اتجهت بغداد، وبعد إجراء إقليم كردستان استفتاء الانفصال، إلى اتخاذ إجراءات وقرارات ضد الاقليم، أغلبها اقتصادية، مع توجيهات أمنية، تنفذ في حالات "طارئة ومحددة".
وبدأت هذه الخطوة عشية الاستفتاء، وبعد أن أتضح إصرار قادة الاقليم على المضي بالاستفتاء، حيث بدأها المجلس الوزاري للأمن الوطني، برئاسة رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، الذي أصدر جملة توجيهات ضد الاقليم.
مجلس النواب، وفي ظهيرة يوم أمس، واثناء الاستفتاء، صوت على قرارات المجلس الوزاري، وأضاف قرارات جديدة، أعدتها لجنة مكلفة بهذا الشأن، وتزامنت كل هذه الإجراءات، مع خطوات اتخذتها تركيا وإيران فيما يخص الحدود مع الإقليم، وتصدير النفط.
نواب تحدثوا لـ"الغد برس" عن ماهية الإجراءات وكيفية تطبيقها، وإلى أين تتجه الأمور بعد الاستفتاء، وما إمكانية طلب تدخل خارجي لوضع حد لهدف الإقليم واستحواذه على أراض خارج سلطته.
النائب عن التحالف الوطني والقيادي في حزب الدعوة علي العلاق، بين في حديثه أن "الحكومة العراقية لديها خيارات واسعة لإجراءات من شأنها تحد من آثار وتبعات الاستفتاء والحفاظ على وحدة العراق".
وأوضح أن "من هذه الإجراءات، أن الحكومة من حقها السيطرة على المنابع النفطية وبحسب الدستور العراقي، فأن النفط ملك للجميع وليس لمكون معين او جماعة معينة"، مضيفا "الحل هو ضبط المناطق المتنازع عليها في سبيل البقاء تحت سيطرة الحكومة الاتحادية، وذلك حسب الدستور، لكي لا يحصل نزاع وتوتر أمني في داخل هذه المناطق".
وتابع "إضافة إلى ضبط المطارات والتنسيق مع جميع دول العالم بهذا الشأن، ولا تتم حركة الطيران إلا من خلال الحكومة للاتحادية، وأن يكونا مطاري أربيل وسليمانية غير مجازات قانونيا، ولا يتحركا إلا بأذن الحكومة الاتحادية، ومقاضاة مع من يتعامل معها من الدول دون الرجوع الى الحكومة، إضافة إلى التنسيق مع دول الجوار بالنسبة للمنافذ الحدودية وإخضاعها لإذن الحكومة الاتحادية صرفا".
وأشار إلى "ضرورة إخضاع حركة المسؤولين في إقليم كردستان الى سيطرة الحكومة ورواتبهم، وهذه جملة من الاعتبارات في الدستور، كما أن من يحنث باليمين من أعضاء مجلس النواب يفقد عضويته، وأي مسؤول اتحادي شارك في الاستفتاء يخضع لقضية الحنث بالدستور".
ولفت إلى أن "جميع هذه الضغوط إدارية وإجرائية، ولها آثار اقتصادية"، مستدركا "الحكومة لا تريد ان تصل الأمور الى حد الحرب، لان دماء الشعب الكردي هي دماء شعبنا، والحكومة العراقية تسعى جاهدة بان لا نصل إلى هذه المرحلة، ولكن حفظ الأمن يقتضي دخول قوات في حال حصول تجاوزات على مواطنين في منطقة معينة أو حصول اضطراب امني في المناطق المتنازع عليها والقريبة من كردستان، ومن حق القائد العام للقوات المسلحة التدخل عسكريا".
واستطرد "بالطبع نقف بالضد من الحرب بين الطرفين، ولكن نقف مع الإجراءات القانونية وضبط كل ما هو اتحادي ضمن إطار الدستور".
استفتاء الانفصال، الذي لم يحظى بأي تأييد إقليمي أو من المجتمع الدولي، وأجري رغم ذلك، أدى إلى تصاعد حدة التصريحات ووصلت لمرحلة التهديد، وهذا ما فعله الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يوم أمس واليوم أيضا، الذي أشار إلى أن الاسبوع المقبل سيشهد قرار تركي بإيقاف تصدير نفط الاقليم عبر أراضيه.
إيران من جانبها، طبقت هذه الخطوة اليوم، ومنعت ناقلات النفط الخاصة بالاقليم من دخول أراضيها، وذلك بعد قرار بغداد بإبعاد سيطرة الأحزاب الكردية على النفط وتصديره، وأن لا يتم ذلك إلا تحت إشراف الحكومة الاتحادية.
من جانبه، قال أمين عام حزب الخيار الوطني عبد الكريم عبطان، خلال حديثه لـ"الغد برس"، انه "من حيث المبدأ، فأن قضية الحوار أصبحت متأخرة، لان الإقليم أصر على المضي بالاستفتاء رغم المناشدات الإقليمة والدولية، واليوم لدينا ثلاث حلول، وهي المحكمة الاتحادية ومجلس النواب وكذلك رئاسة الوزراء، التي أكدت أن الاستفتاء يمر بظروف وأزمات والوقت غير مناسب للاستفتاء".
وتابع أن "المشكلة الأكبر دخول كركوك ومناطق عربية والتركمان في الاستفتاء، بضغوطات واضحة من قبل القوات الاسايش والبيشمركة وبالقوة"، لافتا إلى أن "الإجراءات التي ستتخذها الحكومة تشمل غلق المطارات وتسليم المنافذ الحدودية والسيطرة على منابع النفط، وربما إحالة محافظ كركوك الى القضاء لتجاوزه القانون ومسائلة رئيس الجمهورية لسكوته، بالإضافة إلى تبليغ السفارات ووزارات الداخلية والتجارة والمالية، جميعها سيكون لها دخل بالموضوع".
ولفت إلى أن "الموضوع والمشهد معقد وليس بالسهل، والأيام المقبلة تحمل مفاجئات"، متابعا "لا نتمنى أن يحدث تصادم بين الطرفين، ولكن في حال تمادى الإقليم على المراكز المهمة الاتحادية سيخسر الإقليم بسبب عناده".
من جانبها، لمحت النائبة عن تحالف القوى جميلة العبيدي، إلى الاستعانة بـ"تدخل خارجي"، قائلة في حديثها لـ"الغد برس" إن "استفتاء كردستان جرى من غير مراقبة دولية، فهو غير دستوري وغير قانوني، لكن إجراءات الحكومة، لا تشمل إلا المنافذ القانونية واتخاذ القرارات في مجلس النواب".
وأكدت أنه "سيتم طرق الأبواب الخارجية المعارضة للاستفتاء للتدخل في القضية"، مشيرة إلى أن "الاستفتاء ليس لديه أي أثر قانوني، لأنه ما بني على خطأ فهو خطأ".
وقالت إن "السياسيين كانوا متفقين مع بعضهم، واليوم اختلفوا ولا دخل للشعب في ما يحصل، أما لو حصلت حرب بين السياسيين فهذا أمر آخر"، مبينة أن "إقليم كردستان يتعرض لضغوطات دولية، وأنه لا يستطيع ان يتجرد منها ويعيش ضد الكل، كدولة مستقرة لوحده".
وبينت "نرى اليوم تناقض بين السياسيين الكرد، حين يقول مسعود بارزاني أجرينا الاستفتاء ولكن لا نريد بناء دولة، وهذا دليل على تناقض أنفسهم بأنفسهم"، موضحة أن "بارزاني تورط بالاستفتاء والدول الأوربية هي من ورطته في ذلك لغاية معينة".
يشار إلى النائب ارشد الصالحي كشف لـ"الغد برس" اليوم، أن البرلمان سيفوض العبادي ويم غد، كل الصلاحيات الكاملة لبسط الأمن وإعادة المناطق المتنازع عليها إلى "أحضان البلد".
وبين أن الأمور أصبحت قيد السلطة التنفيذية، وهي ممثلة بالقائد العام للقوات المسلحة، وسيمنح يوم غد التفويض من قبل البرلمان العراقي.
https://telegram.me/buratha