تحولت صفقة النفط مع الصين الى مصدر لنزاع جديد في محافظة واسط، وأثارت موجة من السخط في أوساط أهل المنطقة، طبقاً لما يقوله تيموثي وليامز مراسل صحيفة النيويورك تايمز.يقول محمد عبد الرضا، رئيس مجلس محافظة واسط، الذي قُلّصت ميزانيته الى النصف من قبل حكومة بغداد في السنة الماضية، بسبب تدني أسعار النفط العالمية: ((لم نحصل على شيء مباشر من الشركة الصينية، ونحن نعاني)). وأضاف: ((هناك أزمة بطالة. نحن نحتاج الى الطرق، والمدارس، ومنشآت معالجة المياه، نحتاج الى أشياء كثيرة)).والنتيجة كانت نشوء حركة حقوق محلية، وهي حالة استثنائية في بلد تشكل فيها المعارضة تاريخياً نوعاً من المغامرة القاتلة. وفي الأشهر القليلة الماضية بدأت المطالبة بدولار واحد عن كل برميل من النفط يُنتج من حقل (الأحدب) على أن يستعمل في تطوير مشاريع تصفية المياه. والخدمات الصحية، والمدارس، وتبليط الشوارع، وتوفير الاحتياجات الأخرى في المحافظة، التي تعد من المحافظات الفقيرة في العراق.وبسبب اعتماد العراق كلياً على الواردات النفطية، فإن أي تردد عالمي من قبل شركات النفط، يمكن أن يعني سنوات من عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلد. وجميع موارد النفط تذهب مباشرة الى الحكومة في بغداد، وتشكل بذلك الأساس للميزانية الوطنية. والحكومة العراقية، ترفض بشدة أعمال المحليين العراقيين، ولكنّ الناس في محافظة واسط بدأوا يشعرون بوضوح أن شيئاً جديداً يمكن أن يحدث.ويقول غسان علي (43 سنة) وهو فلاح يعيش بالقرب من حقول النفط بواسط: ((لا أحد يجرؤ على توجيه سؤال كهذا في زمن صدام حسين، وإذا ما فعل ذلك فإنه بالتأكيد سيُعدم)). وأضاف: ((لكن الآن نحن بلد ديمقراطي، ولهذا لنا حق أن نسأل عن حقوقنا، كما في أية محافظة في العراق)). إن أساس الشكوى في محافظة واسط، قول الناس: ماعدا استئجار أقل من مائة شخص كعمال وحراس برواتب شهرية تقل عن 600 دولار ، فإن حقل الأحدب، مشروع التطوير بـ3 مليارات دولار لم يجلب للسكان المحليين أية أرباح أخرى.ويقول وليامز إن المزارعين المحليين شرعوا بردود فعل تدميرية لمولدات الشركة، وقطع كابلات الكهرباء. ولقد غضبوا لأنهم كما هو المعتقد أن حقولهم سلمت بشكل غير عادل الى شركة. وبدأ سكان آخرون في المدينة إظهار غضبهم لأن القليل جداً من الوظائف قد وفرت للناس.والآن، فإن نحو 100 من العمال الصينيين قلما يغادرون منشآتهم المعزولة خوفاً من أن يختطفوا على الرغم من أن الحكومة العراقية قد نشرت مؤخراً المزيد من أجهزة الأمن في المنطقة. لكنّ غضب العراقيين، يتحوّل بشكل متزايد الى حركة عمالية صريحة، تعبّر عن القلق بشأن حقوق العمال، وسلطة الحكومة المحلية، والتلوث، وعمليات استئجار الأيدي العاملة، والمسؤولية العامة، إضافة الى قضايا أخرى كثيرة.وتقول الصحيفة الأميركية إن الحكومة العراقية وشركة النفط الصينية، خفّفتا التوترات في محافظة واسط، وقالتا بصرف النظر عن بعض الإزعاجات، فإن الأمور تكاد تتفق الآن مع الخطط المرسومة. ولكنْ مازال هذا الاضطراب يؤثر على صناعة النفط في العراق، والتي تكافح من أجل الوصول الى انتاج كمية النفط التي كانت تنتج قبل الحرب، وهي تستعد لتقديم عروض 10 حقول نفطية أمام الشركات العالمية هذا الخريف بعد الدورة الأولى من مجموعة العقود لحقول نفط وغاز أخرى التي قادت هذا الصيف لتوقيع عقد واحد.وحقل الأحدب محاط من قبل الفلاحين الذين يعيشون في بيوت طينية آيلة للسقوط ومن دون كهرباء أو مجاري مياه. وكانوا يأملون بأن وصول شركة نفط الى أراضيهم سينهي حالة الفقر التي يعيشونها.وبدلاً من ذلك، استأجرت شركة النفط الصينية فقط نحو 450 من العمال، والكثيرون منهم يعيشون خارج المحافظة، طبقاً لمواطنين ومسؤولين محليين. ويقول علي حسين رئيس المجلس المحلي في المنطقة: ((إن المشكلة هي أن الناس كانوا يتوقعون الألوف من الوظائف على الطريق، ثم أدركوا أن الشركة تعتمد على المكائن أكثر من اعتمادها على العمال)). وأوضح حسين أن مدى المعاناة المحلية تشجعه للبدء بمناقشتة الحالية مع الشركة الصينية بلغة صريحة ومن دون تزويق. لكنّ المشاكل مستمرة.وفي وقت مبكر من السنة الحالية، اشتكى مزارعو المنطقة من أن المعدات الكهربائية وأجهزة الزلازل التي تساعد في معرفة المناطق التي يجب أن تحفر فيها آبار النفط، كلها تساهم في تدمير البيوت الهشّة والحقول. وفي الوقت نفسه تقريباً، فإن العديد من خطوط الكهرباء التي اخترقت الحقول، إما حطمت أو سُرقت، وكذا الحال بالنسبة الى مولدات الكهرباء الثمينة ومعدات أخرى. ومن المتوقع -كما يقول تيموثي وليامز مراسل النيويورك تايمز- فإن المزيد من المشاكل يمكن أن تحدث في الربيع القادم عندما يصل نحو 1,000 عامل صيني لبناء مصنع معالجة المياه المركزية، ويرى مسؤولون في الشركة الصينية إن استئجار العراقيين لهذا العمل أمر مستبعد. ويقولون: ((ليس لدينا وقت كاف لتدريب الناس المحليين لإنجاز ذلك العمل)). وفي هذه الأثناء، فإن جيران الحقل النفطي، يقولون إنهم قلقون من أنهم على وشك أن يبتلعوا بمشاريع النفط التي تجتاح حقولهم.يقول غازي هويدي (39 سنة) الذي يشترك حقل حنطته مع المعدات الزلزالية العملاقة، أنه يبحث عن تعويض حقوله المدمرة، وهو أيضا يفكر بالتقدم لوظيفة في الشركة. ولم يتسلم كلمة واحدة بشأن هذين الأمرين. ويقول: ((حقلي يشبه الآن حقلاً نفطياً. وأنا لم أحصل على شيء منه)).
اور نيوز
https://telegram.me/buratha