مع فشل الفرقاء اليمنيين حول اتفاق هدنة وإنهاء الحرب في مشاورات جنيف، تشير مختلف المعطيات وتجارب الفترة الماضية إلى أن الحسم العسكري أمر يصعب الجزم بنتائج قريبة له، إذ اتخذت الأزمة مساراً قابلاً للاستمرار لأشهر.
الوضع الميداني
شن طيران التحالف بقيادة السعودية، غارات على منطقة الملاحيظ وآل الصيفي في صعدة، معقل جماعة الحوثيين شمالي اليمن.
وقتل 6 من المسلحين الحوثيين وأصيب 5 آخرون، الأحد، في هجوم للمقاومة الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، بمدينة تعز جنوبي البلاد
ودمرت قوات المقاومة آليات للحوثيين، في هجوم على نقطة تابعة لهم في منطقة البرح، غربي تعز.
كما شن ﺍﻟﻄﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ، ﻏﺎﺭﺓ ﺟﻮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺰﻝ ﺍﻟﻠﻮﺍﺀ ﻋﻠﻲ ﻣﺤﺴﻦ ﺍﻷﺣﻤﺮ مستشار الرئيس اليمني والقائد السابق لقوات الفرقة الأولى مدرع ﺑﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪﺓ، غرب ﺍﻟﻴﻤﻦ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﻮﻥ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻮﻥ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻮﻟﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ.
فيما قصف
الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، مساء السبت وفجر اليوم الأحد، أحياء مدينة عدن، جنوب اليمن، بأسلحة تستخدم لأول مرة، ويمكن أن تكون محرمة دولياً، وفق ما أفادت مصادر محلية.
وتمكنت اللجان الشعبية الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وفق شهود عيان، من السيطرة على مفرق عمران ـ الوهط، غرب محافظة عدن، بعد معارك ضارية ضد قوات الحوثي، سقط فيها عدد من القتلى والجرحى من الجانبين، وسط قصف لقوات "التحالف العربي" استهدف تجمعات حوثية في مناطق جعولة، وبئر أحمد وطريق عدن ـ الوهط، في لحج، وأوقع الكثير من الخسائر في المعدات العسكرية والبشرية، بحسب الشهود.
كما قصف الحوثيين مواقع عسكرية سعودية في جازان، فيما لم ترد بعد أي أنباء عن خسائر بشرية أو مادية.
الحوار اليمني
وفي متابعة لتداعيات فشل لقاء جنيف، أكد الدكتور رياض ياسين، وزير الخارجية اليمني، أن التشاورات في مؤتمر جنيف اليمني، كانت من طرف واحد، وفشل المؤتمر، ولم يتم الاتفاق، أو التوصل إلى نقاط مبدئية بين وفد الحكومة مع وفد الحوثيين وحلفائهم، مشيرًا إلى أن «تعنت الانقلابيين أدى إلى إعاقة تنفيذ آلية القرار الأممي 2216، وما قبلها، والاتفاق الذي قبلنا دعوة الأمم المتحدة، ووصلنا إلى جنيف من أجله».
وأوضح الدكتور ياسين في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» قبل مغادرته جنيف، أن وصول إسماعيل ولد الشيخ أحمد، المبعوث الأممي إلى اليمن إلى المنطقة، لمحاولة حل المسائل خلال الفترة المقبلة، يعتبر من أساس عمله كمبعوث أممي، حيث قدمنا النصائح بعدم التشاور مع الحوثيين وحلفائهم في خارج اليمن، لأنهم يعتبرون في الأساس ميليشيات مسلحة، تعمل على السيطرة على المفاصل العسكرية، واحتلال المدن، واستهداف المدنيين.
وذكر الدكتور ياسين، أن الوفد وصل إلى جنيف من أجل نقطة معينة، وهي تنفيذ آلية القرار الأممي 2216 فقط، حيث سيتم الترتيب لاجتماعات أخرى في حال التوافق، فيما اتضح أن الحوثيين وحلفاءهم وصلوا بعد معاناة إلى جنيف، وهم لا يعرفون القرارات التي سيناقشونها، وبالتالي جرت عرقلة المؤتمر، وفشله.
فيما كشف الدكتور هادي اليامي لـ«الشرق الأوسط» ، رئيس لجنة حقوق الإنسان العربية، أن إحالة جرائم الميليشيا الحوثية لمحكمة الجنايات الدولية بات خيارًا مطروحًا في الوقت الراهن، وأضاف أن اللجنة تعمل مع وزارة حقوق الإنسان اليمنية على رصد وإحصاء الانتهاكات تمهيدًا لاتخاذ خطوة التصعيد القانوني.
وأكد أن ما يجري في اليمن - حاليًا - أمر مؤسف نظير القمع الذي يمارس ضد الشعب من قبل ميليشيا الحوثي والموالين للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إضافة لأفعالهم التي تعد خروجًا على الشرعية وتجاوزًا للقانون وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
وأوضح أن اللجنة تلقت تقارير من اليمن تضمنت توثيقًا للانتهاكات الحوثية، مشددًا على أن ذلك يتطلب من المجتمع الإقليمي والعربي والدولي معرفة مرتكبي تلك الانتهاكات ومحاسبتهم، وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته والقيام بدوره في ضمان أمن وسلامة المدنيين.
اجتماع قادة الجنوب
وفي سياق آخر أكد لقاء جمع عددًا من قادة الجنوب في القاهرة في مصر أهمية توحيد الصف الجنوبي في هذه المرحلة الدقيقة، التي تتطلب حضورا لقيادة سياسية موحدة الفعل، تستوعب المتغيرات المحلية والعربية والدولية، وتوجهها نحو الغايات والآمال المشروعة والعادلة.
وكان اللقاء المنعقد في مصر أول من أمس، بمنزل المهندس الرئيس حيدر أبو بكر العطاس، والذي ضم من قادة الجنوب كلا من الرئيس علي ناصر محمد، والشخصيتين المعروفتين أنيس حسن يحيى وصالح شائف حسين، وأمين سر المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير واستقلال الجنوب فؤاد راشد، وعددا من القيادات الوطنية المقيمة بمصر، قد تناول الأوضاع المأساوية في اليمن عموما وعدن خاصة.
وشدد اللقاء على ضرورة التحضير العاجل للقاء جنوبي موسع إن أمكن أو مصغر يفضي إلى التوافق على قيادة جنوبية موحدة تضطلع بمهام المرحلة الحالية، داعيا إلى استيعاب المخاطر المحدقة بالوطن ومآلاتها المخيفة من شتى نواحيها.
الحضور الإيراني
وفيما يتعلق بإيران، فقد قال نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية، حسين أمير عبد اللهيان، أنه أجرى مباحثات مع نظيره الروسي ميخاييل بوغدانوف تتعلق بشئون وقضايا المنطقة، مؤكداً دعم موسكو وطهران للحوار بين اليمنيين في جنيف.
وذكر بيان للدائرة الإعلامية في الخارجية الإيرانية، أن عبد اللهيان بوغدانوف بحثا التطورات الإقليمية ومكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن المباحثات تركزت على الأوضاع السورية واليمنية والليبية ومواقف طهران وموسكو تجاه تلك البلدان.
ووفقاً للبيان الإيراني فإن طهران وموسكو شددا على ضرورة “وقف الهجمات العسكرية ضد اليمن إلى جانب إحلال وقف إطلاق النار بصورة عاجلة في البلاد فضلا عن إرسال المساعدات الإنسانية إلى أنحاء البلاد”.
وأكد المسئولان الإيراني والروسي على تبني الحلول السياسية لتسوية القضية اليمنية إلى جانب انطلاق الحوار بين الفصائل اليمنية دون شروط مسبقة، في ظل الأوضاع الكارثية في البلاد، مشيرين إلى دور منظمة الأمم المتحدة لتسوية الأزمة اليمنية سياسيا.
المشهد اليمني
ثلاثة أشهر على الحرب، تراجعت آمال إمكانية الحسم السريع أو الجهود السياسية عبر "مؤتمر الرياض"، ومباحثات الحوثيين في العاصمة العمانية "مسقط"، وانتقلت بعدها إلى جهود الأمم المتحدة بعقد جنيف الذي فشل هو الآخر بإيقاف الحرب، وكلها تجعل اليمنيين أقل تعويلاً على المسارات السياسية، مثلما أن الغارات الجوية والمواجهات الميدانية أصبحت مكلفة على البنية التحتية والسلم الاجتماعي من دون أفق واضح في الحسم.
والمرجح خلال الفترة المقبلة، هو أن يكون الخيار من الداخل اليمني مع استمرار الصراع وارتفاع تكلفة الحرب.