أشارت مجلة تايم الأميركية في عددها الأخير إلى أن معتقل معسكر بوكا الواقع بالقرب من البصرة سيتم إغلاقه نهاية العام الحالي وتحويل نزلائه إلى السجن الجديد الذي يجري بناؤه في منطقة التاجي. وسجن معسكر بوكا القريب من الحدود الكويتية هو أكبر السجون مساحة من بين المعتقلات الأميركية ويضم نحو 10 الآف نزيل من أصل نحو 14 ألف معتقل موجودين لدى القوات الأميركية.
ويصف الجنرال ديفيد كوانتوك المشرف العام على المعتقلات الأميركية في العراق 3000 معتقل معزولين في أماكن خاصة بأنهم الأكثر خطورة بين المعتقلين، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية تريد استلامهم بشرط توفر مذكرة قضائية تتيح حجزهم أو تقديمهم إلى المحاكم. ويؤكد الجنرال كوانتوك أن قواته كانت قبل توقيع الاتفاقية الأمنية، تحتجز الشخص الذي تشعر أنه يشكل تهديدا للقوات الأميركية أو العراقية لفترات طويلة، ولكن هذا لم يعد ممكنا بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
ويقوم عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية CIA ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ومؤسسات استخبارية أميركية أخرى إلى جانب السلطات العراقية، بجمع الإدلة الجنائية والبحث عن شهود لمقاضاة عدد من المعتقلين منذ شهر تشرين أول الماضي.
وقد تمت مراجعة ملفات سبعة آلاف منهم، ومن المتوقع استكمال مراجعة ملفات ثلاثة آلاف معتقل آخر قبيل نهاية شهر أيار/ مايو القادم وذلك حسب مقتضيات الاتفاقية الأمنية، فيما ينظر القضاء العراقي حاليا في ملفات 2400 معتقل.
ويؤكد تقرير المجلة أن الجانب الأميركي نجح في إقناع القضاة العراقيين باعتماد أدلة جنائية مثل بقايا المتفجرات وبصمات الأصابع، بدلا من اعتماد الطريقة التقليدية التي تستلزم توفر شهادة شاهدين أو استحصال اعتراف من المتهم لتتسنى إدانته. ونتيجة لهذا الأسلوب في معالجة القضايا، فإن أحكام الإدانة التي صدرت بحق المتهمين ارتفعت من 30% إلى أكثر من 90%، على حد قول الجنرال كوانتوك.
وفي هذه الأثناء، تم إطلاق سراح 1500 معتقل من سجن بوكا بمعدل 50 في اليوم استجابة للاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن التي بدأ العمل بها منذ الأول من كانون ثاني/يناير الماضي. إن تحسن الوضع الأمني في عموم البلاد ساعد على الإفراج عن الكثير من المعتقلين. لقد أطلق سراح 18600 معتقل من الذين لا يمثلون تهديدا كبيرا للأمن من سجن بوكا العام الماضي، بالمقابل لم يبلغ عدد المعتقلين في العام نفسه نصف ذلك العدد.
ومع ذلك، فلا يزال بعض العراقيين غير راضين بشأن آلية إدارة ملف المعتقلين، وخصوصا السنة الذين ينتمي إليهم ما يقرب من 80% من مجموع معتقلي بوكا. وتطالب جبهة التوافق، التي تقول إنها لا تثق بالحكومة، بإطلاق سراح فوري لجميع المعتقلين، بمن فيهم "القلة" الذين تقر الجبهة باحتمال كونهم أعضاء في تنظيم القاعدة.
وينقل التقرير عمن وصفه بمتحدث باسم جبهة التوافق عمر المشهداني قوله "حتى لو أطلقتم سراح أمير في القاعدة، فلن يكون بإمكانه إحداث الدمار كما فعل قبل ثلاث سنوات"، مشيرا إلى تحسن أداء القوى الأمنية وتطور قابلياتها الاستخبارية. المشكلة، يواصل المشهداني، هي "في تحويل بعض المعتقلين من سجن يحترم إلى درجة ما حقوق الإنسان، إلى آخر لا يحترم ذلك. نثق بالقوات الأميركية أكثر مما نثق بالحكومة العراقية".
وعبرت العديد من المنظمات الحقوقية العالمية عن قلقها للمصير الذي ينتظر المعتقلين الذين ستتسلمهم السلطات العراقية، ويقول الجنرال كوانتوك إن السجون العراقية تعمل الآن بأكثر من 100% من طاقتها الاستيعابية، ولهذا قامت وزارة العدل العراقية بالإبقاء على 500 مدان داخل بوكا لحين الانتهاء من تشييد سجون جديدة.
ونقلت المجلة عن مسؤول كبير في وزارة العدل رفض الكشف عن اسمه قوله إن هناك الكثير من الضغوط على الوزارة من قبل الأحزاب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان وعائلات السجناء للانتهاء من النظر في قضايا المعتقلين في أسرع وقت ممكن، ولكن المشكلة كما يؤكد هي النقص في عدد القضاة وأماكن الاحتجاز.
ويوضح المسؤولون الأميركيون في بوكا أنهم لن يسلموا المعتقلين لديهم إلا إلى تسعة سجون عراقية خاضعة لعمليات تفتيش منتظمة من قبل مندوبين من وزارة العدل الأميركية، وتتوافر على الشروط الإنسانية الأساسية.
وينتظر الأميركيون انتهاء السجن الذي يقومون ببنائه في التاجي شمالي بغداد ومن تدريب الطاقم العراقي الذي سيقوم بإدارته لينقلوا إليه النزلاء الخطرين أمنيا، ويستوعب السجن نحو 5600 نزيل. ومن المنتظر إغلاق معسكر بوكا في شهر تموز القادم وأن ينتهي الأميركيون من ملف المعتقلين العراقيين بشكل كامل ونهائي في مطلع العام القادم.
وتختم المجلة تقريرها بتعليق للعريف أسعد الذي يشرف على تنظيم زيارات ذوي المعتقلين لابنائهم في بوكا، قائلا إنهم ما زالوا يخافون من قيام الأميركيين بتسليمهم إلى العراقيين مع أن الماضي ولى و"نحن لم نعد في زمن التعذيب كما كان الحال أيام صدام، نحن الآن في زمن سيادة القانون".
https://telegram.me/buratha