مديرية التخطيط العمراني في مدينة النجف الاشرف إحدى تشكيلات وزارة البلديات والإشغال العامة ، تم استحداث هذه الدائرة في النجف خاصة وبقية محافظات العراق عامة سنة 1985 وكانت تبعيتها الإدارية سابقا إلى وزارة التخطيط فقد كان هناك هيئتين في وزارة التخطيط الأولى هيئة التخطيط العمراني التي تعنى بكافة التصاميم الأساسي لكافة مدن وقرى وقصبات العراق وهيئة التخطيط الإقليمي التي تمتلك مهام خارج حدود البلديات وضمن الحدود الإدارية للمدينة ، وبعد تشكيل وزارة الحكم المحلي في ذلك الوقت تم نقل مهام هذه الهيئة من وزارة التخطيط إلى تلك الوزارة وتم إعطائها فسحة واستقلالية أكثر في العمل من خلال مسؤولياتها عن إعداد التصاميم الأساسية التفصيلية والقطاعية لكافة مدن العراق وبعد سنة واحدة من تشكيل الهيئة ونتيجة لسوء التصاميم الأساسية للمحافظات ارتأى المدير العام للهيئة في ذلك الوقت تشكيل وحدات تخطيط عمراني في المحافظات كافة، وفعلا تم ذلك وتم تشكيل هذه الوحدات الفتية ووضعت لها وحدة مهمات وهيكلة صغيرة ولكنها متخصصة تكونت من باحث للتخطيط الحضري والإقليمي وإحصائي وإداري ومهندس معماري إضافة إلى المهام الإدارية الأخرى ومنها المالية."
المهندس عبد الكريم الخواجة ماجستير تخطيط مدن مدير دائرة التخطيط العمراني في المدينة أكد في حديث مفصل للمركز الإعلامي للبلاغ الأطر التخصصي لعملية وضع التصاميم الخاصة بالمدن ، فقال " إن التصميم الأساسي لكل مدينة يمثل إستراتيجية تنمية لهذه المدينة وهذه الإستراتيجية تتضمن كل الفعاليات الحياتية ، فهو يعتبر كمستعمل للأرض وهي التي تثبت بعد تصديقها لأنها تعتبر دستور استراتيجي يوضح وضعية المدن ل20 او 25 سنة مستقبلية ومعها التوسعات والنمو السكاني وغيرها فهناك خطة عمل مركزية بعد انجازها يتم العمل على خطة العمل هذه لانجاز المشاريع لكافة دوائر الدولة والمشاريع المتعلقة بحياة وخدمة الإنسان ومن أهمها خدمات البنى التحتية ."
وأضاف خواجة ": إصرارنا على تفعيل عملنا جعلت المحافظ يخصص لنا جناح من 3 غرف وزعت مابين الرسم الهندسي والتصاميم والإدارية واستقلت في ذلك الوقت وحدة التخطيط العمراني عن دائرة البلديات وتم إرساء القواعد الأساسية لهذه المؤسسة التخصصي في ذلك الوقت ، وبدأ كادرنا من المهندسين المعماريين المتخصصين بإعداد التصاميم التفصيلي والقطاعي في النجف بعد أن كانت تنفذ في المديرية المركزية في بغداد ."
واوضح ": بمرور الزمن بدئنا نضع اللمسات الأولى لمشروع إعداد تصميم استراتيجي لمدينة النجف الاشرف ، ففي عام 1987 تم تكليفنا بوضع التصميم الأساسي للمدينة وقد تم تشكيل فريق عمل برئاسة المدير العام للمديرية وعضوية خبراء من المديرية وكادر وحدتنا للتخطيط العمراني في النجف وتم تهيئة موقع متخصص ومستلزمات العملية التخطيطية في مبنى المحافظة ، وبدأنا بعمليات مسح متكاملة للمدينة القديمة ولكل توابع مدينة النجف الإدارية من خلال تقديم المعلومات البيانية والإحصائية والمسوحات التفصيلية لحالة الأبنية وقد كانت دراسة قيمة استمرت بحدود ال3 أشهر قدمنا خلالها مقترحات لعمليات التوسع التي تأخذ بنظر الاعتبار مكانة المدينة المقدسة كمحط أنظار وتوافد الملايين من الزائرين في كل عام ، وفي ضوء ما قدمناه من دراسة تم قبولها وتكريمنا من قبل الوزارة المعنية في ذلك الوقت وهذه هي بداية وضع الأسس لمديريتنا ووضع موطأ قدم في المحافظة حيث أن دائرة التخطيط ليست غير محترمة ولكنها غير معرفة لان البلديات كانت تغطي على عملها ، فقمنا بتفعيل عملنا التخصصي وتدخلنا بكل صغيرة وكبيرة في عمليات تخصيص المباني وإبداء الرأي فيها ، فكل مشروع تنموي أو استثماري إذا لم نعطي فيه موافقة رسمية لا يتم الشروع به وهذا ليس فقط بحدود البلدية بل لمشاريع الدولة كافة من مشاريع ماء ومجاري وكهرباء وزراعة وتجارة وفي كل المجالات يأخذ برأينا التخطيطي الحاسم لتنفيذ هكذا مشاريع ، بعدها توسعت مهام عملنا وزادت كوادرنا لتشمل كافة الوحدات الإدارية ضمن الرقعة الجغرافية للمدينة فتم تخصيص فرقتين للاستيطان الريفي من خلال جمع كافة المعلومات عن القرى والأرياف ثم البدء بإعداد التصاميم التي ترفع لاحقا إلى المديرية المختصة لأغراض المصادقة .
وشرح المهندس الخواجة مرحلة ما بعد سقوط النظام البائد فقال ": بعد سقوط النظام وفي مرحلة التغيير عام 2003 تم إعطائنا صلاحيات أكثر بدأت من الاستعمالات والتوجهات والخيارات أصبحت متطلبات جديدة لم نعهدها سابقا لان اغلب تصاميمنا كانت كلاسيكية وجامدة لم تتفاعل مع الحياة والنمو ومعدة سلفا من دوائر بغداد فأصبحنا حقيقة نعاني ولكن بعد عمليات الاستقرار أصبحت الإدارات المدينة تطمح بوضع تصاميم جديدة تتلاءم مع وضع التغيير إذا علمنا أن البنى التحتية المتمثل بالنقص الكبير في كافة الخدمات الأساسية من ماء ومجاري وكهرباء والتعليم والصحة والسكن والصناعة والتجارة وغيرها للمدن منهارة تماما ولم يتم ديمومتها ل50 سنة مضت ."
مسترسلا بقوله ": تم الشروع بإعداد مشروع مقترح دراسة لوضع اللمسات الفنية المطلوبة لغرض إعلانها عبر مسابقة لتحديث التصميم الأساس لمدينة النجف الاشرف ابتدءا ونحن لدينا مشروع إعداد تصاميم أساسية لمدن وقصبات المحافظة ولكن كمركز محافظة والضغط عليها لأنها قبلة للزائرين والسياح ولان مبالغ تنمية الأقاليم تركز ابتداءا على مراكز المدن ، تم وضع هذه الدراسة بمشاركة مكتب مديريتنا وبعض المختصين المعنيين في المحافظة وتم رفعه الى الوزارة وتم استعراضها في ندوة حضرها العديد المختصين والمسئولين والكفاءات والمخططين في البلد ، وتم مناقشة عمليات التحديث للتصاميم وإعطاء المقترحات التي تتلاءم مع وضع المدينة المقدسة ل50 سنة مقبلة لكل المشاريع الاستثمارية ، وقد دخلت على هذا المشروع الاستراتيجي 8 شركات محلية وعربية وعالمية تم اختيار شركتين منها الأولى بريطانية ( شركة لوين ديفز) والأخرى عربية ( دار الهندسة ) اللبنانية ثم فازت شركة لوين ديفز في الاختبار النهائي بالتعاون مع مركز المصمم للاستشارات الهندسية العراقي في الشروع بعملية التحديث ، وفعلا تم العقد مع نهاية عام 2005 وابتدأ العمل عام 2006 ."
وتابع المهندس الخواجة": تم الأخذ بنظر الاعتبار في هذه التصاميم خدمات البنى التحتية واستعمالات الحياة بكافة تفاصيلها وتفرعاتها بعد إن تم حساب الحاجة الفعلية للحاضر أو التوسعات في المستقبل ، إضافة إلى تصميم مركز المدينة ( التشديد الحضري) حيث تم إعطائها اهتمام خاصة من خلال التفاهم بين مكتب الشركة المنفذة ومكتب المصمم والكادر المتخصص للعتبة العلوية المطهرة حيث تم تحديث ما تحتاج العتبة العلوية المطهرة من توسعات وفضاءات واسعة مطلوبة لاستيعاب الملايين من الزائرين خاصة في الزيارات المليونية ، وتم عمل تصميم تفصيلي من قبل شركة متخصصة للعمارة الإسلامية وهي جامعة الشهيد بهشتي بالتعاون مع أفكار المصمم المعماري وأفكار الكادر المتخصص في العتبة العلوية المطهرة ودائرتنا في الوصول إلى أفضل تصميم معماري للصحن الحيدري الشريف للغرض التوسعة من ناحية مرقد الصافي صفا والذي يتضمن المصلى الكبير الذي يتسع ل100الف شخص إضافة إلى صحن فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) ثم مقام صافي صفا الذي ضم إلى العتبة العلوية المطهرة حيث وضعت تصاميم خاص له ثم تصاميم مشروع مقام الإمام زين العابدين (عليه السلام ) ليكون امتداد منطقة العتبة العلوية المطهرة مفتوحة باتجاه بحر النجف ."
مشيرا إلى أن " هناك نية للقيام بالتوسعات المرحلة الثانية التي تشمل السوق الكبير ليصبح محورا آخر باتجاه الصحن العلوي المطهر."
وحول أزمة السكن والحاجة الفعلي للمدينة وما شمله تصميم المدينة المقدسة من وحدات سكنية لإنهاء هذه الأزمة الخانقة في البلد قال الخواجة ": من خلال دراسات ميدانية قمنا بها عام 2000 وجدنا إن العجز الإجمالي في السكن بحدود 26 ألف وحدة سكنية ولكن بعد تحديث المعلومات عام 2003 وجدنا إن العجز ، مع زيادة الهجرة إلى المدينة وعملية الاستقرار النسبي عموما أصبح العجز من 30 الى 35 ألف وحدة سكنية ، كما وجدنا إن هناك مواقع بحدود ال25 ألف قطعة سكنية موزعة من بلدية النجف ولكنها غير مشيدة ، ابلغنا الشركة المنفذة لتصاميم المدينة ان حساباتهم الموضوعة بالنسبة لحل أزمة السكن والتي وصلت إلى حدود عام 2030 يجب أن لا تشمل ال25 قطعة ارض الموزعة إلى المواطنين فأصبح الأمر بهذا الاتجاه وتم تحديد العجز الكلي ، وعليه فان التصميم الأساسي لمدينة النجف وفر ما مقداره 95 ألف وحدة سكنية لغاية 2030 بضمنها ال25 ألف وحدة سكنية الموزعة أصلا وهذه النسب ستغطي بالكامل حاجة المحافظة إلى السكن ."
مضيفا ": لكن هناك مشاريع استثمارية ضخمة لوتم تنفذها ستختصر لنا الزمن وأيضا تختصر الأراضي التي قمنا بتهيئتها يضمنها مشروع ( واحة أم البنين " عليها السلام") المتوقع أن يوفر 30 ألف شقة سكنية - 12 عمارة سكنية - وهو مشروع مدينة سكنية متكاملة يتم الآن إكمال المرحلة الأولى منه باتجاه طريق نجف – كربلاء ( الحي الصناعي قرب السيطرة الرئيسية لمدينة النجف باتجاه كربلاء ، وهو مشروع يتم إنشائه من قبل الوقف الشيعي بالتعاون مع متبرع كويتي والمشروع في حال اكتماله يسد الكثير من العجز في أزمة السكن في المدينة ."
أما بخصوص مشاريع البنى التحتية للمدينة ومن أهمها مشاريع الصرف الصحي الذي تفتقر إليها اغلب أحياء المدينة قال المهندس الخواجة ": بخصوص مشاريع الصرف الصحي فان التصميم الأساسي للمدينة المقدسة قد تطرق إليها من خلال عمليات جمع المعلومات من الدوائر المعنية تبين ان المنفذ لمشاريع الصرف الصحي لا يتجاوز ال17 % وهي الإحياء القديمة الإنشاء بالمدينة ( أحياء السعد ، الإمام الحسين ، والمثنى) وشبكات هذه الأحياء متهرئة وقديمة جدا ، فبدأت مخاطبات بين الدوائر المعنية بالمدينة غرض تأهيل الشبكة القديمة وتوسعتها ."
مشيرا ": عمليات الصرف الصحي في كل أنحاء العالم مكلفة وميزانيات تنمية الأقاليم كانت تأخذ ثلثها إلى شبكات الصرف الصحي فبدا العمل بشبكات الصرف الصحي القديمة وتأهيلها في الكوفة أولا والنجف ثانيا ناهيك إن النجف والكوفة هما وحدتين متكاملتين وقد تم التوافق من قبل الشركتين البريطانية – للنجف و الألمانية – للكوفة – بالنسبة لوضع التصاميم المتكاملة لشبكات الصرف لكليهما بالنسبة للشبكات الجديدة تم اختيار موقع بحر النجف وبكلفة 750 مليار لأغراض المعالجة مياه الصرف الصحي من خلال إنشاء هذه المحطة لتغطية كامل المدينة ، وتواجه عمليات الإنشاء صعوبة كبيرة في وضع المناسيب وعمليات الحفر وسحب المياه الثقيلة للأنابيب المتجهة إلى محطة المعالجة لان مركز المدينة المقدسة هو الأعلى بحدود ما يقارب ال20 مترا عن بقية أماكن المدينة وإحيائها بما ذلك الكوفة ، وعلى هذا الأساس تم شمول 8 أحياء لغرض ربطها بهذه الشبكة العملاقة التي تمت إحالتها ومبالغها مرصودة وقد تم الشروع بتنفيذ أجزاء منها وهي حي الأنصار والأمير والأحياء الشمالية الجمعية والعسكري والأطباء وغيرها ) بل تم إيقاف عمليات إكمال الطرق في تلك الأحياء لتكون اعمالها متكاملة بعد إكمال مشروع شبكات الصرف الصحي لها ، طموحنا البدء بتأهيل ومد شبكات الصرف الصحي والماء قبل البدء بأي عمليات أعمار بالمدينة المقدسة ."
وأضاف ": بعد سقوط النظام البائد تمت تشكيل هيئة أعمار تخصصية في المدينة المقدسة تضم كافة مشاريع الدولة بكافة قطاعاتها دورنا نحن التنسيق ووضع التصاميم المطلوبة لهذه المشاريع بالتنسيق واخذ الموافقة الرسمية من دائرة البلديات لأنها صاحبة القرار الأول للتصاميم حسب القانون وهذا ما يتعلق ضمن المشاريع التي تقع داخل حدود بلدية المدينة ، أما خارج إطار البلدية فهناك تنسيق بين مديرية عقارات الدولة وبقية الدوائر المعنية لتهيئة المواقع الاستثمارية التي تقع خارج حدود وصلاحية البلدية وهذه المشاريع ضخمة بضمنها ( مشروع مدينة النجف الجديدة ، وإنشاء المواقع الصناعية الملوثة وغير الملوثة إضافة إلى المشاريع السياحية والترفيهية ، ومشروع المقبرة الجديدة ومشروع المدينة الرياضية ، مدينة المعارض والمدينة العلمية ) كلها تمت تهيئتها وإسقاطها ضمن خارطة التصميم الأساسي لمدينة النجف الاشرف ."
وعن المعاناة التي قد تواجه العمل ": معاناتنا تكمن بعدم وجود الكادر التخصصي والمعماري او قلته خاصة مع دخول الأنظمة التقنية العالية في عملنا مثل نظام ال GISوهذا النقص يحجم عملنا مع وجود الصلاحيات الممنوحة لنا إضافة إلى متطلبات عملنا الأخرى التي بحاجة إلى دعم ."
https://telegram.me/buratha