قبيل زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة الى الرياض، أرسل بعض أعضاء الكونغرس رسالة الى الادارة لمطالبة أوباما بالتطرق الى ملف الحريات والتطرف الديني في السعودية خلال الزيارة، لكن لم تتم الاستجابة. أما الحجة فكانت أن هذه المواضيع يتم بحثها بالطرق الديبلوماسية وليس بطريقة علنية أو على صفحات الجرائد.
ينطلق مدير مركز الدراسات الأميركية والعربية في واشنطن الدكتور منذر سليمان من الحادثة المذكورة ليؤكد أن الاعلام الأميركي "يتواطأ" مع السلطات الرسمية. ويقول "تحت ستار المصلحة الوطنية او الأمن القومي، تتدخل الحكومة لدى الاعلام للحيلولة دون التركيز السلبي على من هم حلفاء أميركا. فالدول التي تعترض على سياسة أميركا في المنطقة معرضة للحملات الانتقادية أكثر من الدول الحليفة لها والتي تمعن في رجعيتها وعدم احترامها للحريات وحقوق الانسان". مدير مركز الدراسات الأميركية والعربية في واشنطن منذر سليمان
وسوريا خير دليل على ذلك، فتكثر المقالات والتحليلات السلبية التي تتحدث عن "ديكتاتورية وطغيان" في سوريا، ولا تتحدث عن ذلك في السعودية، رغم أن الفرق شاسع بين البلدين. هنا يضيف سليمان منتقدا "أين الثريا من الثرى؟ كيف يمكن أن لا يتحدث أحد عن هذه العائلات في السعودية التي تملك البشر والحجر ويتم الحديث عن بلد مثل سوريا الذي هو حاضنة للفكر والأدب والفن؟".
تماهي الاعلام الأميركي مع الادارة الأميركية مقولة يوافق عليها استاذ العلوم السياسية في الجامعات الاميركية أسعد أبو خليل، فيقول إن "الإعلام الأميركي فيما يتعلّق بالسياسة الخارجيّة ينقل توجّهات الإدارة الأميركيّة وقلّما يحيد عنها"، معتبراً أن نسبة الاختلاف في وجهات النظر بين الاعلام والادارة يتضاءل في القضايا المتعلقة في السياسة الخارجية للدولة، حيث ينحصر الجدال في تفاصيل صغيرة، مثل "هل نقصف تلك الدولة اليوم أم غداً؟"، وليس في مبدأ ما إذا "سنقصف أم لا".
استاذ العلوم السياسية أسعد أبو خليل
وانطلاقاً مما سبق، يشرح سليمان عوامل عدّة تسهم في فهم طبيعة العلاقة التي تحكم وسائل الاعلام الأميركية مع المملكة العربية السعودية.
العامل الأوّل يتعلّق بدور الشركات الاستشارية وشركات العلاقات العامة داخل الولايات المتحدة، والتي تدفع لها السعودية الملايين (عبر سفاراتها)، أما وظيفتها فهي تلميع صورة "الحكومة الممولة" لدى الرأي العام والاعلام الأميركي.
ويلفت سليمان الى أن "هذه الشركات تلعب دوراً ترويجياً وتشكل نوعا من الدرع الوقائي لتقليل الانتقادات حول السلبيات التي تظهر في الاعلام الأميركي، وتتصدى نيابة عن المملكة للنقد وتقوم بالرد عليه من خلال مقالات وتقارير أو من خلال الضعط على رؤساء التحرير في المؤسسات الاعلامية لعدم ايراد ما يسيء للسعودية".
المدخل الى العامل الثاني هو باختصار الاجابة عن سؤال: لماذا يرضح رؤساء تحرير وسائل الاعلام الأميركية للضغوط؟
يقول سليمان إن الاعلام الأميركي يتبع شركات الأسلحة والنفط التي لها مصالحها الكبرى مع السعودية. ويلفت الى وجود احتكار للإعلام الأميركي، فمثلاً هناك 6 أو 7 مؤسسات ضخمة هي التي تملك أبرز وسائل الاعلام الأميركية.
عامل ثالث يدخل في شرح طبيعة العلاقة. يوضح سليمان أن "العديد من الذين عملوا في السعودية من الأميركيين الديبلوماسيين أو العسكريين المتقاعدين هم جيش احتياطي للرياض، يتم ربطهم بعد انتهاء خدمتهم بمؤسسات سعودية، من خلال توظيفهم في مراكز كبرى، أو في مواقع استشارية في المملكة. وهؤلاء يتعامل معهم الاعلام الأميركي على أنهم خبراء في المملكة ويتكلمون في الاعلام بطريقة ايجابية عن السعودية، وبالتالي يصبحون الواجهة الاعلامية للمملكة".
وفيما يرى سليمان أن تناول الاعلام الأميركي لقضايا الحريات في السعودية يتم بطريقة "موسمية"، يلفت أبو خليل الى أن "ملف الحريّات لا يرد إلا قليلاً ونقلاً عن تقارير منظمات حقوق الإنسان"، مضيفاً "إن ضربة كف لمواطن في إيران أو كوبا تحظى بتغطية تزيد عن تغطية قطع الرؤوس في الساحات العامة في الرياض".
"الموضوعية" في الاعلام الأميركي برأي أبو خليل غير موجودة، ويرى أن "هذه الكلمة تستخدم للتستّر على الانحياز. الإعلام يعكس توجّهات رأس المال وليس تعبيراً عن الرأي العام الذي لا علاقة له بالأمر. إعلام لبنان خير (أو شر) مثال على ذلك".
يخلص أبو خليل الى أن "الإعلام الأميركي أكثر من صديق للحكم السعودي، وهو حريص على المصلحة السعوديّة بقدر حرص الحكومة الأميركيّة. وأمراء آل سعود يقيمون علاقات وطيدة مع عدد من كبار الناشرين ورؤساء التحرير والكتاب في الصحف الأميركيّة. 7/5/140404
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha