( شعر : آدم المحمدي )
ها أنا الآن نصفان ،نصفٌ يعانق برد الثرى ،ونصف يرف على شرفات الرماح .ها أنا والرياح ..جسدي تحت لحدي ورأسي ضياع ..ها أنا بين رمل الصحارى ،ولون السماء . ها أنا في العراء ..أنكرتني صفات الفرات ،فلم ألق ِ قطرة ماء ..في رمال الجزيرة ضيعتُ أسمي ،وغادرني الأنبياء . فأقطع الآن من جسدي ماتشاء ..سيفلُ الحديدَ الوريد .. جرب الآن في جسدي ماتريد ..ذاك رأسي ،على طبقٍ باردٍ يا يزيدْ . جرب الآن ما تشتهي .. لجناحيَّ ترف الغصون وترنوا الي البتولْ ..ويُقَبل ثغري المدمى الصحابة ..يبكي عليَّ الرسولْ ( ص )..فأضرب الآن في جسدي يايزيد ..وزع الآن مايشترى ..وزع الآن في جسدي دمه ، ثغره ،حلم عينه ، فاليوم عيدْ ..غير أن السموات تبكي ،وثغر النبي يُقبلُ ثغر الشهيدْ .زينبٌ وحدها في البراري ،تحمل الرأسَ ....؟رأسي إلى الشام ..حتى الرمالحتى الرمال ..أخرجت ما تضم من الماء ،وأنسل من جوفها النهر ،يدعو.....؟تعال .. تعالْ ....أيها الرأسُ أسقيك ماءً زلال وحدها في البراري زينبٌ تلمُّ الرأس،كي تستقي منها الصحارى ...زينبٌ وحدها ..بين رأسي مخضبة ً والرجالْ .ذاك أبني تناوشه ..في الصحاري الخيول ْ..فاستفيقي أذن يا بتول ،أيقظي السيفَ في كفِ حيدرَ ، سلي من النوم عين الرسول (ص)ذاك رأسي تبعثر بين الرؤوس ..بين برد السفوح،ورمل الصحاري ..صارخاً بين نوح الحمام ، وضرب الفؤوسويزيد تمطى بحضن الجواري..عارياً ، مثل صبّارة في القفاز..وأنا أرتدي الدم الأحمر كالجلنار ( 1 )وأغطي جبيني المخضب بالأرجوان..تلك عيني مفتحة ، وعيونك مغمضةً يا يزيدْ ..هيأ الآن عرسكَ ، فاليوم عيد .في أعالي الفرات .. صعدت للسفوح الظهيرة ،مرت بها زينبٌ تحمل الرأسَ ،صامتة في الفلاة ..فانحنى النخل .. وأستيقظ الماء في السعفِ ، أنَّتْ صخور الفراتِوحطّت على دربها القبرات ( 2 )زينب ٌ في الفلاة ..زينبٌ في أعالي الفرات ..مرحبا يا فرات ،خانك الماء في الصيفِ،واستلَ منك الحياة ..أنت أغرقت َ في ساعة الصفر..أرواحنا المزهراتْ..وسطوت علينا ..سرقت نواعيرنا المثقلاةْ..مرحبا يا فراتْأيها العاشق الشيخُ.. خان العهودحجبت حماماتنا ،ثم أطلقت فينا الفهود ..فالنجوم مسورة ٌ..والصباحات سودجرب الآن ماتشتهي يا يزيدْ..جسدي في كربلاء ،ورأسي بعيد ..عانقتني السيوف الصفاحوغزتني الرماح ..ومشت فوق ما بعثرتني الخيولْ ..غير أن السيول حين تأتي ،ستجعل من صوتها صهوات الخيول ْتتوهج في جسدي جمرتان ..تتفتح في حجري زهرتان ..تتمايل فوق الجبين المخضبِّ ..تغفو خيوط الدمِها هنا عالمانْ..روحي تفر من الجسد المطمئن..وجراحي تنزف ..ها هنا عالمانْعالمٌ خانه ناسه ..وثانٍ سيأتي على مهلٍلم يخُني ..جرب الآن في جسدي ما تريدسأبقى الحسين ..وتبقى إذا ذكر الناسُ..هذا يزيدْغادرتُ نزهت العيدْ ،هذا أوان الحسابْ ..أوقدي الجمر في موقدي يارباب ..ودعي قطرات دمي ،تمتزج في قهوة الصبح ، علَّ الفناجين تسقي الشفاهولعل الوجوه التي أنكرتني ، تغسل أهدابها بالحياة ..ولعلي أعود ..على غيمة من وعود
( 1 ) الجلنار .. وردة صاخبة الاحمرار( 2 )القبرات .. أي الحمامات
https://telegram.me/buratha