات التي مرّت على المنطقة، ولم أشهد مثل هذه الأزمة التي تمرّ بها المنطقة الآن، خاصة أنني كنت شاهد عيان على جريمة قرصنة وكالة الأنباء القطرية، وما صاحبها من تصريحات مفبركة منسوبة للأمير تميم، على هامش حفل تخرّج الدفعة الثامنة لخريجي الخدمة الوطنية، ولم يتحدث خلال الحفل مع أي شخص باستثناء حوار ودي مع أحد الخريجين خارج الحفل».
وأكّد أن دول الحصار، أرادت أن تجد عبر جريمة القرصنة، نافذة لتنفيذ ما أقدمت عليه، لافتاً إلى أن «الأزمات السابقة مع هذه الدول تؤكد أن الهدف واحد، والتكتيكات مختلفة بدءاً من أزمة 1996 و2013 وحتى الأزمة الراهنة».
وأضاف: «لكنني فوجئت ببثّ تصريحات مزوّرة منسوبة للأمير عقب اختراق الوكالة، فدول الحصار لم تكن بحاجة إلى الإقدام على مثل هذه الجريمة لافتعال أزمة مع الدوحة، خاصة أن مواقفهم في افتعال الأزمات تجاه قطر قديمة ومستمرة، والغريب أننا كنا معاً في الرياض، حيث شاركنا في اجتماع تشاوري لدول مجلس التعاون الخليجي، واجتماع مع الجانب الأمريكي، ثم القمة الإسلامية الأمريكية».
عداء «العتيبة»
ولفت المسؤول القطري، إلى علم بلاده بما يقوم به سفير الإمارات في واشنطن «يوسف العتيبة»، ومحاولاته المستمرّة لشيطنة قطر بعد اتفاق الرياض، قبل ظهور التسريبات، وقال: «العتيبة يحمل راية العداء لقطر.. وأكّد العديد من المسؤولين الكبار في أمريكا أن العتيبة دائماً ما كان يردّد أن العدو رقم واحد هو قطر».
وأضاف: «كنا نترفّع عن هذه الأمور في ظلّ العلاقة المباشرة بين القادة التي لم يتضح بها وجود أي شيء، ولم يتم تقديم أي شكوى بحق العتيبة».
ولفت «العطية»، إلى أن قطر دعمت الإمارات في استضافة «إكسبو 2020»، بتكليف من الأمير «تميم»، وكنت مسؤولاً عن التصويت، وبعد سحب السفراء في 2013، بثلاثة أيام أرسل ولي عهد دبي الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم»، رسالة شكر إلى قطر على دعم «إكسبو».
وحول تنظيم قطر كأس العالم لكرة القدم 2022 وما غرّد به مسؤول أمني إماراتي كبير عندما قال: «سلمونا كأس العالم 2022 وتخلّوا عنه وتحل الأزمة الخليجية»، استغرب «العطية» محاولة سحب البطولة من قطر، وقال: «الأمير تميم يردد دائما، هذا كأس العالم لكل العرب، لكل المسلمين، ولم يقل أن هذا كأس العالم لقطر».
قطر تكسب
حول علاقة قطر مع السعودية والإمارات والبحرين بعد المصالحة في 2014، أكد «العطية»، أن بلاده تعاملت بشكل طبيعي، وكنا مع الأشقاء في السعودية ننسق بشكل يومي في كافة الأمور، وعندنا ملفات مشتركة، وفي بعض الأوقات كنت أشك أن المملكة لها وزيريّ خارجية، وزير يدعمها من قطر ووزير يدعمها من السعودية، ونفس الحال في وزارة الاقتصاد، وهذا كان الظن في الأشقاء بالمملكة.
واعتبر أن قطر لم تخسر المملكة، بل هي من خسرت قطر، في ظل هذه الأزمة الشديدة لأن الأمور كانت على أفضل ما يرام.
وأكد أن العلاقة مع الإمارات كانت أيضاً طبيعية بعد المصالحة، وكان هناك تواصل في بعض الملفات، كما أن العلاقة مع البحرين كانت طبيعية حتى قبل الأزمة الخليجية بأسبوع، بعد أن بادرت البحرين بحل موضوع تجنيس بعض المواطنين البحرينيين، وإنهائه، وطلبوا من المواطنين المذكورين العودة للبحرين، لإنهاء بعض الإجراءات، ثم عادوا مرة أخرى إلى قطر.
رؤية الحل
وعن رؤيته لحل الأزمة الخليجية قال «العطية»: «الحوار هو أقصر طريق لحل الخلاف مع دول الحصار، وليس لدينا ما نخشاه، وننتظر أن ينتصر صوت العقل والحكمة لإنهاء هذه الأزمة».
وقال: «ثورات الربيع العربي أزعجت الكثير من الدول، ولكنها لم تزعجنا في قطر، لأن القيادة القطرية واثقة من تلاحمها مع الشعب».
وفي الخامس من يونيو/حزيران الماضي، أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطع العلاقات مع قطر، وفرضت عليها حصارا، على خلفية مزاعم تتهم الدوحة بدعم «الإرهاب» والتدخل في شؤون تلك الدول.
وأكدت قطر منذ بداية الأزمة أن الإجراءات التي اتخذتها الدول «جائرة» وتستهدف سيادة قطر واستقلال قرارها الوطني.
ولم تنجح الجهود الكويتية إلى الآن، في إقناع الأطراف العربية الخمسة، بالجلوس حول طاولة المفاوضات المباشرة، للتوصل إلى حلول بشأن قضايا الخلاف، والتي أجملتها الدول المقاطعة لقطر في 13 بندا، رفضتها سلطات الدوحة جملة وتفصيلا.
https://telegram.me/buratha