فلماذا تري ترکيا نفسها قريبة إلي داعش إلي هذا الحد، وتربط جزءاً کبيراً من سياساتها في المنطقة بهذا التنظيم؟
المصادر المطلعة تقول إن السبب الرئيسي لذلك هو الحضور القوي للإخوانيين في داعش. وبعبارة أخرى إن لداعش خلفية إخوانية وهذا الأمر جعل ترکيا تلتزم برعاية هذا التنظيم .
کان أبو بكر البغدادي في الثمانينات والتسعينات من الأعضاء البارزين في حزب البعث العراقي، ولکنه انضم لاحقاً إلي جماعة الإخوان المسلمين. وبعد عامين من سقوط صدام حسين في العراق في عام 2003 انتقل إلي السلفيين، وأصبح من الشخصيات السلفية المتشددة في العراق، وانضم إلي كتلة معارضي سقوط النظام البعثي .
وبعد ذلك تم سجنه لمدة عامين في سجن بوکا تحت عين الأميركيين، ثم أعلن الأميركيون أنهم لا يملکون أي دليل ضده ولا يستطيعون إبقاءه في السجن، ولهذا السبب صدر الأمر بالإفراج عنه .
ثم اختفى بعد ذلك لمدة عامين، وادعي الأميركيون أنه لم تکن لديهم معلومات عنه خلال تلك الفترة. وتقول مصادر أمنية أنه ذهب خلال هذه المدة إلي الکيان الإسرائيلي وتلقي هناك التدريبات الأمنية، ثم تبيّن لاحقاً بأنه قد انضم إلي تنظيم القاعدة في العراق .
وفي البداية عمل تحت قيادة أبي مصعب الزرقاوي، ولکن انتقل بعد موته إلي أبي حمزة المهاجر الذي کان مصرياً وأصبح خليفة للزرقاوي. وبعد مقتل أبي حمزة المهاجر في عام 2010، تولى أبو عمر البغدادي قيادة القاعدة، ولکن قتل هو أيضاً بعد فترة وجيزة، وفي هذه المرحلة بدأت الخلافات في تنظيم القاعدة في العراق .
السجل البعثي لأبي بکر البغدادي ساعده علي اجتذاب الكثير من البعثيين الهاربين منذ حکم صدام إلي نفسه، وبعد صعود نجم الإخوانيين في مصر وبدء المرحلة الإخوانية في الشرط الأوسط، بدأ الإخوان المسلمون في العراق نشاطهم أيضاً .
هذا السجل الإخواني قد مکّن أبي بکر البغدادي من الحصول علي دعم قسم من الإخوانيين أيضاً، ومن هنا بدأ تاريخ تشکيل داعش. ينقل أبو بكر البغدادي أنشطته من العراق إلى سوريا، وتعظم قدرته بواسطة دعم البلدان العربية التي کانت تفکر بشکل أعمي بإسقاط بشار الأسد فحسب .
وخلال الفترة التي أمضاها داعش في سوريا، تمکن من الغلبة علي بقية الجماعات شبه العسكرية المناهضة للأسد، وبالتزامن مع ذلك استطاع الاتصال بترکيا بسبب وجود العلاقة الإخوانية واکتساب دعمها بشکل سريع. وفي الهجوم علي الموصل، کانت ترکيا علي علم کامل بالعمليات، ويقال حتي إن ترکيا قد ساعدت الدواعش بشکل مباشر .
وبعد سقوط الموصل وانکشاف الدعم الترکي الواسع لداعش، بدأ التشاؤم وسوء الظن حيال داعش يدب في الدول العربية المطلة علي الخليج الفارسي، والتي کانت علي عداء قديم مع الإخوان المسلمين. حتي أن السعودية قد اعتبرت هذا التنظيم تهديداً خطيراً علي أمنها، ولهذا السبب يقال إن السعودية ليست لديها أي علاقة بداعش في الوقت الحالي .
ويقول بعض المسؤولين في الإخوان المسلمين إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليس إخوانياً ولکنه إسلامي، وحزب العدالة والتنمية ورجب طيب أردوغان نفسه يتأثران بشكل كبير بجماعة الإخوان المسلمين، وللإخوان المسلمين تواجد فعال ومباشر في جهاز الحکم وفي جميع المؤسسات الاقتصادية والسياسية والأمنية لهذا البلد. وهكذا يمكن أن نفهم لماذا تدعم ترکيا تنظيم داعش .
ويعتقد العديد من الخبراء أن تركيا بهذه الطريقة تحاول تحويل داعش إلي الجناح العسكري لجماعة الإخوان المسلمين، واستخدامه لفتح جبهات أخرى وخاصة في سوريا. ومن الواضح للجميع أن هدف تركيا النهائي في سوريا، هو إيصال جماعة الإخوان المسلمين إلي الحکم في هذا البلد. لذا يمكننا القول إنه مع وجود هذه المعادلة المعقدة، فإن عمليات محاربة داعش في جميع أنحاء المنطقة ستستغرق وقتاً طويلاً .
https://telegram.me/buratha