pna- وكالات- لم تكتف دوامة العنف والصراع الطائفي التي تجتاح العاصمة بغداد بحصد عشرات الضحايا يوميا بل اغتالت "شجرة عيد الميلاد" باغتيالها قضية طالما عززت الروابط الاخوية بين مسيحيي العراق ومسلميه. فقد كان المزراعون المسلمون، ولغاية العام الماضي، يتوجهون من اطراف مدينة بغداد حيث تكثر مزارع الاشجار، الى وسط بغداد وتحديدا الى شارع السعدون في حي الكرادة (وسط) حيث يقطن عدد كبير من مسيحيي العراق، لبيع اشجار عيد الميلاد وتبادل التهاني بالمناسبة التي يشعر فيها معظم العراقيين بانها عيد لكل الناس. وكانوا يقفون بشاحناتهم الصغيرة التي يضعون فوقها الاشجار طوال الايام العشرة التي تسبق عيد الميلاد بالقرب من الكنائس، لكن هذا العام لم يجرؤوا على المخاطرة بالمجئ الى بغداد. وكانت اشجار عيد الميلاد تباع باسعار رخيصة، تمثل بالنسبة للمسيحيين احد الوسائل للاحتفال بمناسبة اجتماعية ودينية في ذات الوقت. وقالت ماري حنا وهي ام لطفلين "كانوا يقولون لي عيد ميلاد سعيد قبل ان يبيعوا لي الشجرة التي اختارها". واضافت "افتقدهم وافتقد اشجارهم هذا العام". واكدت بان زكي وهي ربة اسرة "بدون بائعي اشجار الكريسماس لن يكون للميلاد طعم العيد خصوصا بالنسبة للاطفال". وحلت اشجار عيد الميلاد المصنوعة من البلاستيك محل الاشجار الحقيقية التي كانت تملأ شارع السعدون في مثل هذا الوقت من كل عام. وقال سامر يونان "ان المزارعين خائفون لانهم يعرفون انه سيتم اطلاق النار عليهم من اولئك الذين لا يتحملون ان يقدم مسلمون اشجار عيد الميلاد للمسيحين ويشاركونهم فرحتهم بالعيد". واضاف باستياء "انهم يريدون لمجتمعنا ان ينقسم". وعاشت الاقلية المسيحية لقرون في تناغم مع بقية الطوائف العراقية وتظل اليوم بمنأى عن العنف الطائفي ولكن بسبب الحرب واحداث العنف التي اعقبتها، هاجر العديد من العائلات المسيحية وذهب كثيرون منهم الى اقليم كردستان في الشمال بحثا عن الامن. وتنتمي الغالبية العظمى من مسيحيي العراق الى الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية. وكان المسيحيون يشكلون 3% من السكان قبل الغزو في عام 2003 اي قرابة 800 الف شخص ولكن العديد منهم هاجروا الى الخارج. وبحثا عن الامن لابنائها انتقلت قرابة 700 عائلة من بغداد الى كردستان الصيف الماضي، حسبما اشارت احصائيات سابقة. ويقول بسام سامي وهو موظف باحدى الادارات الحكومية ان "عيد الميلاد مهم جدا بالنسبة لنا كما هو الامر بالنسبة لكل المسيحيين في العالم. ولكن هذا العام الوضع مختلف فالحياة اصبحت بالغة الصعوبة". ويضيف وهو ينظر الى السماء ويضع يديه على صدره "اننا نصلي كل اليوم من اجل ان يتوقف القتل". ويتابع "ندعو الله ان يوقف نزيف الدم هذا". ويقول هامسا انه "يخشى من ان يحصل شيئا يفسد عيد الميلاد هذا العام" في اشارة الى مخاوفه من ان يطال العنف المسيحيين ايضا. وكانت اعتداءات وقعت في كانون الثاني/يناير 2006 على سبع كنائس في بغداد وعلى مقر ممثل الكرسي الرسولي واسفرت عن مقتل ثلاثة اشخاص واصابة 17 اخرين. وبسبب انعدام الامن وحظر التجول فان قداس عيد الميلاد سيقام في الكنائس صباحا فقط ولن يقام قداس منتصف الليل كما هي العادة. من جانبه، قال انور خضير "هذا العام سيكون طعم عيد الميلاد مرا". وتابع "كيف يمكننا الاحتفال بالعيد في هذه الاوضاع ووسط هذا العنف المستمر وفي الوقت الذي يعلن فيه كل يوم جار من جيراننا المسلمين الحداد على احد من احبائه". وقال "كنا نريد ان نستضيف كما كنا نفعل من قبل جيراننا المسلمين على مائدة العيد وكنا نريدهم ان يشاركونا الفرحة مثل كل عام".