الشعر

مَهازِلٌ تنخرأمّتنا


عمر بلقاضي / الجزائر

***

قد يرى بعض القرّاء في أبيات هذه القصيدة جموحا في اليراعِ، بالقدح والإساءة والهجاء وما هي كذلك، إنّما هي رَدَّة فعلٍ من حريصٍ على عزّة أمّته وسلامة دينه وكرامة إخوانه، فقد راعه كثرة الفساد، وغفلة العباد، وابتعادهم عن المكارم وخلال الرّشاد، حيث جرّهم الطّمع إلى الخضوع، والجبن إلى الخنوع، والشُّرْهُ إلى الدِّياثة، والتّخلي عن الدين إلى التّفاهة والغثاثة، فإذا بأهل العلم سراب، وأولو الأمرذئاب، والنساء عذاب، والفتيان ذباب، فقيم هذه الأمّة المختارة أتى عيها الدّمار والخراب، والسّبب هو هَجْرُ هدى السّنة والكتاب

***

عَجِبَ الرِّفاقُ لشعرِنا فتكلَّمُوا ... مدحوا ولاموا وانتشوْا وتهجَّمُوا

قالوا أصبتَ وقد رميت كشاعرٍ ...ألفَ القوافيَ في الهِجَا يتحكَّمُ

لا لست قطعا شاعرا مُتهجِّماً ... إنِّي جريحٌ مُثخَنٌ يتألَّمُ

إنَّ العزيزَ إذا اكتوى برزيَّةٍ ... يضحي كطيرٍ شاردٍ يترنَّمُ

يبغي الكهوفَ ويرتضي فيها الدُّجى ... كيما يبثُّ بجوفها ما يكتمُ

يهوَى القوافيَ كي يبوح ويشتكي ... يبكي خِلالا من هدى تتخرَّمُ

فَلربَّ عانٍ استبدَّ به الأسى ... ففؤاده من وجده يتقسَّمُ

ولقد تراهُ عابساً مُتجهِّماً ...لكنَّه رغم الأسى يتبسَّمُ

إنِّي سمعتُ أبا القصائد صادحاً ... ليخطَّ درباً للعلا فتعلَّمُوا

(ذو العقلِ يشقى في النَّعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشَّقاوة ينعمُ)

***

لا لن أكونَ مبكَّماً مُتوانيا ...وحبالُ عزِّي في الورى تتصرَّمُ

انظر لتعرفَ أنَّ وجديَ صادقٌ ... وترى المهازلَ بيننا تتفاقَمُ

سترى الرُّوَيْبِضَة َ الغَبيَّ مُسوَّداً ...نَذْلاً ، سخيفا ، تافها ، يَتقمْقمُ

وترى الجهولَ بجهله مُتعاليا ... يلوي الشّوارب عابثا يَتحمْحمُ

وترى الأُحَيْمِقَ عالما مُتفيْهِقاً ... رَطِنَ اللِّسانِ مُتأتئاً يَتلعثمُ

وترى الشُّوَيْعِرَ لاغيا مُتبجِّحاً ... فإذا استُثيرَ لعزَّةٍ يتبكَّمُ

وترى المُثقَّفَ واجِماً مُتوارِياً ... كَلِفَ الفؤاد، مُحيَّرًا يتبرَّمُ

وترى الفقيه َيُهانُ رغم جهوده ِ... وترى المغنِّيَ والسَّفيهَ يُكرَّمُ

وترى الشَّباب مُسفَّهاً ومُتفَّهاً ... دفنَ الفضيلة والتُّقى فترحَّمُوا

وترى النِّساء كمعرَضٍ لغوايةٍ ... منه المفاسد والمهالك تُضرَمُ

وترى الرَّذائلَ في الحمى علنِيَّة ً... يا قوم أين عقولُكمْ ؟ فتحلَّمُوا

أمِنَ التَّقدُّمِ أن يُدنَّس عِرضُكمْ ؟ ... تلك الأجنَّةُ في المزابل تُردَمُ

وترى الرُّيوعَ غنيمة ً لعصابةٍ ... بين المعارفِ والمعازفِ تُقسَمُ

وترى الغنيَّ يصبُّ مالَهُ في الهوى ... ترك الفقيرَ مُحنَّقاً يتلملمُ

وترى المُتاجر خائنا ومُخوَّناً ... يبني الفخاخ لكلِّ شارٍ يقدُمُ

وترى الصَّليبَ موجَّهاً بعناية ٍ... يغزو المداشر ظافرا يتكتَّمُ

وترى الدُّعاةَ بيادقاً لسياسةٍ ... بمنى المناصب والمكاسب أُغرِمُوا

وترى الامامَ معلَّقاً بِخُبيزَةٍ ...فإذا المساجدُ تُحتوى وتُؤمَّمُ

وترى المصليَّ بالصَّلاة مرائيا ... يُبدي التَّخشُّعَ والفؤادُ مُعتَّمُ

ذهبَ التَّعقُّلُ فالعقيدةُ هشَّة ٌ... وإذا الغرائزُ في الأنامِ تَحَكَّمُ

بلغ التَّردِّي أوْجَهُ فتنبَّهُوا ... تلك المهازلُ ردَّة ٌ تترسَّمُ

***

قتلوا الفضائلَ في النُّفوس وفي الحجا ... فغدا المثقَّفُ عانيا ويُكمَّمُ

وإذا استفاق يريدُ نفضَ غُبارهِ ... يُلقى إلى جُبِّ العنا ويُجرَّمُ

وغزى المشايخَ نزعةٌ علفيَّة ٌ... ألفُوا المهانة والونى فتشرذَمُوا

أخزى المخازي أن نُداس وأن نرى ... خُلُقَ المهانةِ يُرتضى ويُعمَّمُ

أدليتُ شعري بالعتاب تودُّدا ... حسبوا العتاب شماتة فتظلَّمُوا

أَوَ يا رفاق الدَّربِ لست بناقمٍ ... أبداً وأخشى أن أسيءَ فتنقَمُوا

وتروْا بأنِّي قد رميتُ مُعادياً ... وتروا بأنِّي قد ظلمت فتظلِمُوا

أبدًا وربِّي ما قصدت إذاية ً...جوُّ الأخوَّة بالأذى يتسمَّمُ

ولئِن أسأنا لم نُسئْ لجريرةٍ ...غلبَ التَّأثُّرُ وَعْيَنا فتفهَّمُوا

إذ كيف يُعقلُ أنَّ سيفاً مُصلَتاً ... يبقى حبيسا للصَّدا يتفرَّمُ

وحِماهُ أضحتْ تُستباح بأرعنٍ ... وصروحه رمزُ الإباء تُهدَّمُ

وإذا المشاعرُ ثارَ مَدُّ أُوارِها ... لا عقل يعقلُ أو يسدُّ ويحكمُ

ردُّوا علينا بالفصاحة والحِجا ... قلنا كلاماً ناقداً فتكلَّمُوا

إنَّ العذابَ إذا تجاوز حدَّهُ ... جعلَ المُعذَّبَ طائشا يتحطَّمُ

دمتم شموسا للهدى ومعالمَا ... ولِمَ التَّشنُّجُ والجفاءُ ؟... تبسَّمُوا

حللوا وناقشوا

بقلمي عمر بلقاضي / الجزائر

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (الشعر)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك