التقارير

مناورات أردوغان الساذجة والإمعان في البلطجة والاستهتار

1878 2016-04-02

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

ردت موسكو بشكل واضح ومباشر على مناورات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول أمله بأن تنظر موسكو إلى علاقاتها مع بلاده من منظور العلاقات الماضية التي كانت جيدة بين الطرفين.

لا أحد يستطيع أن يؤكد أو ينفي صدق كلمات أردوغان ونواياه. ولكنه هو نفسه الذي صمم منذ البداية على أن تركيا لم ترتكب أي خطأ بحق روسيا. وهو نفسه الذي صال وجال في أوكرانيا وغيرها، مدليا بتصريحات عدائية للغاية إزاء السياسة الروسية.

الكرملين، في الحقيقة، قال إن تركيا لم تفعل أي شيء مما تتوقع روسيا منها من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين، مشيرا إلى أن التهم التي توجه إلى قاتل الطيار الروسي المحتجز في تركيا، ليست معروفة. وهو ما يعطي انطباعا بعدم صدق إردوغان الذي قبض على قاتل الطيار الروسي بعد 3 أشهر من ارتكابه الجريمة، وذلك على الرغم من تجواله بحرية أمام أعين السلطات طوال كل هذه المدة. فماذا حدث بالضبط لكي تعلن سلطات أردوغان عن اعتقال القاتل؟ وهل المشكلة في هذا القاتل تحديدا، أم في من أعطى الأوامر ليس فقط بالقتل، وإنما بالاعتداء السافر على مقاتلة روسية أثناء عملها في مكافحة الإرهاب؟

الغريب فعلا أن أردوغان ينتهز مثل هذه الفرصة (فرصة القبض على قاتل الطيار الروسي) للدعوة إلى ضرورة استئناف التعاون بين تركيا وروسيا. الأمر الذي استدعى أن يرد عليه الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأنه يمكن لموسكو أن تعرب عن أسفها من جديد بسبب عدم وجود إي إشارات من قبل تركيا حول اعترافها بمسؤوليتها عن إسقاط القاذفة من أجل تطبيع العلاقات، وأن موسكو لا تعلم الآن ما هي التهم التي توجه إلى قاتل قائد القاذفة الروسية، وكيف ستفسر النيابة العامة التركية جريمة القتل التي ارتكبها. أي أن موسكو ببساطة تطالب بمعاقبة المسؤولين عن قتل الطيار الروسي، وعن الاعتداء على المقاتلة الروسية، وعن العملية العدوانية كلها وتحمل كل التبعات المترتبة على ذلك.

لقد قال أردوغان، في كلمته بمعهد بروكينجز للعلوم السياسية في واشنطن، إنه "بعد حادثة القاذفة الروسية يوم 24 نوفمبر 2015، اصطدمنا بمشكلات في علاقاتنا مع روسيا". وفي الوقت نفسه ألقى إردوغان بمسؤولية تدهور العلاقات على الجانب الروسي بقوله إن "العلاقات كانت جيدة بين روسيا وتركيا بعد انتهاء الحرب الباردة. وأن هذه العلاقات تضررت بسبب سياسة السلطات الروسية". ولكنه عاد ليؤكد مجددا بأن المصالح المشتركة للدولتين تتطلب وجود علاقات طبيعية، معربا عن أمله بأن يأخذ الجانب الروسي هذا العامل بعين الاعتبار، وكأنه لا يعي تداعيات "الطعنة" التي وجهها إلى ظهر روسيا، على حد تعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وفي الحقيقة، ورغم إعراب أردوغان عن أمله بعودة العلاقات مع روسيا، فقد تطرق أيضا إلى الموضوعين الأوكراني والسوري ليذكر موسكو بأنه يملك الأوراق اللازمة في حال لم تستجب موسكو لدعوته. فأثناء تطرقه إلى الوضع في شرق أوروبا، نوه بأن هذه المنطقة اصطدمت بعدم الاستقرار، وذلك في تلميح واضح إلى الأزمة الأوكرانية. ودعا إلى حل الخلافات هناك بالاعتماد على القانون الدولي في نفس سياق حديثه عن أوكرانيا. علما بأنه أدلى بتصريحات معادية لروسيا أثناء زيارته كييف مؤخرا ولقائه مع نظيره الأوكراني بيترو بوروشينكو.

وفي الموضوع السوري، جدد أردوغان الدعوة إلى إقامة "مناطق آمنة" داخل سوريا، معربا عن استعداد بلاده لتوفير المرافق الأساسية في هذه المناطق. وقال "يمكننا تشييد البنية التحتية اللازمة في غضون سنة أو سنة ونصف، وأنا حازم جدا وحريص على تحقيق هذا الهدف".

كما أوضح أردوغان أنه بوسع تركيا بناء منازل ومدارس ومكاتب للنازحين السوريين في تلك المناطق، معربا عن ثقته بأنه في حال توفير المرافق الأساسية في "المناطق الآمنة"، سيبدأ اللاجئون المتواجدون في تركيا بالعودة إلى الأراضي السورية. غير أن الخطير هنا أن الرئيس التركي كشف عن أنه بحث هذا الموضوع مع نظيره الأمريكي باراك أوباما، وأضاف أنه قد حدد مناطق معينة في شمال سوريا لتنفيذ مشروعه هذا. الأمر الذي أثار استياء الأوساط السياسية والدبلوماسية الروسية.

من جهة أخرى، تكشف توجهات أردوغان الحقيقية، هو أنه أعرب عن أمله في الحصول على مساعدات مالية من دول أخرى لتحسين ظروف معيشة اللاجئين. وقال "لقد أنفقنا 10 مليارات دولار من ميزانيتنا لتلبية احتياجات اللاجئين، لكننا لم نحصل من المجتمع الدولي سوى على 455 مليون دولار".

إن مناورات أردوغان هذه تعكس استهتارا غير عادي بروسيا، وإمعانا في "البلطجة" و"الابتزاز"، واستخدام كل الفرص والمناسبات الممكنة للإدلاء بتصريحات غير مسؤولة تجاه موسكو ومصالحها، بل واتهامها – كما فعل – بأنها تدعم الإرهاب، وهو ما ظهر عكسه تماما حينما ظهرت الوثائق الخاصة بعلاقة أنقرة مع التنظيمات المتطرفة والإرهابية في المنطقة عموما، وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص. كما أنه يدعو موسكو لإعادة العلاقات من جهة، ويتدخل في الشؤون الداخليها لها من جهة أخرى، عبر الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة بشأن شبه جزيرة القرم والعلاقات الروسية – الأوكرانية.

 

أشرف الصباغ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك