التقارير

من لبنان الى غزة...هزيمة عقلية الضعف

2215 2014-07-28

محمد محمود مرتضى

أن تأخذ حقك بقوة الارادة والسلاح، وتسترد ارضاً سليبة رغم انف العالم وجبروته ورغم طغيان الطغاة، لا شك أن ذلك لن يكون امراً عادياً، ولا يمكن له أن يكون كذلك، كيف والمهزوم هي "اسرائيل" ربيبة الغرب المستكبر كله.

لذلك لا يمكن للخامس والعشرين من ايار عام 2000 ان يكون تاريخاً عابراً، ليس لانه تاريخ تحرير وانتصار، بل لانه تاريخ بداية الانتصارات وأفول زمن الهزائم.

هو اول انتصار واضح على "اسرائيل" يرغمها على الانسحاب دون قيد او شرط ودون توقيع معاهدات واتفاقيات.

انسحاب لم يكن، وما كان له أن يكون، انسحاباً هادئاً، بل كان، وهكذا ينبغي له، انسحاباً صاخباً انكفأ فيه العدو من منطقة تلو الاخرى تحت ضربات المقاومة تارة، وزحف أشرف الناس تارة اخرى..فاختلطت فيه دموع الفرح مع زغاريد أعراس النصر ودماء الشهداء.

ست سنوات فقط كانت بين التحرير وحرب تموز، حيث خلدت الكثير من الصور. حفرت في الذاكرة، صور هي أشبه بالاساطير.

وبقدر ما كانت هذه الانتصارات عميقة في وجدان اللبنانيين خاصة، والعرب والمسلمين عامة، بقدر ما كانت الهزيمة عميقة في وجدان وذاكرة الصهاينة وحلفائهم؛ لأنه هشّم اسطورة عُمل على بنائها منذ تأسيس الكيان الغاصب.

ولذلك نفهم لماذا كانت حرب تموز، ولماذا كان الانتقام من مدينة بنت جبيل تحديداً كرمز لخطاب تاريخي كشف حقيقة كيان أُريد له ان يظهر على انه فولاذي لا يقهر وإذا به "أوهن من بيت العنكبوت".

فشل جنوب لبنان عام 2006 اريد له ان يمحى من الذكرة من بوابة غزة عام 2008، لكنه الفشل مرة اخرى، اخفاق يعقب اخفاقاً، فكان لا بد من فتح الادراج ونبش الملفات علّهم يجدون ما يمكن أن يساعد في الحرب على المقاومة والممانعة. فوجدوا ضالتهم في الحروب والفتن المذهبية. ما نفع في الحرب على الاتحاد السوفياتي حتماً سينفع في تقسيم العالم العربي والاسلامي، وبدل التحشيد على العدو " الملحد " الشيوعي، يتحول الخطاب الى عدو "كافر"، او خصم " مرتد" او قريب " فاسق".

وبعد ان انتشرت الفتن ها هم يحاولون من جديد في غزة، علّهم ينجحون بعد محاولات سابقة فاشلة، مراهنين على انشغال العالم الاسلامي بـ"داعش" العراق وسوريا و"دواعش" الانظمة العربية، لكنه الفشل من جديد.

فقد كشف السفير الاميركي الاسبق جيفري فيلتمان بعد حرب تموز 2006 أن الادارة الاميركية صرفت اكثر من خمسماية مليون دولار من أجل تشويه صورة المقاومة .

ربما نجحت الحملة في مكان ما بسبب الفتن المتنقلة، ولكن والحق أقول، انه رغم أهمية الدعم الشعبي للمقاومة، الا أنه لو كان للتظاهرات أن تحقق الانتصارات لتحررت فلسطين منذ زمن بعيد بل لما كانت اغتصبت بالاصل، ولما وصل العدو الاسرائيلي الى قلب بيروت، ولما احتلت الولايات المتحدة العراق، ولما نهبت ثروات العالم العربي والاسلامي..

وحدها التضحيات تحقق الانتصارات، بمقاومة واعية، وشعب مضحي.

نعم صرف الاميركيون مئات الملايين من الدولارات لتشويه صورة انتصار، قد ينجحون في مكان، ويفشلون في آخر، ولكن تبقى الحقيقة الثابتة التي لا يمكن تشويهها: ان آلاف ملايين الدولارات لن تستطيع ان تمحي الهزيمة من نفوس العدو .

وما دامت الهزيمة راسخة في نفس العدو ووجدانه وذاكرته، فإن فعل المقاومة قد حقق هدفه وغايته.

إن قيمة انتصارات جنوب لبنان وغزة وإفشال المؤامرة على سوريا، انه هزم عقلية الضعف والوهن التي زرعت في وجدان الامة منذ عقود.

وعندما هزمت عقلية الضعف هذه كان حقاً أن يقال : ولى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات.

10/5/140728

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك