يؤمن بوجهة النظر الأولى كريم حسين، المعروف باسم «أبو معروف»، والذي يسيطر على ضواحي بغداد، وهو المكان الذي من الممكن أن ترى فيه جنديا يحمل بندقية في كلتا يديه. ويقول إن الحكومة الشيعية خرجت لتدمير حركة «الصحوة»، معلنا «ليس فقط الحكومة، ولكن القوات الأميركية أيضا».
ويعتنق الرأي الآخر أحمد أبو ريشة، شقيق مؤسس الصحوة الذي اغتيل. وقال إن الحكومة ذاتها كانت على صواب تماما في قمع المجرمين في بغداد والقبض على زعيمهم. ويقول أبو ريشة: «لا أحد فوق القانون».
ولا يبدو أن هناك أحدا يثق بالآخر، ولكن العديد من السياسيين يتحدثون عن الاتفاق على صيغة تؤكد على القومية العراقية ودولة قوية، ورفض ظاهري للانقسامات الطائفية والعرقية التي سادت العراق منذ عام 2003.
ويتفاوض رئيس الوزراء السابق إياد علاوي مع «أبو ريشة»، الذي يتحمس بدوره لإقامة تحالف مع رئيس الوزراء نوري المالكي. ويتحدث الثلاثة، أحيانا عبر وسطاء، إلى الأتباع الشيعة لمقتدى الصدر، الذي قاتل ميليشياته من قبل كل من علاوي وحلفاؤه الأميركيون. وفي زيارة لم تكن متوقعة منذ عام، زار نائب الرئيس العراقي السني طارق الهاشمي الأسبوع الحالي مستشفى في منطقة مدينة الصدر في بغداد،
ويقول علاوي: «يحاول الجميع أن يصلوا إلى الآخرين». وصرح علاوي بأنه لا يتوقع الوصول إلى اتفاق هذا الصيف، وتوقع البعض أن يتراجع عند الخطوط الطائفية والعرقية. ولكن استنزفت المباحثات المزيد من اهتمام الساسة، لدرجة أن الكثيرين يعتقدون أن البرلمان يؤجل اتخاذ إجراء في تشريع مهم مثل المشاركة في الإيرادات والانبعاثات الهيدروكربونية حتى بعد الانتخابات.
ويبدو أن المفاوضات تعمل على إقامة تحالفات بين قوى غير متوقعة في المجالس المحلية، وعلى سبيل المثال، أتباع السياسي السني صالح المطلك، الذي يجذب مؤيدي حزب «البعث» التابع لصدام حسين، وائتلاف دولة القانون التابع للمالكي، والذي فاز بأغلبية المقاعد في المجلس المحلي في البصرة، ثاني أكبر مدينة عراقية، وظهر كأقوى تكتل في بغداد وأربعة مجالس محلية أخرى.
وقد وافق المالكي والصدر أيضا على العمل معا، على الرغم من أن معظم التحالفات تتكون بدافع من البراغماتية بدلا من الأيديولوجية. وعلى الرغم من أن الصدر تحالف مع المالكي في إقليم بابل، فقد صرح مسؤولو الصدر بأنهم يتوقعون أيضا أن يصلوا إلى اتفاق مع المجلس الأعلى الإسلامي في العراق في محافظة ميسان.
وفي بغداد وغرب العراق، يظهر كريم حسين وأبو ريشة التقارب المتناقض، ولكنه محتمل بين السنة المجتمعين تحت لواء الصحوة، ويعد تأييدهم مهما في هزيمة المتمردين. ويبرز كلاهما علم حكومة صدام حسين القديمة ولكنهما يتشاركان في أشياء أخرى قليلة.
وإلى جوار منزل كريم حسين في الرضوانية، في ضواحي بغداد، تتناثر أنقاض مبنى مدمر في غارة أميركية عام 2005. وكتب عليه: «يحيا المجاهدون» و«سننتقم من الدولة الأميركية الكافرة». ويتعهد حسين بالولاء للأميركيين والمالكي ولكنه يظل مشتبها به. وفي الشهر الماضي، أغارت قوات الأمن العراقية على منزله واعتقلت ابنه وشقيقه. ويقول: «عندما ينتهون منك، يلقون بك جانبا».
وفي مقره في الرمادي، رفض أبو ريشة حسين لأنه رجل ميليشيا. وقال: «لا نريد أن نقيم ميليشيات. أنا لست زعيما لميليشيا، ولكني سياسي». وبسؤاله عما إذا كان يتصور إقامة تحالف مع المالكي في الانتخابات المقبلة، أجاب أبو ريشة: «من دون شك. إذا رغب في ذلك، ليس لدينا اعتراض. وإذا كان هذا المشروع سيجعل العراق متحدا وعلى طريق المصالحة، فنحن نؤيده».
وقال إن إقامة تحالف أمر ممكن وربما يجمع بين مؤيدي صالح المطلك، السنة، وتحالف المالكي، الشيعي، والقوميين العرب في مدينة الموصل الشمالية، بل وأتباع الصدر، حيث يلقي السنة على ميليشيا جيش المهدي بالمسؤولية في لعب دور غير مبرر في إراقة الدماء الطائفية في عامي 2006 و2007.
وقال أبو ريشة: «توجد أعمال تهدف إلى إقامة هذا التحالف».وقال صرح الشيخ صلاح العبيدي، المتحدث باسم الصدر، إن الحركة بدأت في مباحثات مؤقتة مع قادة الصحوة عبر وسطاء قبليين في بداية العام. وعلى الرغم من قول «أبو ريشة» إنه أراد أن يحدد موقف ميليشيا الصدر قبل الوصول إلى أي اتفاق، قال العبيدي إن، أتباع الصدر قلقون من أن «أبو ريشة» وقادة الصحوة الآخرين قريبون للغاية من الولايات المتحدة، عدوة الصدر التقليدية، والمعادية لإيران المجاورة. ولكنه أكد على أن أتباع الصدر ما زالوا يتطلعون إلى بناء الجسور بين الخلافات الدينية. وقال: «لا نريد أن نعود إلى الأعمال الطائفية. لا نريد ذلك. نريد أن نعمل مع الآخرين. لنقيم تحالفين جديدين أو ثلاثة، وليس كما كان في الماضي».
وربما يكون المالكي أكثرهم تقلبا حتى الآن. ويعترف مسؤولو حزب الدعوة الذي ينتمي إليه باتصاله بالمطلك والصدر والصحوة وغيرهم. ولكنه يبدو حذرا من أجل المحافظة على النجاح الذي حققته له الانتخابات المحلية، وقد تسبب الغموض المحيط بنواياه في توليد الشك بين منافسيه.
وعلى الرغم من تقرب المالكي من أتباع الصدر، يتهم العبيدي وآخرون رئيس الوزراء بالتواني عن الإفراج عن مؤيديهم، وبتأييد حملة اعتقالات ضد مناصريهم في البصرة وكربلاء والديوانية. ويحافظ المالكي على وجود قناة اتصال بينه وبين المجلس الأعلى الإسلامي في العراق ويقول مسؤولون، إن المالكي أيضا يخطط لإرسال وفد إلى مدينة أربيل الشمالية في الأسبوع المقبل، في محاولة للمصالحة مع مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان. وقد أصبح عداؤهما من أكثر الخلافات اشتعالا في العراق، وسعى علاوي إلى الاعتماد على ذلك من أجل التقرب من الأكراد.
ويصر بعض خصوم المالكي على أنه في النهاية سيكون عليه أن يستسلم لما وصفوه بالضغط القادم من آية الله العظمى السيد علي السيستاني، المرجع الديني الاعلى البارز في العراق، من أجل إعادة تكوين التحالف الشيعي الشامل الذي نافس في انتخابات 2005، على الرغم من أنه ربما يكون وفقا لشروط المالكي هذه المرة. ويرى آخرون أن طموحات المالكي أكبر.
وقال مسؤول عراقي رفيع المستوى، اشترط عدم ذكر اسمه، ليتحدث بصراحة عن المالكي: «لقد اثبت أنه ليس له أعداء دائمون، وليس له أصدقاء دائمون».
https://telegram.me/buratha