طالب العديد الفلاحين في مدينة النجف بضرورة استخدام الحكومة العراقية للنفط كسلاح مهم للضغط على تركيا وبقية دول الجوار لكي لا يقوموا بابتزاز العراق بين الحين والآخر ومنها تركيا التي قننت حصة العراق من المياه ، كما طالب الفلاحون من الحكومة بضرورة التوجه الجدي لفتح ملفات الفساد الإداري التي تتعلق بواقع الخدمات الإدارية واللوجستية التي كان من المقرر ان تقدم إلى الفلاحين وخاصة في مجال توزيع البذور والأسمدة ..
مشددين خلال مطالباتهم ان "على البرلمانيين والسياسيين العراقيين المنشغلين بتصفية حساباتهم الشخصية والصراع الطائفي والفئوي فيما بينهم ويتوجهوا إلى بناء البلد وان يتخذوا قرارات إستراتيجية تاريخية لحماية البلد وتقويم ثرواته وجوانب البنى التحتية فيه من ابتزاز دول الجوار"..
مطالبات الفلاحين جاءت خلال ندوة حوارية عقدت في النجف نظمها حزب الفضيلة الإسلامي استضاف فيها النائب كريم اليعقوبي عضو مجلس النواب العراقي وعضو لجنة الزراعة والمياه في المجلس .
الندوة عقدت على هامش أزمة المياه المستقبلية في العراق والمتوقعة الحدوث خلال السنوات بل الأشهر القليلة القادمة ، وعقدت تحت شعار ( شحة المياه وتأثيراتها على الواقع الزراعي العراقي ) . الندوة حملت العديد من التساؤلات قدمها الفلاحون والمتخصصون بالجانب الزراعي في المحافظة .
قدم النائب اليعقوبي في بداية الندوة شرحا مفصلا عن واقع المياه والزراعة في العراق والمعوقات التي تواجه المتخصصين في البلد من اجل القيام بخطوات جادة للنهوض بالقطاع الزراعي المتداعي والمتهالك بسبب أزمة المياه وبقية خدمات البنى التحتية المرتبطة به وأهمها الكهرباء .
النائب اليعقوبي أكد خلال الندوة التخصصية التي حضرها العديد من الفلاحين ومدراء الدوائر ذات العلاقة بالواقع الزراعي والمياه ، مشددا على أن العراق قد يدخل مرحلة الكارثة في حالة عدم استجابة تركيا للمطالب العراقية.
وأضاف ان ": مسألة المياه في العراق بشكل أساس مرتبطة بدول المنبع الحدودية مع العراق وهي تركيا وإيران أيضا لكن بالدرجة الأساس فيما يخص دجلة والفرات تخص تركيا وفي الروافد تأتي إيران بالدرجة الثانية ، وهذه الدول لم يدخل العراق لغاية الوقت الحاضر أية اتفاقية معها تؤمن حصة العراق المائية منذ عشرات السنين ، ولا يوجد أية اتفاقيات دولية تحمي حصة العراق المائية فكل ما علينا هو انتظار نتائج اتفاقية الشراكة الشاملة التي سيتم التوصل لاتفاق مع تركيا بقيمة 20 مليار دولار تتضمن مجالات عدة وفرصتنا في هذه الاتفاقية ان نضمن في احد بنودها بندا يؤمن حصة العراق المائية ، وعلى هذا الأساس اصدر مجلس النواب العراقي يوم امس قرارا يلزم الحكومة العراقية وهذه الاتفاقية لا تعتبر نافذة ولا يتم المصادقة عليها الا بتامين حصة العراق المائية ."
وتابع ": هذا هو الحل الأساسي الذي يحل مشكلة المياه في البلد أما البحث عن الحلول الأخرى فهو جاري من خلال الاستفادة من المياه الجوفية ، وتغيير أنواع الزراعة الموجودة مثل زراعة الشلب التي تتطلب كميات كبيرة من المياه ممكن التحول عن زراعتها بزراعة محاصيل أخرى اقل استهلاكا للمياه مثل زراعة السمسم او الماش او الذرة ويجب على الحكومة ان تتحمل جانب دعم زراعة هذه المحاصيل كما كانت تدعم زراعة الشلب ثم يوجد حل لتقنين استخدام المياه في كافة المجالات .. هذه كلها عوامل ممكن ان تكون جزءا من تقليل ظاهرة الجفاف وليس حلها بالكامل ."
وحول ان كانت لدى الحكومة أي تطمينات من الجانب التركي بموافقته على الإصرار العراقي بوضع حصة العراق من المياه في إطار قانوني رد اليعقوبي بقوله ": الجانب التركي ومنذ عشرات السنين يمتنع عن توقيع اتفاق لكننا اليوم وفي العراق الجديد لدينا علاقات دولية هامة وخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية مع بريطانيا والاتحاد الأوربي ومع دول المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية ممكن استغلالا علاقاتنا مع هذه الأطراف للضغط على الجانب التركي وإقناعه من اجل ان يوقع الاتفاقية واليوم ومع اتفاقية الشراكة مع الجانب التركي وقرار مجلس النواب العراقي بالتصويت ضد هذه الاتفاقية في حالة لم تنص بند يؤكد على توفير حصة العراق المائية ، وهناك أيضا تحركات دبلوماسية بين السفارة التركية ومجلس النواب .
واضاف ": هناك تحفظات من الجانب التركي تشير الى وجود هدر كبير في المياه في العراق ، وقلنا في جواب ذلك ان البلد يمر بمرحلة انتقالية حساسة وصعبة وقد كانت حصة العراق فيما مضى ما يقارب ال600 ألف لتر مكعب في الثانية اليوم انخفض الى ما يقارب ال200 الف لتر مكعب في الثانية ثم ان الأوضاع في البلد لاتتغير بسهولة بل يراد زمن طويل لترتيب تلك الأوضاع ومنها الأوضاع الأمنية والإدارية وتثبيت البنى التحتية ، ولكن مع ذلك بدأت في البلد العديد من المشاريع في الجانب الزراعي والمائي ومنها مشاريع الري والبزل وكذلك وضع برنامج لتثبيت الية الري بالتنقيط والرش ، لكن هذه المشاريع لا تؤتي ثمارها خلال مدة قصير بل تتطلب عشرات السنين وهذا لا يعني ان يبقى العراق عطشان ولا يوجد فيه مياه بحجة عدم وجود مشاريع زراعية .
اليعقوبي أكد على أن المشكلة اليوم لا تحمل صفة الكارثة بعد لان الجانب التركي اذا أطلقت الحصة المائية فستحل المشكلة لكن اذا لم تطلق تلك الحصة ... نعم تهدد بكارثة بيئية وإنسانية خاصة في مناطق الفرات الأوسط ومناطق الاهوار والبصرة ."
النائب اليعقوبي أشار الى ان احد أهم المشاكل التي تحول دون توجه شامل لمشكلة الزراعة والجفاف في البلد بل لمعظم المشاكل العالقة هو انعدام الثقة بين الكتل السياسية بين جميع نواب الأطياف العراقية ، مطالبا بتوجه عام شعبي محلي ودولي من خلال التظاهر مثلا او من خلال الاعتصام أمام أبواب السفارات التركية من قبل الجالية العراقية في كل أنحاء العالم ."
من جانبه نظير البكاء مدير دائرة الموارد المائية في النجف أشار في تعليقه حول الأزمة ": في بداية الأمر كانت الأزمة تكاد تكون طبيعية لان السنة الماضية والحالية كانت شحيحة الأمطار وهذا الامر جرى من غير المتوقع حيث كان من المؤمل ان تكون سنة رطبة ويكثر فيها الأمطار ، وأيضا قلة الإيرادات المائية لهذه السنة بسبب زراعة الشلب التي تطلبت ما يعادل 80% من الإيراد المائي للنجف ، وهذا الأمر – أي شحة المياه – انعكس على كافة أرجاء البلد شماله وجنوبه وهذا ما لم يشهده العراق منذ ما يقارب ال70 سنة ، فعلى ضوء المخزون الحالي والإيراد الموجود من المياه نتوقع عقد اجتماع بين اللجنة المركزية لوزارة الزراعة ولجنة من الموارد المائية تم تحديد ان تكون المشاريع المياه الموجودة في البلد فقط لغرض مياه الإسالة ."
هاشم الكرعاوي رئيس لجنة الزراعة في مجلس محافظة النجف قال ": ان أزمة المياه اليوم في البلد كانت الى ما بعد الشهر الثالث طبيعية بسبب تساقط أمطار ثم تحولت اليوم الى قضية سياسية
في النجف قامت اللجنة الزراعية في مجلس المحافظة وضعت بنود وتوصيات بعد استضافتها لمدراء الدوائر ذات العلاقة وسيتم رفع تلك التوصيات الى مجلس النواب ودولة رئيس الوزراء ، مشيرا وقد أكدنا في تلك التوصيات بأنه لابد من زراعة محصول الشلب في بعض المحافظات ما يعادل 20 ألف دونم لكل محافظة للحفاظ على ديمومة هذا المحصول مع ضرورة توفير بديل مثمر للمزارع العراقي لكي يغطي به تبعات عدم زراعة محصول الشلب في حالة ان رفضت الحكومة زراعته في النجف ."
واضاف ": كان لنا لقاءين مع المستشار الزراعي الأمريكي ومع مسئول مكتب اليونامي التابع للأمم المتحدة في النجف السيد شير حسيني وقد تم التأكيد لهم بضرورة إيصال رسالة فحواها إذا كانت سلطات الاحتلال الأمريكي وحلفائها يريدون الديمقراطية في العراق حقا واستمرار الاستقرار الأمني والاقتصادي فيه فعليهم بالضغط على الحكومة التركية في هذا الجانب حتى لا يتحول ما يقارب ال6 – 7 مليون مزارع وفلاح عراقي عاطل عن العمل مما يسبب إرباكا امنيا في هذا الجانب ونحن نعرف ان الحكومة التركية هي حليفة إستراتيجية لأمريكا فعلى الأخيرة الضغط بقوة على هذا الجانب كي توفر مجالا اقتصاديا زراعيا قويا في العراق من خلال إعطائه الحصة المائية القانونية المقررة له دوليا ."
نقيب المهندسين الزراعيين في النجف علي شاكر طالب الحكومة العراقية بضرورة التحرك لوضع دراسات او حلول علمية عاجلة لحل أزمة المياه والزراعة في البلد.
https://telegram.me/buratha