“السنة والشيعة متوحدون في العراق،” هكذا عنون موقع “المونيتور” الأمريكي تقريرا له تناول فيه اللُحمة الوطنية بين السنة والشيعة في العراق خلال شهر رمضان وإمكانية استغلال ذلك في تجاوز الصراعات الطائفية بالبلاد.
وإلى نص التقرير:
يشعر المواطن العراقي سعد الجبوري أن رمضان هذا العام جيد. فقد غادر مدينة كركوك بصحبة أسرته المكونة من أربعة أفراد في الـ 20 من تموز 2014، إلى مدينة الحلة وسط محافظة بابل جنوبي العاصمة بغداد، ليستقبلهم أهلها هناك بترحاب حار وكرم الضيافة، المتمثل في وجبات الإفطار المجانية خلال شهر الصوم.
وقال الجبوري في تصريحات لـ ” المونيتور” إن الطعام الذي حصل عليه كان أكثر بكثير مما يحتاجه هو وأسرته، مشيرا إلى أن الكثير من النازحين ممن نزحوا من شمالي وغربي العراق إلى بابل يشعرون بالأمن والأمان.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق في الـ 23 من يونيو الفائت أن عدد النازحين في العراق، معظمهم من المناطق الشمالية والغربية قد وصل أكثر من 3 ملايين شخص موزعين على كل المحافظات، نتيجة اجتياح ” داعش” لمناطق في البلاد منذ حزيران 2014.
وحضر “المونيتور” حفلات إفطار مجانية للفقراء أقيمت في مساجد مدينة النجف المقدسة (التي تبعد 160 كيلومترا جنوب بغداد)، والتي شهدت توزيع الطعام على البيوت التي تعاني ضيقا في الأرزاق.
وأثناء إحدى الحفلات، قال علي الخالصي (شيعي)، من محافظة ديالى إنه “طلب من الحكومة المحلية السماح له بالإقامة الدائمة في النجف بسبب المعاملة الحسنة وكرم الضيافة الذي حظي بهما من أهل المدينة”.
و لاحظ “المونيتور” هذا التعاون بين الطوائف المختلفة عند زيارته المساجد المقدسة في مدينة كربلاء جنوبي بغداد، حيث يتم توزيع الطعام على كل من النازحين وأهل المدينة الأصليين على حد سواء.
وقال سعيد حسن (سني)، النازح من محافظة صلاح الدين، إنه “يفكر في الاستقرار النهائي في كربلاء،” مضيفا ” حصلت على فرصة عمل كسائق تاكسي وهو ما لم استطع أن أحصل عليه في مدينتي الأصلية”.
وانتقد علاء كولي صحفي من كربلاء، والذي يكتب التقارير للعديد من وسائل الإعلام العراقية في تصريحاته لـ “المونيتور” وسائل إعلام لم يذكر اسمها، مؤكدا على أنها “اعتادت على تداول أخبار حول نزاعات سياسية ذات أبعاد طائفية، ولا تنقل أخبار التعاون والتكافل بين أبناء الطوائف المختلفة”.
وتابع: “في رمضان، يقوم القادرون بتقديم مساعدات للفقراء والمحتاجين، لكن حديث الحرب والطائفية يغلب على الجوانب الإنسانية وصور العيش المشترك بين العراقيين”.
من جهته، دعا رجل الدين عبد العزيز الياسري من بابل “المونيتور” إلى زيارة ضريح الإمام الحمزة جنوب المدينة، حيث نظم هناك إفطارا جماعيا بدعم من الميسورين والهيئات الدينية. وشدد الياسري على أن ثمة لُحمة وطنية ودينية “على الرغم من أن غالبية سكان هذه المنطقة من الشيعة، وأغلب المهجرين من الشيعة، إلا أن هناك نحو عشر عائلات سنية هاجرت من الأنبار في آذار 2014 إلى هذه المدينة، ووجدت المساعدة والدعم بالقدر نفسه الذي حظيت به العائلات الشيعية”.
ومن هؤلاء سيف الدين العبيدي، وهو سني من أهالي الفلوجة، الذي قال لـ”المونيتور” إن “الواقع يختلف كثيراً عما تصوره وسائل الإعلام التي تهتم بالصراعات السياسية”.
وأردف العبيدي الذي درس علم الاجتماع في جامعة بغداد، واشتغل بمهنة التدريس طوال عقدين “تضعف الطائفية وتنعدم بين الطبقات الشعبية، لكنها تتواجد وبقوة بين السياسيين والحزبيين المنقسمين”.
ويعتقد العبيدي أن “شهر رمضان استطاع إظهار تلاحم الطوائف وتعاضد أبنائها، في حين استمرت أغلب وسائل الإعلام في نقل الصراعات والخلافات الطائفية.”
إن من يتجول في مناطق وسط العراق وجنوبه، يرى الكثير من مشاهد الحياة الاجتماعية المعبرة عن الشعور المشترك بالخطر الذي يهدد العراقيين. ولعل استقبال أهالي هذه المناطق العشرات من العائلات النازحة من مختلف الطوائف نموذج على ذلك، كما أن شهر رمضان قوى أواصر العلاقات الإنسانية بين أبناء الطوائف المختلفة، وقدرتهم على التعاون لتجاوز الأزمات.