وجّه رئيس الجمهورية جلال طالباني بيانا بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لثورة الرابع عشر من تموز عام ألف وتسع مئة وثمانية وخمسين.. و في ما يلي نص البيان:
"يستعيد شعبنا اليوم بفخر واعتزاز ذكرى ثورة الرابع عشر من تموز عام ألف وتسع مئة وثمانية وخمسين وذلك بعد أيام من تحقيق خطوة مهمة على طريق ترصين السيادة الكاملة للبلاد، حيث انسحاب قوات الولايات المتحدة الأمريكية من المدن والأحياء في ضوء الاتفاق الموقع بين بلدينا، هذه الخطوة التي تؤكد صواب خيار العراقيين في العملية السياسية التي عملت على إعادة بناء الدولة وهياكلها ومؤسساتها المختلفة وأرست أسس البناء الديمقراطي الاتحادي برغم التحديات الكثيرة.
يستعيد شعبنا اليوم ذكرى الثورة ومعها يستعيد الدروس والعبر المستخلصة من تجربة الثورة التي أجهضت بفعل التآمر و الارتداد، وما جرّه المتآمرون بعد ذلك على الشعب و البلاد من كوارث و مآسيَ أدخلت الوطن في نفق الدكتاتورية و الاستبداد والطغيان، و هو ما دفع العراقيون جراءه ثمناً غالياً من الحريات و الدماء و الكرامة و الثروات و إضاعة عقود من الزمن و من فرص التقدم و البناء و الحضارة.
لقد كانت ثورة الرابع عشر من تموز تعبيراً عن إرادة شعبية و عن تطلعٍ إلى مستقبل حرٍّ كريم، حيث أُنجِزَ العديدُ من المكتسبات التي عضّدت هذا التطلع و التي لم يتوفر لها أن تتواصل و تتقدم، بفعل العمر القصير للثورة، بظروفها المعقدة و بحداثة الخبرة السياسية لقياداتها و بالتآمر المتواصل ضدّها.. مما جعل تلك المكتسبات المتحققة ماثلةً دائماً في الجانب الحي من ذاكرة الشعب و وجدانه كصورةٍ مشرقة للثورة و لوعدها بحياة كريمة يستحقها العراق و العراقيون.
إن استعادة ذكرى الثورة هي استعادة أهم للمعاني النبيلة التي أرادت الثورة تكريسها و إعلاء شأنها..ولعل في المقدمة من هذه المعاني هي قيمة العمل الوطني المشترك .هذه القيمة التي تتأكد أهميتها الآن، ونحن مقبلون على انتخابات تشريعية ينتظرها شعبنا وينتظر معها توافق القوى السياسية عبر تحالفات وطنية تتجاوز التخندقات الضيقة والانقسامات..كما أن استعادة هذه الذكرى هي استعادة لأهمية الوقوف بحزم ضد قوى العنف و الإرهاب التي تتراجع و تندحر و تخسر رهاناتها في إشاعة الفوضى و الانقسام، تلك الرهانات التي أبطلتها و مزقتها بصيرة الشعب و وعي و تعاضد قواه السياسية والدينية والاجتماعية الحية. و ليست المحاولات الإجرامية الأخيرة سوى تعبير يائس عن ذلك الاندحار أمام صمود الشعب وبسالته و أمام الخطوات الواثقة للعملية السياسية في بناء دولة المؤسسات و الديمقراطية و السيادة.
لنستعِد ذكرى الثورة بأكثر صفحاتها و معانيها إشراقاً و رفعةً..و لنواصل مع هذه الاستعادة بناء بلدنا و تعزيز تجربته الديمقراطية الاتحادية و دحر قوى الجريمة و الإرهاب و الفساد وصولاً إلى العراق الذي نريد: عراق الحريات و الكرامة و الأمن والرفاه.
جلال طالبانيرئيس الجمهورية14 تموز 2009"
https://telegram.me/buratha