التقارير

السعودية والأردن...سياسة قصر النظر في سورية

1266 18:29:04 2014-05-18

حميدي العبدالله

لعب كلّ من الأردن والسعودية دوراً خطيراً في تصدير الجماعات التكفيرية المتطرفة إلى سورية وتشجيعها على القتال هناك. الأردن فتح حدوده لتلك الجماعات، سواء الأردنية أو العربية أو الأجنبية. والسعودية لعبت دوراً مماثلاً ولم تقم بأي جهد لعرقلة تدفق هؤلاء إلى سورية، إلاّ منذ أسابيع قليلة عندما اتخذت قرارات تجرّم العمل داخل سورية، واتخذت سلسلة من العقوبات ضد الذين قاتلوا في سورية وعادوا إلى بلادهم. وكانت هناك حسابات دفعت هذين البلدين إلى إرسال الإرهابيين إلى سورية، غير تلك المرتبطة بعلاقات هذين البلدين بالولايات المتحدة والدول الغربية، وتشجيع واشنطن لهما على المساعدة في تجنيد الإرهابيين وإرسالهم إلى سورية أو تسهيل وصولهم إليها سعياً إلى زعزعة الاستقرار واستنـزاف الدولة السورية والعمل على إسقاطها، ومن أبرز تلك الحسابات الرغبة في التخلص من الجماعات المتطرّفة، أو العمل على استرضائها، وفي هذا السياق يقول توماس هيغ هامر مؤلف كتاب «الجهاد في السعودية… قصة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» إن الحكومة السعودية رأت في تشجيع بعض الشباب السعودي للقتال في دول أخرى أنه «لصرف بعض التذمر المحلي بعيداً عنها». بل إن أسامة بن لادن نفسه تحدث عن هذا الدافع لدى حكام السعودية في تشجيع الشباب السعودي للقتال في مناطق محددة في العالم، ففي بيان صدر عنه عام 1995 قال حرفياً: «الملك يقصد الملك السعودي يسعى إلى الهرب من الحقائق الداخلية بصرف الانتباه بعيداً عن مشاكله وتركيزه على المشاكل الدائرة في الخارج. إنه يصرف الانتباه، ويدغدغ مشاعر الأمة برفع شعار دعم البوسنة والهرسك».

السياسة عينها اتبعها الأردن الذي سهل تدفق مئات المتطرفين الأردنيين إلى سورية للقتال ضد الجيش العربي السوري، وكان يتنصل من مسؤولية ضبط الحدود بالقول إنها حدود طويلة يصعب ضبطها، علماً أن الحدود المشتركة بين سورية والأردن لا تمثل سوى 20 في المئة بالمقارنة بالحدود بين الأردن والضفة الغربية حيث ينتشر جيش الاحتلال «الإسرائيلي». وتمكن الأردن من ضبط تسلل الفدائيين الفلسطينيين لمقاتلة الاحتلال. وأكثر من ذلك، عندما بدأ الإرهابيون مرحلة الإياب إلى الأردنيون تمكن الأردن من اكتشاف جميع محاولات التسلل والتصدّي لها، إلى حد استخدام الطيران الحربي، الأمر وهذا يؤكد قدرته على ضبط الحدود، إذا شاء، لكنه كان في السابق يسهل تدفق المتطرفين الأردنيين إلى سورية محاولاً استرضائهم أو التخلص منهم، مراهناً على مقتلهم في سورية.

برهنت الأيام عن قصر نظر هذه السياسة المعتمدة من قبل الحكومتين السعودية والأردنية، فالخطر الإرهابي اليوم يتهدد هاتين الدولتين، ولم يكن في ذلك مفاجأة في ضوء تجارب سابقة، خاصة تجربتي العراق وأفغانستان، ومنها مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي إف بي آي جيمس كومي يتوقع «خروج المقاتلين في مرحلة ما من سورية» ليعودوا ويكرروا تجربة الأفغان العرب، ويقارن «النـزاع في سورية بالحرب في أفغانستان في ثمانينات القرن الفائت وتسعيناته عندما شكل المجاهدون بعد ذلك تنظيم القاعدة وأعلنوا الحرب على الولايات المتحدة، ما أدى لاحقاً إلى اعتداءات 11 أيلول 2001 »، يقول كومي: «نتذكر جميعاً الخط الذي سارت عليه الأمور في أفغانستان في الثمانينات والتسعينات إلى 11 أيلول ونلاحظ النمط ذاته في سورية لكنّه أسوأ بكثير» وهذا «الأسوأ بكثير» هو الذي يرتد اليوم ليس على الأمريكيين الذين كرروا خطأ أفغانستان في سورية فحسب، بل على السعودية والأردن اللذين لم تدفعهما هجمات التسعينات ومرحلة ما بعد احتلال العراق إلى استخلاص العبر والدروس وسارا في ركب الولايات المتحدة مراهنين على أنهما سوف يتخلصان من خطر الجماعات المتطرفة عندما بتسهيل خروجها إلى سورية، ونسيا أو تناسيا أن هذه المجموعات ستكون أكثر تطرفاً وستحصل على التدريب اللازم والمال الكافي والأسلحة الفتاكة لتعود فتستخدمها، آجلاً أو عاجلاً، ضد نظامي بلاديهما، وبدت ملامح هذا التطور تلوح في الأفق في ضوء التهديدات التي توعّد بها مقاتلون سعوديون في سورية الأسرة السعودية الحاكمة، وعودة مقاتلين أردنيين إلى بلادهم وتمركزهم في بعض المناطق، وبينها مدينة معان على سبيل المثال، واستعدادهم لخوض صراع مسلح ضد حكومتهم.

البناء

23/5/140518

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك