ينظر باحثون ومحللون سياسيون أميركان إلى إن العقدة السعودية تتركز في ( زعمها أنها حامية السُنة في العراق، وأن الحكومة العراقية (الشيعية) خاضعة للنفوذ الإيراني، وأنها خائفة من انتشار (التشيع الفارسي) في العراق ) . أما الحكومة العراقية فهي تستغرب من (حكومة سُنّية مطلقة) في السعودية، تتهم (حكومة متنوعة في تلوينها المذهبي) في العراق بـ(الطائفية)، ومن جانب آخر توجه أطراف عديدة في الحكومة العراقية أتهامات أكيدة نحو السعودية كونها المصدر الرئيسي والاساسي لتصدير ودعم الارهاب والقتل وابادة النسل الطائفية التي جرت في العراق في السنين الاخيرة وذلك عبر تشجيع الإرهابيين المتسللين عبر حدودها لتنفيذ جرائم إرهابية في العراق، وترى أن التفجيرات الأخيرة كانت ممولة من قبل السعوديين. وما يؤكد ما ذهب اليه السياسيين العراقين هو صدور كم هائل من الفتاوى التكفيرية التي تبيح وتحبذ تصفية الوجود الشيعي في العراق عبر القيام بعمليات تفجير كبيرة تحصد الناس بالجملة , وكانت الفتاوى السخيفة الأخيرة التي صدرت من مرجعيات دينية مرموقة في المذهب السلفي في بلاد خادم الحرمين ( السعودية ) بحسب تعبير بعض المعلقين السياسيين العراقيين والتي تتهم شيعة العراق بأنهم (مرتدون عن الإسلام) ويجب قتالهم، وأن قتالهم (جهاد) لم تكن إلا دعوات مشبوهة لإثارة الفتنة الطائفية من جديد في العراق، الأمر الذي يعني استمرار النزاعات وزعزعة الأمن واستمرار تواجد القوات الامريكية في العراق. وبمعنى أن السعودية –كمحور لدول عربية سُنّية أخرى- لا تريد للعراق أن يتحرر وأن تقام فيه حكومة (ذات غالبية شيعية) على الرغم من أن السعودية نفسها ودول تزعم أنها (تقود العالم العربي) تخضع بشكل مباشر للضغوط الأميركية، ولا تقوى على الخروج عن إرادة وأملاءات سياسات واشنطن الخارجية مهما كلفها ذلك، فيما يطالب رئيس سابق لجهاز المخابرات السعودية، وأحد الأمراء المعروفين الذي عين سفيراً في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى إعادة العراق إلى عالمه العربي بأي طريقة ومهما كلف الامر .
ونقل تقرير صادر من معهد بحوث الشرق الأوسط في الولايات المتحدة عن معلقين سياسيين عراقيين قولهم: إن السعودية وراء الإرهاب في العراق، ولن تقبل أبداً بـ (الحكم الشيعي المتوافق مع الأقلية السنية ) في هذا البلد. وأكد التقرير أن العلاقات الثنائية العراقية-السعودية الحالية في (الحضيض). ومع أنّ العراق كرر رغبته رسمياً بتقوية العلاقات، وبحل جميع الخلافات مع المملكة العربية السعودية، فإنّ الأخيرة لم تكن متحمسة لذلك في إجاباتها. إن السعوديين رفضوا بشكل متكرر اقتراح العراق بزيارة رئيس الوزراء (نوري المالكي) إلى الرياض، أو مقابلة الملك (عبدالله بن عبد العزيز) كما جرى تأجيل افتتاح السفارة السعودية في بغداد على الرغم من أن العراق أرسل فعلاً سفيره الى السعودية.
ويقول التقرير إن السعوديين يفترضون أن إيران تمارس نفوذها داخل حكومة (المالكي)، وأنها تخشى من انتشار النفوذ الشيعي-الإيراني في العراق. ولهذا، فإن الأمير (تركي الفيصل) الرئيس السابق للمخابرات السعودية، والسفير الحالي للسعودية في الولايات المتحدة، وبريطانيا، يدعو إلى إعادة العراق إلى العالم العربي بأي طريقة ومهما كلف ذلك .
وفي الرد على ذلك هاجمت معظم القيادات العراقية السياسية السعودية مؤخراً، مشيرين إلى أنها تعمل على زعزعة الوضع الأمني في العراق. ويرى خبراء المعهد الأميركي أن أول من هاجم السعودية هم (معلقون سياسيون عراقيون) اتهموا السعوديين بمساعدة الإرهابيين للتسلل إلى العراق، وقالوا إنهم وراء التفجيرات الانتحارية التي تنفذ على التراب العراق، وبخاصة في ضوء الفتاوى الأخيرة التي صدرت في السعودية والتي (تحلّل وتدعم وتؤيد) الهجمات الانتحارية وتعدّها ((جهاداً ضد قوات الاحتلال)). واتهم معلقون سياسيون آخرون السعودية بالنظر "نظرة استصغار" إلى العراق، ورفض حكومته الشيعية، ودعا هؤلاء المعلقون رئيس الوزراء (نوري المالكي) الى الكف عن الرغبة المستمرة بزيارة السعودية، ونبذ فكرة اللقاء مع ملكها، ووصفوا هذه المحاولات بأنها (مذلة) لـ(المالكي) ولـ(الشعب العراقي)، وللحكومة العراقية.
وعلى خلاف هؤلاء المعلقين السياسيين، امتنع المسؤولون السعوديين عن تفسير الاتهامات ضد بلدهم. وفي 18 نيسان 2009، دعا رئيس الوزراء (نوري المالكي) الدول المجاورة للعراق –من دون أن يسمي إحداها- إلى وقف دعمها للإرهاب، وإظهار حسن النية تجاه العراق. لقد قال (المالكي): ((أوقفوا ذلك الذي يؤذي العراق من خلال حدودنا، ولا يريد أن يكون العراق مرغماً للدفاع عن نفسه)). وأضاف: ((اكشفوا عن نواياكم لصياغة علاقات إيجابية ودية مع العراق)) و((وأشروا لنا بإصبع واحد، ستجدون أننا نؤشر بيدينا كلتيهما في المقابل)).
وإذ زادت نسبة العمليات الإرهابية، قبيل الـ30 من حزيران، موعد اكتمال انسحاب القوات الأميركية من المدن، بدأت مصادر عراقية مسؤولة باتهام السعودية –بشكل علني- بمساعدة الإرهاب في العراق بهدف منع انسحاب القوات الأميركية. فقد اتهم النائب (هادي العامري) رئيس اللجنة الأمنية والدفاع في البرلمان العراقي ، المملكة العربية السعودية بترؤس مجموعة بلدان المنطقة التي ترفض الانسحاب الأميركي من المدن.
لقد قال إن السعودية كانت مسؤولة عن التفجيرات الأخيرة في العراق، ويجب اتخاذ موقف ضدها. وأضاف قوله أن التفجيرات موّلت من خارج العراق، مؤكدا على أن معظم الجناة كانوا أعضاء في تنظيمات القاعدة، وفي حزب البعث العراقي . وطالب (العامري) باتخاذ موقف قوي ضد البلدان التي تدعم الإرهاب، مشيراً إلى (الفتاوى التكفيرية) المعلنة ضد المواطنين العراقيين الشيعة بعدّهم مرتدين والتي صدرت مؤخراً من رجال دين سعوديين لهم وزنهم الديني في بلدانهم والتي جعلت الشيعة هدفاً للعنف والهجمات الانتحارية.
-كان السفير العراقي (غانم الجميلي) الذي عين في الرياض بعد قطيعة 18 سنة أن المشاكل العالقة بين العراق وبين العربية السعودية، تتعلق فقط بقضايا الأمن المحلي والتي تمنع السعودية من افتتاح سفارتها في بغداد.
-أوضح وزير الهجرة (عبد الصمد رحمن سلطان) أن السعودية تحتجز 1,000 عراقي حتى الوقت الحاضر، معظمهم بتهمة الدخول غير الشرعي إلى المملكة العربية السعودية، فيما ذكرت مصادر تابعة للسعودية أنها تحتجز فقط 800 عراقي، وقد تم أعدام الكثير منهم بعد أجبارهم على الاعتراف بتهم أعدتها مسبقا اللجان المعروفة بالامر بالمعروف وال..ألخ , ومن جانبه أكد العراق على حجزه للمئات من السعوديين الذين ألقي القبض عليهم أثناء الحملات التي شنتها القوات الامنية على الاوكار الارهابية في العراق , أضافة الى ضعف العدد من الذين قتلوا أثناء المواجهات التي حصلت بين أطراف عصابة القاعدة والجيش العراقي .
بعد فشل كل المحاولات التي كانت تهدف إلى تحسين العلاقات من خلال تبادل الزيارات، وبالتحديد من خلال لقاء رئيس الوزراء (المالكي) مع الملك (عبدالله) بقيت العلاقات الثنائية في (حضيضها) بحسب توصيف معهد بحوث الشرق الأوسط في واشنطن. ولم تفلح زيارة (رافع العيساوي) نائب رئيس الوزراء –خلال موسم الحج- في إقناع السعوديين بالموافقة على زيارة (المالكي). وبرغم كل شيء، فإن الولايات المتحدة –كما يؤكد المعهد في تقريره- تمارس ضغوطاً كبيرة على السعودية وغيرها من الأقطار العربية الرئيسة في الشرق الأوسط لتحسين علاقاتها مع بغداد.
https://telegram.me/buratha
