لم تصدق ام سيف بان ولدها الذي يبلغ من العمر خمسة اعوام وافته المنية في مستشفى الكرامة الكوت على اثر اصابته بمرض الحصبة من دون ان تتمكن الملاكات الطبية من اسعافه في الوقت المحدد وتشير احصائية دقيقة اعدت في مستشفى الكرامة بالكوت بانه ابتداء من شهر تموز من العام الماضي بدأت اولى اصابات مرض الحصبة بالظهور في المحافظة والتصاعد بنسب كبيرة جدا.
كانت الام تحلم بان ابنها الوحيد سيف ـ الذي طلبته من الله عند اداء فريضة الحج بعد زواج دام 11 عاما من دون انجاب ـ سيصبح يوما ما طبيبا يرتدي بزته البيضاء وتزين عنقه السماعة الطبية ويعالج الاخرين، ولم تضع في حسبانها ان مرض الحصبة سيفتك به على هذا النحو. تقول الاحصائية بان مستشفى الكرامة الذي يقع شرقي مدينة الكوت استقبل في شهر تموز من عام 2008 الماضي سبع اصابات بمرض الحصبة لترتفع النسبة في شهر اب الى 40 اصابة، وفي شهر ايلول استقبل المستشفى ذاته 46 حالة اصابة، في حين استقبل 47 حالة اصابة بمرض الحصبة في شهر تشرين الاول، اما في شهر تشرين ثاني فاستقبل المستشفى 102 حالة لترتفع الحالات الوافدة الى 247 حالة في شهر كانون الاول من العام الماضي. لم تفق ام سيف من الصدمة بعد ان اخبرها الطبيب بان ولدها الذي جلبته صباح اليوم فارق الحياة وانه كان في حالة خطرة جدا يمكن ان تفضي الى الموت، كانت صرخاتها ونظرات عينيها تتوسل المتحلقين حولها لنفي الخبر وتكذيبه.
وسجلت الاحصائية ذاتها خلال عام 2009 ان الاصابات وصلت الى مستويات اعلى ومراحل متقدمة، اذ استقبل مستشفى الكرامة خلال شهر كانون الثاني من العام الحالي 607 حالات اصابة وفي شهر شباط الماضي استقبل 946 حالة مصابة، علما بان الاحصائية كانت لغاية 2009/3/19 وسجلت 530 اصابة بمرض الحصبة.وكانت دائرة صحة واسط اعلنت الشهر الماضي تنفيذ حملة شاملة لتلقيح الاطفال دون سن الخامسة بغض النظر عن الموقف التلقيحي السابق.
تشير ام سيف الى ان مستشفى الكرامة زودها بشهادة وفاة ولدها التي ثبتت ان سبب الوفاة هو مرض "ذات الرئة، مع تأكدها هي بان الوفاة كانت بسبب مرض الحصبة عبر متابعتها لحالة ابنها الوحيد قبل وفاته مع احد الاطباء الاختصاص الذي اخبرها بانه مصاب بالحصبة، منوهة بعدم علمها بسبب تغيير شهادة الوفاة. وتضيف: عندما ذهبت الى المستشفى وجدت اعدادا كبيرة من المصابين بالمرض نفسه.
صفاء حسين "مراجع في المستشفى" يقول: اصطحبت ولدي الى مستشفى الكرامة كونه يشكو من اعراض مرض الحصبة وبعد الفحص المختبري ثبت انه مصاب بالمرض، لكنني استغربت للامر لان ولدي حاصل على اللقاح الخاص بالمرض قبل نحو عامين. وتساءل هل ان اللقاح الذي تلقاه ولدي منتهي الصلاحية ام انه غير فعال، هذا السؤال يبقى من دون اجابة بالرغم من اني سألت الاطباء المتخصصين في عدة مستشفيات لكن من دون جدوى
مصدر طبي في مستشفى الكرامة رفض الكشف عن اسمه ابلغ "الصباح" ان المستشفى يستقبل حالات كثيرة مصابة بمرض الحصبة يوميا، وان هناك ما يشبه التكتم والتعتيم على هذا الامر، بالرغم من رفع اعداد الاصابات يوميا الى رئاسة الصحة في المحافظة، التي بدورها تقوم برفع الاعداد الى وزارة الصحة.
واضاف: ان الوضع حرج جدا فالاصابات في تزايد وجميعها من المناطق الريفية التي تقع في اطراف مركز المدينة وهناك حالات وفاة عديدة يتسبب بها المرض ولكن لا يتم ابلاغ الاهل بالسبب الحقيقي وراء الوفاة. وتابع ان اهل الطفل المتوفى يكونون مشغولين بوفاة ابنهم ولايهمهم ما كتب في شهادة الوفاة، وهذا الامر يعود الى قلة وعي الاهالي وعدم ادراكهم الامر. وناشد المصدر وزارة الصحة بالتدخل عاجلا لوضع حد لهذه الكارثة، قبل ان تتفاقم ويذهب الاطفال الابرياء ضحية لها باعداد كبيرة.
https://telegram.me/buratha