تونس ـ روعة قاسم
تتحدث تسريبات عديدة عن بدايات فرج في الأزمة الليبية أساسها محاصصات وجوائز ترضية لهذا الطرف السياسي. إذ يبدو أن الجانب الأممي الراعي للحوار الليبي ذاهب باتجاه تقاسم السلطة بين طرفي الصراع الليبي أي جماعة طبرق المدعومون من الجيش الوطني بقيادة اللواء خليفة حفتر ومن مصر والإمارات، وجماعة طرابلس المدعومون من ميليشيات فجر ليبيا ودولتي قطر وتركيا.
إذ يبدو أن العاصمة الليبية طرابلس ستكون قريبا قبلة مجلس النواب الليبي المنتخب الممنوع من عقد اجتماعاته فيها مقابل مشاركة الإسلاميين في طرابلس في الحكم. أي أن الليبيين قد ذهبوا بالنهاية نحو الخيار التونسي أي تشريك الجميع في القرار والحفاظ على الوحدة الوطنية وتخلوا عن الخيار المصري الذي أقصى الحركات الإسلامية والإخوانية عن لعب أي دور سياسي.
رئيس الحكومة
وتتحدث التسريبات عن شبه اتفاق بين طرفي الصراع على أن يكون عبد الرحمان شلغم (أحد رموز نظام القذافي الذين انشقوا عنه منذ الأيام الأولى لاندلاع الاحتجاجات) رئيس الحكومة القادم باعتباره أحد رموز "ثورة 17 فبراير" كما يسميها الليبيون. ويعتبر شلغم حلا وسطا بين الطرفين فهو يمثل حراك 17 فبراير الذي ينتمي إليه الإسلاميون ولديه في المقابل علاقات جيدة مع التيار الليبرالي، كما يبدو أن المنظومة القديمة الموالية للقذافي موافقة على هذا الخيار ولو على مضض.
ليبيا: محاصصة لتجاوز الأزمات
أما رئيس الجمهورية فيبدو أن خيار انتخابه مباشرة من الشعب غير مطروح في الوقت الراهن بسبب الأوضاع الأمنية المتردية، وأن القوم ذاهبون باتجاه انتخابه من قبل البرلمان. وهو ما يعني أن الرئيس، وبخلاف رئيس الحكومة، سيكون من ضمن جماعة طبرق من غير الإسلاميين باعتبار أن لدى هؤلاء غالبية مجلس نواب طبرق الذي لم يعقد بعد اجتماعاته في طرابلس التي يسيطر عليها المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته.
تنازلات
ونتيجة لهذه التفاهمات، التي تمكنهم من حصة كبيرة من "كعكة" السلطة فقد تنازل جماعة طبرق عن كثير من الأمور، من بينها عدم حصر الشرعية فقط في مجلس النواب المنتخب رغم أن الأطراف الإقليمية والدولية تعترف بهذا البرلمان كممثل شرعي للشعب الليبي. كما قبل جماعة طبرق بإعادة بناء الجيش الليبي الذي يسيطر عليه حليفهم اللواء خليفة حفتر ومن المتوقع أن يتم دمج الميليشيات المنضوية تحت راية "جماعة فجر ليبيا" في هذا الجيش كحل لفوضى السلاح المنتشرة في البلاد.
وقد حذر عدد من الخبراء والموالين لجماعة طبرق من مغبة هذه التنازلات، لأن الطرف المقابل (جماعة طرابلس) لم يقدم بعد ما يستحق هذه الثقة العمياء التي تدفع بالبعض إلى التنازل. فالشرعية بحسب هؤلاء يمتلكها جماعة طبرق باعتبارهم يمثلون برلمانا منتخبا شارك الجميع في انتخاب أعضائه بما في ذلك الحركات الإخوانية التي رفضت الاعتراف بالنتائج بسبب الهزيمة ومددت بصورة منفردة للمؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته.
تبادل الأسرى
وفي إطار هذه الأجواء من التوافقات قامت أطراف محلية ليبية بإبرام اتفاقات تم بموجبها تبادل الأسرى بين فريقي الصراع. وقد رعى إحدى عملية التبادل الهلال الأحمر الليبي الذي دخل على الخط ويبدو أن دورا فاعلا ينتظره في هذا المجال.
لقد أدرك الليبيون على ما يبدو أن لا فائدة ترجى من الاقتتال الأهلي وأن لا أحد بإمكانه الحسم وإلغاء الطرف المقابل خصوصا وأن الأطراف الخارجية (إقليمية ودولية) المغذية للصراع لا تعبأ بما يصيب ليبيا من دمار وهمها هو الربح المادي من خلال بيع السلاح وإعادة الإعمار، وأيضا الهيمنة على القرار السياسي لمختلف الفرقاء. فالخاسر الوحيد هو ليبيا التي دمرها أبناؤها بأيديهم وبتحريض من الأشقاء والأصدقاء والأعداء على حد سواء.
23/5/150517
https://telegram.me/buratha