علي مطر
الأمم المتحدة هي منظمة دولية تأسست، عقب الحرب العالمية الثانية في عام 1945، على أسس صون السلم والأمن الدوليين، وتنمية العلاقات الودية بين الأمم وتعزيز التقدم الاجتماعي، وتحسين مستويات المعيشة وحقوق الإنسان. وتوفر الأمم المتحدة منتدىً للدول الـ193 الأعضاء فيها لتعبر فيه عن آرائها من خلال مجالسها (الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي وغيرها من الأجهزة واللجان).
بموجب ميثاق الأمم المتحدة، تعتبر عضوية الأمم المتحدة "مفتوحة أمام جميع الدول المستقلة المحبة للسلام التي تقبل الالتزامات الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، والتي ترى المنظمة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات"، وتقبل الدول في عضوية الأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة بناءً على توصية مجلس الأمن.
لقد انضمت الدولة الإيرانية إلى الأمم المتحدة مع بداية تأسيسها، في 24-10-1945، وبعد انتصار الثورة الإيرانية بقيادة الإمام الخميني (قده) وتأسيس الجمهورية الاسلامية، بقيت طهران عضواً معترفاً به في الأمم المتحدة، وبالتالي يحق لها إرسال موفدين لتمثيلها في أجهزة الأمم المتحدة من دون أي مضايقة أو اعتراض من أحد. وللدول أياً تكن أن ترسل من تراه شخصاً مناسباً يحافظ على مصالحها وسياساتها الخارجية، وبالتالي لا يحق للولايات المتحدة الأميركية منع السفير الايراني حامد أبو طالبي من دخول أراضيها ليمثل بلاده في الأمم المتحدة، حيث إن هناك اتفاقا معقودا بين الأمم المتحدة وواشنطن بشأن مقر الأمم المتحدة (31 تشرين الأول/أكتوبر 1947) يمنعها من ذلك.
بالإضافة إلى ما تقدم، فإن الولايات المتحدة ملزمة بمنح تأشيرات للدبلوماسيين العاملين في الأمم المتحدة، التي يتواجد مقرها في مدينة نيويورك. فالسفير الايراني لا يشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي ويمثل بلاده دبلوماسياً في منظمة أممية، حتى وإن ادعت واشنطن أن هناك احتمالا بان أبو طالبي شارك في احداث السفارة الاميركية في ايران في الفترة الممتدة من 1979 إلى 1981 المعروفة في داخل ايران باقتحام "وكر التجسس الاميركي".
ووفقاً للقوانين الدبلوماسية، فإن السفير يتمتع بالحصانة فور تقديمه أوراق اعتماده إلى رئيس الدولة، على أن هذه الحصانة تنتهي بمغادرته إقليم الدولة.
تؤكد اتفاقية فيينا في المادة 13 منها أن "رئيس البعثة يعتبر أنه تسلم مهام منصبه لدى الدولة المعتمد لديها إذا ما قدم أوراق اعتماده، وتقول المادة 29 من الاتفاقية ان "لشخص الممثل الدبلوماسي حرمة – فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه – وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له، وعليها أن تتخذ كافة الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه أو على حريته أو على اعتباره".
ما تقدم، تؤكده المادة 4 من اتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام (1946) لجهة الحصانات القضائية وحصانات الرسائل والوثائق والتنقل والحماية وعدم الحجز وغيرها، وكذلك فإن هذه المادة التي تتحدث عن حصانات ممثلي الدول، تشير الى أن "ممثلي الدول الأعضاء لدى الهيئات الرئيسية والهيئات المتفرعة عن منظمة الأمم المتحدة ولدى المؤتمرات المدعو إليها من قبل الأمم المتحدة، يتمتعون أثناء قيامهم بوظائفهم وأثناء أسفارهم من وإِلى مقر الاجتماع بالحصانات والامتيازات التالية:
- بإعفائهم وإعفاء أزواجهم من التدابير المقيّدة للهجرة ومن كافة إجراءات قيد الأجانب والتزامات الخدمة الوطنية في البلاد التي يزورونها أو يمرّون بها لدى قيامهم بأعمالهم.
- بنفس التسهيلات التي يتمتع بها ممثلو الحكومات الأجنبية المكلّفون بمهمات رسمية مؤقتة فيما يتعلّق بالأنظمة الخاصة بالعملة أو القطع.
- بنفس الحصانات والتسهيلات المعطاة للممثلين الدبلوماسيين فيما يتعلّق بأمتعتهم الشخصية.
ـ تستمر الحصانة القضائية الممنوحة لممثلي الدول الأعضاء لدى هيئات منظمة الأمم الرئيسية ولدى تلك التي تتفرع عنها ولدى المؤتمرات المدعو إليها من قبل الهيئة، فيما يتعلّق بالأموال والمخطوطات والأعمال الصادرة عنهم وذلك بغية تأمين الحرية المطلقة لهم في القول والكتابة واستقلالهم التام لدى قيامهم بمهماتهم حتى بعد انقضاء صفتهم التمثيلية للدول الأعضاء".
إن تصرف الكونغرس الاميركي، قد يؤدي الى فتح أزمة دبلوماسية جديدة مع إيران، لا سيما أن الأخيرة أكدت أن أبو طالبي هو سفيرها في الامم المتحدة، وهذه رغبتها ولا يحق لأحد معارضتها، ولذلك فإن واشنطن بمنعها السفير الايراني من دخول الولايات المتحدة للانضمام الى عمله في منظمة الأمم المتحدة، تكون قد خالفت مبادئ الأمم المتحدة والاتفاقية المعقودة معها لهذه الناحية. كما انها تخالف مبادئ العلاقات الدبلوماسية والاصول والاعراف المتبعة من دون اي وجه حق، وعليها ان تمنح تأشيرات الدخول للسفير الايراني الجديد وأن تحافظ على حمايته وعدم التعرض له.
2/5/140410