تراجعت اعداد النازحين في العراق خلال الاشهر الماضية إلى اقل من نصف العدد المسجل في حزيران 2014 عندما احتلت داعش محافظة نينوى ومدنا اخرى.
وتقدّر اعداد النازحين العائدين إلى مناطقهم الاصلية، منذ انطلاق عمليات التحرير منتصف 2015 بـ1.7 مليون نازح. وسجلت محافظة نينوى لوحدها، التي لازالت تشهد عمليات قتال في الساحل الايمن، عودة اكثر من 300 الف نازح، بينهم نحو 70 الف فقط في الساحل الأيسر الذي تمت استعادته مطلع العام الجاري.
وتؤكد احصائيات وزارة الهجرة ومفوضية حقوق الانسان أن صلاح الدين المحافظة الاولى باعداد النازحين العائدين، تليها الانبار على الرغم من أن تقارير الامم المتحدة تقول عكس ذلك.
بالمقابل يحتل اقليم كردستان المركز الاول في كونه اكثر المناطق التي تحتضن نازحين، إذ يقدّر عددهم بنحو مليون شخص. وتعتبر دهوك اكثر محافظات الاقليم والعراق باحتضان النازحين تليها كركوك. ويعيش اكثر من 80% من النازحين في 7 محافظات فقط.
إلى ذلك لاتزال مناطق في محافظات ديالى، وصلاح الدين، وبابل، لم تشهد عودة النازحين لاسباب سياسية وامنية وخدمية بالاضافة إلى مخاوف نشوب اعمال الثأر. بالمقابل يمنع استمرار المعارك في شطر الموصل الايمن، واحتلال "داعش" لعدد من المدن في غرب نينوى، وغرب الانبار، وشمال تكريت من عودة النازحين.
انخفاض أعداد النازحين
ويؤكد مسرور أسود، عضو مفوضية حقوق الانسان في دورتها الاولى، أن اعداد النازحين قد تراجع إلى 1.8 مليون شخص. ويقول أسود، في تصريح صحفي، أن "اكثر من 1.6 مليون نازح عادوا إلى مناطقهم الاصلية"، مشيرا إلى أن "اكثر حالات العودة سجلت في محافظات صلاح الدين، والانبار، وديالى، وكركوك ومناطق في نينوى.
ويلفت الخبير في مجال حقوق الانسان إلى أن محافظة صلاح الدين سجلت أعلى معدلات عودة النازحين بـ500 الف شخص، فيما جاءت الانبار في المركز الثاني بعودة 450 الف شخص".
بالمقابل عاد ألى ديالى 200 الف نازح، و50 الف نازح عادوا الى كركوك. وسجلت محافظة نينوى عودة 300 الف من اصل 1.2 مليون نازح فرّوا من مناطقها منذ حزيران 2014. وسجلت مدينة الموصل نزوح 350 الف شخص بسبب العمليات العسكرية.
من جهته، يقول ستار نوروز المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين، أن "67 الف نازح عادوا إلى الساحل الايسر، مقابل نزوح 48 الف من الايمن". لكن نوروز يؤكد، "وجود نحو 2.5 مليون نازح على الرغم من تسجيل عودة 1.7 مليون شخص إلى مناطقهم".
ويشير المتحدث باسم وزارة الهجرة إلى أن "العدد الكلي للنازحين، الذي سجل في صيف 2014، كان 4.2 مليون شخص".
وقال وزير الهجرة والمهجرين جاسم محمد الجاف إن "معدل النزوح اليومي لأهالي أيمن الموصل تجاوز العشرة الاف شخص". وأضاف أن "استمرار النزوح بهذه الوتيرة المتصاعدة سيضطرنا الى توسيع خطة الايواء والاغاثة".
وأشار الوزير، في بيان له أمس، إلى أنه كان يأمل بدور اكبر من منظمات الامم المتحدة في عمليات اغاثة وايواء نازحي أيمن الموصل، مضيفا بالقول "إلا أن هناك وللأسف تقصيراً واضحاً في عمل تلك المنظمات". وأعرب الجاف عن أمله في أن "يكون للمنظمات الانسانية العاملة في العراق دورا في اغاثة النازحين".
مطبّات عشائرية وسياسية
بالمقابل تؤكد الوزارة أن صلاح الدين هي الاكثر بعودة النازحين ثم محافظة الانبار. لكن اخر بيانات الامم المتحدة كانت قد اشارت مؤخرا إلى تراجع معدلات عودة النازحين إلى صلاح الدين خلال مطلع العام الحالي. ويتحدث المسؤولون في صلاح الدين عن وجود 350 الف نازح لم يعودوا، لاسباب "غامضة".
وشكلت المحافظة مؤخرا، وفوداً ذهبت إلى طهران والنجف، كما تحدّثت مع الحكومة المركزية، لكنها لم تفلح في إعادة النازحين. وتتوزع المناطق التي لم يعد اليها النازحين بـ 130 ألف في بيجي، 50 ألفاً في ناحية يثرب و 70 ألفاً في ناحية عزيز بلد الواقعتين جنوب سامراء. وما زال هناك نحو 90 ألف شخص لم يعودوا إلى ناحية سليمان بيك، والقرى المحيطة بمنطقة آمرلي الواقعة شرق صلاح الدين.
وتقول آمنة الجبوري، رئيس لجنة المهجرين في مجلس صلاح الدين ، أن "هناك 8 الاف نازح من الساحل الايسر في الشرقاط الذي لازال بيد داعش". كما تؤكد وجود 2000 نازح دخلوا المحافظة من الحويجة والزاب. وتنتقد الجبوري قرار الحكومة المحلية باعادة النازحين في الساحل الايمن من الشرقاط، مؤكدة أن "الساحل غير مؤمن، والهاونات لاتتوقف هناك".
وحرّرت القوات الامنية نصف الشرقاط الواقعة شمال تكريت، ايلول الماضي، فيما انشغلت القطعات العسكرية بعد ذلك بعمليات تحرير الموصل.
إلى ذلك يؤكد علي الدايني، رئيس لجنة المهجرين في ديالى، عودة 26 الف عائلة من اصل 53 الف عائلة نازحة، وفق بيانات القوات الامنية.
ويقول الدايني، أن "جلولاء، شرق المحافظة، سجلت عودة 8 الاف شخص من اصل 11.5 الف نازح"، مبيناً أن هناك "25 قرية في السعدية لم تشهد عودة لأي نازح، و2400 شخص كذلك لم يرجعوا إلى المقدادية". بالمقابل لم تعد 500 عائلة إلى المنصورية، وعدد مماثل في العظيم.
ويعزو الدايني عدم عودة نازحي تلك المناطق إلى اسباب امنية سياسية، كما يحدث في جلولاء، حيث تعيق الخلافات السياسية بين الاحزاب عودة الاهالي.
وتسبب الخوف من تسلل عناصر لداعش إلى "السعدية" بمنع عودة النازحين، فيما تعرقل خلافات عشائرية سابقة عودة العوائل في العظيم. ويؤكد المسؤول المحلي أن "سوء الخدمات وعدم تأهيل المدن اسباب اخرى لتعثر جهود عودة النازحين".
بالمقابل ينفي ستار نوروز، المتحدث باسم وزارة الهجرة، حدوث نزوح في أي مدينة محررة حتى ولو بشكل محدود. ويؤكد أن "مناطق سليمان بيك وجرف الصخر، جنوب بغداد، شهدت حركة عودة للنازحين لكن بشكل بسيط".
ويشير المتحدث باسم وزارة الهجرة إلى أن الحكومة تحاول اعادة كل النازحين "لكن هناك اجراءات امنية ومدن بحاجة إلى اعمار".
ويبقى حتى ذلك الحين نحو 625 الف نازح مازالو في دهوك، المحافظة الاكثر استقبالاً للنازحين، تليها كركوك بـ600 الف، ثم اربيل بـ300 الف. كما تحتضن النجف وكربلاء نازحين من قضاء تلعفر يبلغ عددهم 200 الف نازح، وفق احصائيات مفوضية حقوق الانسان.
وكشفت الامم المتحدة، في اخر احصائية اصدرتها، أن 84% من النازحين الذين لم يعودوا، يعيشون في ستة محافظات، وهي بغداد، والانبار، وكركوك، ونينوى، ودهوك، واربيل، وصلاح الدين.
https://telegram.me/buratha