كشف صحافي عراقي يعمل لصالح صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، تنظيم «فتيان الجنة» كان بقيادة ارهابي سعودي يعد من أبرز قياديي القاعدة، ويساعده شخص عراقي. ويتابع أن الرجلين كانا يقسمان العمل على قسمين؛ الأول عبارة عن تدريبات على الاغتيال وإقامة نقاط التفتيش الوهمية، واستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما يتعلق القسم الثاني بالتربية العقائدية لهؤلاء الفتيان.
وتحدث صحافي عراقي عن قريته الواقعة جنوب غرب ديالى، وكيف بدأت الجماعات الارهابية ومنها جماعة الارهابي أبو مصعب الزرقاوي، العمل هناك ضد الأميركيين. يقول الصحافي: أخذ القرويون في 2005 يتحدثون همسا عن وجود معسكرات تدريب الجهاديين، التي كانت تستضيف الكبار والأطفال على حد سواء، ضمن مجموعات كان الارهابيون يسمونها «طيور الجنة» أو «فتيان الجنة».
وفي 2006 و2007، أصبح الارهابيون هم الذين يحكمون القرية والقرى المجاورة، وفي 2007 غادر الصحافي المذكور قريته، بعد موجات العنف المتزايدة ضد المدنيين، لكن علاقته بالقرويين استمرت من خلال الروابط العشائرية. وفي 2007، عاد مع القوات العراقية والأميركية التي توجهت إلى المنطقة، بعد العثور على صور فيديو لأطفال يجري تدريبهم فيها، وتوجه العام 2009 إلى تلك القرى، لجمع المعلومات عن هذه التنظيمات، على أمل إجراء مقابلة مع أحد الأطفال الذين كانوا في تلك المجموعات. ونجح فعلا في العثور على أحدهم، لكنه كان في وضع لا يدعو للارتياح. بدا الطفل شارد الذهن، وغير قادر على التركيز أو الهدوء في مكان واحد، وسط بساتين الفواكه المحروقة والأبنية المدمرة. لقد فقد الطفل والده واثنين من إخوته في الحرب.
يقول الصحافي إنه حاول أن يستوعب قصة هذا الولد، الذي بدا بائسا ومعزولا وخائفا من الاقتراب من الأولاد الذين في مثل سنه، لكن كل شيء فيه يبدو عصيّا على الفهم، حتى أوضح له أحد رجال القرية أن الولد كان من منظمة «فتيان الجنة»، التي شكلتها القاعدة مطلع 2007. وحين اطمأن الرجل إلى الصحافي، بدأ يكشف أسرار وخفايا القرية، في الفترة التي كانت فيها تحت سيطرة تنظيم القاعدة الارهابي .
كان الرجل يتحدث بصوت خافت، عن الخوف الذي زرعته هذه التنظيمات الارهابية في نفوس القرويين البسطاء، الذين لا يجرؤون على قول شيء يتعلق بتلك الفترة، على الرغم من أن قريتهم الآن آمنة بحماية قوى الأمن العراقي. ويعتقد الرجل، ويدعى أبو صاحب، أن القاعدة لم تمت، وأنها تحتاج إلى عدة سنوات لتموت، وأن بعض أفرادها مازالوا موجودين، ما يعني أن الناس سيظلون صامتين تجاه ما يجري.
وحين عرف أبو صاحب أنه يتحدث إلى صحافي من قبيلته، بات أكثر اطمئنانا، وأخذ يروي قصة الولد، ليقول إنه ينتمي إلى عائلة الزيدي التي تعيش في المدينة، والتي كانت معروفة باعتدالها الديني قبل 2003، ولكن اخوته انخرطوا، بعد الغزو وظهور عدد من التنظيمات الارهابية في قيادات هذه المنظمات، ففقد العام 2005 والده وأخويه.
ويضيف أبو صاحب أن معظم شباب القرية كانوا يعملون مع ميليشيات مختلفة، وأبرزها القاعدة، موضحا أن تنظيم «فتيان الجنة» كان بقيادة ارهابي سعودي يعد من أبرز قياديي القاعدة، ويساعده شخص عراقي. ويتابع أن الرجلين كانا يقسمان العمل على قسمين؛ الأول عبارة عن تدريبات على الاغتيال وإقامة نقاط التفتيش الوهمية، واستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، فيما يتعلق القسم الثاني بالتربية العقائدية لهؤلاء الفتيان.
وقد اعتبر هؤلاء الفتيان ورثة الجيل الأكبر من قياديي القاعدة، الارهابي ومارس بعضهم الإجرام عبر قتل الناس المحتجزين في مراكز الاحتجاز القريبة من مركز تدريبهم، إذ كانوا يستخدمون السكاكين والسيوف لتمزيق أجساد المحتجزين، في محاولة لتعليمهم القسوة، وإبعاد الخوف عن قلوبهم. ويضيف أبو صاحب أن الزيدي كان من المتفوقين دراسيا، إلا أن فقدانه والده وأخويه جعله يعيش عزلة كبيرة، وحالة نفسية صعبة جعلته ميالا للانتقام وبعيدا عن أصدقائه. ويتذكر أبو صاحب أنه التقى هذا الفتى 4 مرات العام 2007، ولاحظ أنه بات يستخدم ألفاظا دينية متشددة، وبات شخصا متزمتا، مضيفا «صرت أخاف أن أسأله عن أمه وأخواته، لأني كنت أعرف أنه قريب من القاعدة. صرت أخاف على نفسي، إن أخطأت في اختيار الكلمات».
وحين تمكن الصحافي من التحدث إلى الفتى بعد جهد، أجاب على بعض الأسئلة. ولما سئل عن والده، قال إنه في الجنة. كان كلامه أقرب إلى كلام رجل الدين أو إمام المسجد. وحين قدم له الصحافي قطعة شوكولا، قال إنها حرام لأنها من صنع الكفار، ودليله على ذلك أن الحروف المكتوبة على القطعة بلغة أجنبية. وعن الحالة المتوقعة في العراق، يعتقد الزيدي أن المجاهدين سيعودون ذات يوم. ومع أنه ينفي انتماءه للقاعدة، يؤكد حبه للمجاهدين، الذين ينشرون الدين بين الناس.
https://telegram.me/buratha