لعلها أكبر منطقة في العالم من حيث عدد المواقع الأثرية ، أو كما وصفها أحد الآثاريين الغربيين ( متحف الآثار العالمي ) ، فتكاد لا تخلو مدينة من مدنها من موقع أثري أو تراثي ، التي تحكي قصة حضارة عظيمة في هذه البقعة من العالم .
محافظة ذي قار ( 300 كم ) جنوب بغداد ، تضم ( 1200) موقعا أثريا ، و( 3000) موقعا تراثيا ، وتعود بعض هذه الآثار إلى عصور ماقبل التاريخ ( 3000ق.م ) ، وفيها أقدم تل أثري في العالم وهو ( تل العويلي ) الذي يعود إلى سنة (6000 ق.م) ، اكتشفه ( جون لويس ) في مدينة ( لارسا) الأثرية ، قرب ناحية البطحاء حاليا في محافظة ذي قار .
وتمتاز الآثار في ذي قار بتنوع تسلسلها الحضاري لمختلف العصور التاريخية التي مر بها وادي الرافدين ، فهناك آثار تعود إلى الفترة السومرية وأخرى إلى الفترة الأكدية أو البابلية والفرثية وكذلك الأخمينية والساسانية أو الاسلامية .
من أشهر هذه المواقع مدينة أور ( غرب مدينة الناصرية حاليا ) التي تعد أقدم امبراطورية في الشرق ، ومن أشهر ملوكها ( أورنمو ) ( 2011-2006 ق.م) الذي وضع أقدم قانون في العالم ، اكتشفها عام 1926 م المنقب البريطاني ( اليو رينا لدو وولي ) ، ومن أشهر آثارها ( الزقورة ) ، ومقبرتها الملكية التي ضمت أكبر كنز في العالم الذي يعود إلى الملكة السومرية ( ﭙوأﭙي ) المشهورة بالملكة شبعاد .
ومن المواقع الأثرية الشهيرة الأخرى هو موقع (أريدو ) جنوب مدينة الناصرية ، وموقع ( باد تييرا) غرب مدينة ( الشطرة حاليا في محافظة ذي قار بحوالي 15 كم ) وموقع ( لكش ) الذي يقع شرق مدينة الشطرة بحوالي 17 كم .
ومملكة لكش أسسها ( أورنانشة ) في العصر السومري وحكمت سهل المنطقة الجنوبية من العراق في فترة من الزمن ، وفيها ظهرت أقدم الاصلاحات في تأريخ العالم التي قام بها ( أورو كاجينا ) حيث رفع الضرائب ، وملّك الأراضي للفلاحين .
أما موقع ( تلو )10 كم شمال مدينة الشطرة حاليا ، فيعود لمدية ( كرسو) العاصمة السياسية لمملكة لكش ، وقد نقبت فيها بعثة فرنسية سنة 1887 م واكتشفت 30 تمثالا من حجر الديورات تعود للملك ( كوديا ) أحد ملوك كرسو ، وقد نقلت هذه التماثيل إلى متحف اللوفر في باريس .
ومن ملوك لكش المشهورين ( أنتمينا ) الذي شق قناة من نهر دجلة إلى مدينة لكش ، وهذه القناة التي تعد أقدم وأكبر مشروع اروائي في تاريخ العالم ، هي التي تسمى نهر الغراف حاليا الذي يتفرع من نهر دجلة عند مدينة الكوت مرورا بمدن الحي والفجر والقلعة والرفاعي والنصر وينتهي عند مدينتي الشطرة والغراف بطول 178كم .
ومن المواقع الأثرية المهمة التي تعود لمملكة لكش أيضا هو موقع ( تل زرغل ) الذي يعود لمدينة ( نينا ) التي كانت ميناء مملكة لكش قرب ناحية الدواية حاليا .
أما آثار مملكة ( أوما ) فتقع قرب ناحية الفجر حاليا في ذي قار ، وقد حكمها ( لوكال زاكيزي ) الذي استطاع أن يوحد جميع دويلات المدن السومرية .
ويعد موقع ( ام العقارب ) الأثري من المواقع الشهيرة الذي يعود إلى عصر فجر السلالات ، ويقع قرب مدينة الرفاعي حاليا في محافظة ذي قار أيضا ، وكذلك موقع ( تل العبيد ) 5كم جنوب الناصرية الذي يعود تاريخه إلى عصور ماقبل التأريخ .
عامر عبد الرزاق ، المنقب الآثاري في مفتشية آثار ذي قار ، قال لمراسل المركز الاعلامي للبلاغ : توجد في المحافظة مواقعا أثرية عديدة ومهمة منها : تل عبلة – أبو ذهب – كبيبة – أبو خرز – والمئات من المواقع الأخرى المنتشرة في مناطق المحافظة ، وتوجد في مناطق الأهوار مواقعا أثرية اكتشفت بعد تجفيف الأهوار ، وهي مهددة حاليا بالغرق ، يجب حمايتها وإجراء عمليات تنقيب إنقاذية عليها ، ففي أهوار محافظة ذي قار وحدها يوجد 70 موقعا أثريا منها أبو جديدة وقصر ثامر والشويعرية وأبو خميس وغيرها .
وأضاف أن وزارة الدولة لشؤون السياحة والآثار وزارة مقيدة الصلاحيات لايرقى عملها إلى ابراز هذا الارث الحضاري الضخم واستثماره ، فلو استغلت هذه المواقع الأثرية سياحيا لأصبح للعراق موردا غنيا مهما ، فمدينة أور مثلا هي محط أنظار الديانات في العالم كونها مدينة الني إبراهيم (ع) ، وذكر عبد الرزاق أن في الأردن مثلا 400 تلا أثريا فقط ولها وزارة مستقلة ، أما في العراق يوجد 25000 موقعا أثريا ، ووزارة الدولة عاجزة عن حماية الآثار التي تتعرض إلى السرقة والتخريب .
وأكد على أن 1200 موقعا أثريا في محافظة ذي قار ، لم يجر التنقيب إلا على ثمانية مواقع منها فقط ، داعيا الجهات المسؤولة في الدولة الى الاهتمام الجاد ووضع التخصيصات اللازمة لإنقاذ هذا الموروث الحضاري العظيم ، واستثماره لما فيه منفعة البلد ، وطالب جميع المهتمين والمثقفين من أبناء الشعب أن يكون لهم الدور الأساسي في الحفاظ على الآثار وإبراز أهميتها والتثقيف على ذلك .
https://telegram.me/buratha