شعر: عبدالله الخاقاني
أنا أوّلُ الصَّرعى بِسِحْرِ صفاتِها
هذي التي رَسَمَ الهوى ذَكَواتِها
يْنمى لها نَبْضُ القَصيدِ ويَحتسي
إيقاعُهُ الرَّقراقُ إيقاعاتِها
هيَ فجرُ هذي الأرضِ بهجةُ ضوئِهِ
ينسابُ هيماناً على فَلَواتِها
والى الثويَّةِ كلُّ مجدٍ باذخٍ
يُنمى ولَمْعُ النَّجمِ وَقْدُ حصاتِها
وسِعَتْ جميعَ العاشقينَ مَحَبّةً
في ظلِّ واديها وفِي عَرصاتِها
لَوْ لمْ نكنْ أبناءَها لمْ نكتملْ
عشقاً وكل العشق فيضُ سِماتِها
ولنا الجذورُ نَمَتْ قديماً وَازْدَهَتْ
فيها وخَلْفَ (السُّورِ )نبضُ حياتِها
نَجَفٌ.. بِنُونِ نَدىً وجِيمِ جمالِها
وبفاءِ فَوْزٍ ٍ دارَ كأسُ هِباتِها
تَزهو المنائرُ عندَ صَحْنِ أَميرِها
فخراً لأنَّ الخلدَ في عَتَباتِها
اَلضَّوءُ بعضُ شعاعِها الغافي على
أهدابِها والحسنُ في وجناتِها
والكونُ إمّا أَظلمتْ أيامُهُ
شعَّتْ شموسُ العِشْقِ مِن شُرُفاتِها
والحبُّ إنْ ظمئَ الغرامُ لِلَفْتَةٍ
يوماً تَدَفَّقَ مِن سَنا لمحاتِها
أرضٌ بها عَبَقُ الولاءِ نديَّةٌ
أشذاؤهُ والطِّيبُ مِنْ عَبَقاتِها
في كلِّ ذرّةِ رملةٍ بفنائِها
نَجوى تَبُثُّ الشّوقَ في مَدَياتِها
نجفيّةٌ هذي القوافي بيننا
تَجري فيجري الدِّفء في نغماتِها
تهب المرايا لمحةً عُلْوِيّة
فيشعّ كل الكونِ في مرآتها
فلك السَّلامُ إذا حَلَلْتَ بأرضِها
زُفَّتْ لكَ الانغامُ مِن ( أبياتِها)
—-
يا(سُورَ) أرضِ المجدِ ليسَ بساكنٍ
فيهِ سوى أهلِ العُلى وسُراتِها
مِن كلِّ محمولٍ على كفِّ التُّقى
يَسعى لِغَرْسِ النُّورِ في باحاتِها
ومُطَرِّزٍ ثوبَ العَلاءِ بإبرةِ التَّقوى وخيطٍ مِنْ شَذى نَفحاتِها
ومُدَوِّنٍ صحفَ النَّقاءِ بِفُرْشَةِ الأفكارِ يَغمسُها بِنَزْفِ دَواتِها
هيَ جَنَّةُ الصَّحراءِ مُذْ هَبَطَتْ الى الصّحراءِ وانْتَسبتْ الى جنّاتِها
هيَ نفحةُ المَلَكِ المقدَّسِ طائفٌ
بِسمائِها لِيُضيئَ وَجْهَ حياتِها
قُبَلٌ مِن التاريخِ قدْ غُرستْ على
جدرانِها فالمجد بعضُ لِداتِها
وبكلِّ شبرٍ مِن ثراها نجمةٌ
سحريّةٌ خفيتْ بِمكنوناتِها
(ميزابُها الذَّهبيُّ ) بعضُ حكايةٍ
للآنَ تَرسُمُها شِفاهُ رُواتِها
(رَبَلٌ) وراياتٌ وبئر غامرٌ
ومنائرٌ والشِّعْرُ رَوْحُ رئاتِها
وبعالَمِ (السِّردابِ) ألفُ حكايةٍ
عنْ ألْفِ تاريخٍ مَضى لِسُراتِها
كانتْ لِثوّارِ الغَرِيِّ طرائقٌ
فيهِ لِرَسْمِ ضحىً بِنَبْلِ رُماتِها
وأزّقَّةٍ.. للنُّورِ خارطةٌ بها
يَمْتدُّ نحوَ الصَّحْنِ خطُّ مَشاتِها
اَلبَدْءُ فيها مُنتهى والمُنتهى
بَدْءٌ كبوصلةٍ تُشيرُ لِذاتِها
—-
أبناءُ حيدرَ إذْ أبوّةُ حيدرٍ
ماءٌ يراقُ على ظِماءِ لَهاتِها
(أطرافُهُمْ) حاطتْ بِحَضْرَةِ قُدْسِهِ
كيما تَنالَ العَفْوَ بَعْدَ مَماتِها
مَرَّ الزمانُ ولَمْ تَغِبْ أشباحُهُمْ
عنْ مقلةِ الذِّكرى وإشْعاعاتِها
زمنٌ على زمنٍ ونَبْضُ غرامِهِمْ
مازالَ موقوفاً على خَلَجاتِها
أَسلافُنا الفُقَهاءُ مَرُّوا مِن هنا
فَزَكا العَبيرُ على مَدى جَنَباتِها
شَعَّتْ نفوسُهُمُ بنورِ المُرتضى
ونَمَتْ جوارحُهُمْ بِهَدْيِ هُداتِها
كانتْ قداستُهُمْ تُضيئُ لأنَّها
للصَّحْنِ نورٌ شعَّ في مَشْكاتِها
وكواكبٌ للشِّعرِ في آفاقها
سَكبتْ وَميضَ الفنِّ في حَدَقاتِها
نَثرتْ ذوائبَ (شِعْرِها) فشَدا الهَوى
مابَيْنَ أَحرفِها إلى كلماتِها
مُستنطِقاً شَفَةَ الجَمالِ بنغمةٍ
يالَلْهَوى يَنسابُ مِنْ نغماتِها
اَلشِّعرُ في أرضِ الغَريِّ هويةٌ
طُبعتْ على وَجْهِ الفَتى وفَتاتِها
والشِّعْرُ للنَّجَفيِّ وَحْيُ نُبوءَةٍ
أبياتُهُ العصماءُ مِنْ آياتها
لايُعْرَفُ النَّجَفيُّ إلّاحينما
يَرِدُ القصيدةَ يَحتسي شَهَقاتِها
فتراهُ مهتزَّ الشِّراعِ .. سَفينُهُ
غَرقتْ وعيناهُ على نَبَراتِها
سِحْرُ القصائدِ في الغَرِيِّ كأنَّما
نهجُ البلاغةِ سالَ في رَشَفاتِها
———
ولقدْ تلوحُ مِن الزمانِ بطولةٌ
دوّتْ بها الأيامُ في صفحاتِها
عن فتيةٍ يَتسابقونَ الى الرَّدى
عَزْماً لِرَدِّ البَغْيِ عنْ حُرُماتِها
ركبوا على سُرُجِ الجِهادِ وأَطلقوا
حتّى السّمواتِ العُلى راياتِها
يَلقونَ بالصَّدرِ المُبرَّحِ عاصفَ
النِّيرانِ حتى يُخمدوا لَفَحاتِها
ماراعَهُمْ والعزمُ عَزْمُ عَلِيِّهمْ
أنَّ المنايا أَطلقتْ صَيْحاتِها
فَمَضَوا تُضيئُ دماؤُهُمْ غاياتِهِمْ
حتى قَضَوْا عِزّاً على صَهَواتِها
—-
يامُحْرِماً لِدخولِ جَنَّةِ حيدرٍ
طَهِّرْ عيونَكَ مِنْ خمولِ سُباتِها
وانْظرْ بنورِ القلبِ كَعبةَ مجدِها
واسْمعْ بإذْنِ الرُّوحِ صوتَ صَلاتِها
واذا وقفتَ على مشارفِ عِشْقِها
فلقدْ وقفتَ بها على عَرَفاتِها
قُطْبُ الوجودِ أقامَ خَلْفَ ضريحِهِ
روحاً يشعَّ الخيرُ مِنْ بَركاتِها
حَيٌّ تَطوفُ بهِ النفوسُ فَتَجتلي
غَبَشاً تَهُدُّ بهِ دُجى ظُلُماتِها
هُوَ حَبْلُها السِّرِّيُّ مُدَّ لِصَحْنِها
مِنْ يومِ مولدِها لِحِينِ وفاتِها
حَسْبُ الغَرِيِّ بأنَّ درّةَ تاجِهِ
قُطْبُ الوجودِ يُضِيؤُها بِرُفاتِها
ومِنى (شَواطيها) وزمزمُ ( جدولٍ )
يَجري فَطيبُ الطِّيبِ في رَشَفاتِها
كلُّ المَناسكِ تُجتلى بِصَعيدِها
منْ أرْضِ(واديها) الى ( طاراتِها)
إلّا الجِمارُ فلمْ يُدَنِّسْ أَرضَها
إبليسُ كي يُرمى على جَمَراتِها
——-
إحرامُها لاحِلَّ مِنْهُ فعشقُهُ
أَبَداً يَصُونُ النَّفسَ عنْ شَهَواتِها
————
——
-
عبدالله عباس الخاقاني
تموز ٢٠٢٣ م
ذو الحجة ١٤٤٤هـ
النجف الاشرف
https://telegram.me/buratha