الديوانية – منتصر الطائي
لا تفرق التفجيرات الإرهابية بين مذنب او بريء، كبير او صغير، امرأة او رجل، غني او فقير، لكن الفرق ان ميسوري الحال أكثر حظوظا بالعلاج وتجاوز الإصابات البليغة التي قد تشل حركة البعض او تميت البعض الاخر، اما الفقراء فأنه ليس لهم حول او قوة الا بالله العلي العظيم، او الموت نهاية المصير..
لم تكن الكلمات السابقة من نسيج مخيلة كاتب هذه السطور، بل هي غاية لسان حال المواطن (نعيم جاسم كاظم) الذي تكاد تكون قصته المأساوية نسخة طبق الأصل أو هي قريبة من ذلك لحالات إنسانية مأساوية كثيرة عشها المواطن العراقي بفعل الإرهاب حتى أصبح اللسان عاجزا عن وصفها.
بين الحياة والموت لحظات لا أكثر، وبين الوجود والعدم اقل من ذلك، وهذا ما يختزل قصة المواطن (نعيم جاسم كاظم) والمنكوب بطفليه الشهيدين وزوجته المقعدة (افتراق عبد الله بدران) بعد ان سقطوا ضحية التفجيرات الإرهابية في الكاظمية بتاريخ 24/4/2009 بين قتيل ومقعد في المستشفى.
مستشفى الديوانية التعليمي هي مكان للتطبب والاستشفاء لعموم المواطنين او المرضى، لكنها أصبحت بمثابة دار سكنية للمواطن (نعيم جاسم كاظم) المفجوع بولديه الشهيدين وزوجته المقعدة بعد تعرضه وعائلته لتفجيرات الكاظمية الآنفة الذكر..
اولى من استشهدت على اثر الانفجار كانت ابنته ولاء ذات الربيع الثالث من عمرها، ليلحقها بعد ذلك ولده الذي لم يتجاوز الشهر السابع من عمره وهو ما زال في بطن امه، فأكتشف موته بعد يومين من اجراء العملية الاستكشافية لجسدها..
الزوجة المقعدة أصيبت بالشلل في الأطراف السفلى مؤخرا اثر اختراق شظية الفقرات القطنية لتستقر في الغضروف فيما اكد اطباء عراقيون عجزهم عن علاجها وفق التقارير الطبية والتحليلات المرضية الصادرة من العيادات والمشافي الطبية العراقية.
اما المواطن (نعيم جاسم كاظم) فكان الوحيد الذي خرج سالما من هذا العمل الارهابي تاركا وراءه عائلته الصغيرة بين شهيد ومشلول..
وبعد إن استرجع هذا المواطن المسكين الأمر إلى الله، اخذ يطرق أبواب الحكومة المحلية والمنظمات الانسانية المحلية والدولية بالالتفات الى حالته الإنسانية المأساوية علّه يجد من يلبي استغاثته..
كان هذا الرجل يسكن بالإيجار وقد استنفذ كل ممتلكاته واثاث بيته بعد ان باعها ليتم علاج زوجته المقعدة الا ان كل المحاولات والعلاجات الطبية في بغداد والديوانية اعترفت بعجزها لعلاج هذه الحالات الصعبة.
ولذلك يقول كاظم "لم اعد املك شيء لعلاج زوجتي ولا وحتى ما استأجر به دارا سكنية لنا، فأضطررت على اتخاذ مستشفى الديوانية العام الذي ترقد فيه زوجتي منذ فترة طويلة دارا سكنية، وخاصة انه ليس لدي عمل او وظيفة"..
وتابع كاظم قائلا "كنت اعمل بالاجر اليومي في احدى محال النجارة وتركت العمل لانشغالي بعلاج زوجتي المقعدة والظروف القاسية التي امر بها، وتوجهت الى الحكومة المحلية لاطالبهم بمساعدتي الا اني لم احصل الا على مبلغ قدره مائة الف دينار من المحافظ، و هي لا تكفي لمراجعة طبية واحدة اما لجنة حقوق الانسان فأنها قدمت لي دعمها المعنوي والمتابعة والاتصال بمدير المستشفى للاهتمام بمشكلتي وكذلك توفير بعض المستلزمات الخاصة، الا ان كل هذه المحاولات لا ترمي الى شيء ولا تحد من الم زوجتي ومعاناتها ولم تكن حلا جذريا لمشكلتي".
وتمنى في نهاية حديثه على جميع الجهات قائلا "أتمنى على المنظمات الانسانية والدولية الاطلاع على مشكلتي والاهتمام بها وايجاد الحلول المناسبة وتكفل علاج زوجتي خارج العراق وهي اخر ما تبقى لي في هذه الدنيا وخاصة ان هناك تقارير طبية وتحاليل مرضية الصادرة من العيادات والمستشفيات العراقية تؤكد ذلك"..
https://telegram.me/buratha