الأخبار

استقلالية الجامعات ضرورة وطنية ملحة


طاهر البكاء

تعاني الجامعات العراقية منذ زمن غير قصير من تسلط مركزي فقدت بسببه المرونة المطلوبة للابداع والابتكار والتميز ، وغدت متطابقة بكل شيء ، كما هو الحال في المدارس الثانوية ، وتدخلت الوزارة في مراحل معينة ، وابتكرت الامتحانات الوزارية في مواضيع مختارة . فضلا عن هذا فقد سلب من الجامعات استقلالها المالي الذي كانت تتمتع به في ستينيات القرن الماضي ، واخضعت الموازنات المالية للجامعات الى قيود وزارة المالية . عقدنا في صيف 2004 المؤتمر السابع للتعليم العالي ، الذي رسم السياسة التي يجب على الجامعات والوزارة انتهاجها ، وقد حولنا تلك السياسة الى قرارات وتعليمات ، ونقلنا كثيرا من الصلاحيات الى الجامعات منها على سبيل المثال لا الحصر ، صلاحية التعيين ، حرية السفر ، الغاء الكتاب المنهجي ، اختيار المرشحين للبعثات ، تنفيذ مشاريع الاعمار والمشاريع الهندسية ، وحرية وضع المناهج الدراسية . الا ان كل تلك القرارات التي اتخذناها وتوصيات المؤتمر السابع تم تعطيلها ، و وضعت على الرفوف واصبحت في خبر كان . وسلب من الكليات والجامعات مؤخرا حتى حق تعيين فراش . تعود اسباب ذلك الى اننا الى الان لم نستطع التخلص من سطوة الفرد المسؤول الاول في المؤسسة ، اذ اننا في الشرق مصابون بمرض عضال الا وهو " شخصنة القضايا العامة " ، فدولنا ومعارضتنا ومؤسساتنا مصابة بهذا الوباء ، ولم تسلم الجامعات ومؤسساتنا العلمية منه . ان بعضا ممن يتولى المسؤولية في الوزارة الان عاش كل عمره خارج الوطن ، ودرس في جامعات تتمتع باستقلالية تامة ، وكنا نتوقع منهم ان ينقلوا التجارب التي اكتسبوها الى جامعاتنا ، غير ان ما حدث هو العكس تماما ، فقد الغي نظام القبول المباشر الذي كان متبعا في جامعة النهرين ، والذي كنا نأمل ان تتهيأ الظروف لتعميمه تدريجيا ، واحتكرت الوزارة حق التعيين ، وفرضت على الجامعات اشخاصا باختصاصات لم تكن الاقسام العلمية بحاجة لها ، ويعاني نظام البعثات منذ ان اطلقناه في 2004 من تلكؤ بارز ، لان الوزارة تحتكر ذلك لنفسها ، فلو اعطيت صلاحيات ارسال المبعوثين للجامعات لكان الاختيار اكثر دقة ، و لن نجد اي مبعوث حائرا ومتأخرا عن الالتحاق بدراسته الى هذه اللحظة . عندما اطلق مجلس الاعمار عام 2004 دفعات شهرية سخية لاعادة الاعمار في الجامعات ، حاول عدد من المسؤولين الماليين في الوزارة اناطة مسؤولية الاعلان واحالة مشاريع الجامعات بمركز الوزارة ، بحجة الحيلولة دون وقوع حالات " فساد" ، ومع ايماني بحسن نواياهم ، الا أنهم بذلك اتخذوا من الشك قاعدة ، والاولى ان تكون الثقة هي القاعدة والشك هو الاستثناء ، لكننا عقدنا اجتماعا ضم رؤساء الجامعات ومدراء المالية والهندسية فيها ، واتفقنا على اليات العمل ، وانيطت بكل جامعة مسؤولية تنفيذ مشاريعها ، وقدمت الوزارة العون الفني للجامعات الذي طلبته ، وبشكل خاص الحديثة منها . وها هي المشاريع ترتفع شامخة ، بفضل لا مركزية التنفيذ . وعلى المستوى الاداري الروتيني نرى ان مديرا عاما او ربما مدير قسم بالوزارة يعطل قرار رئيس او مجلس جامعة ، باستخدام صلاحية الوزير ، مع ان رئيس الجامعة درجة خاصة ، بمستوى وكيل وزارة . وهذا خلل اداري لا يمكن اصلاحه الا باستقلالية الجامعات . في ظل المركزية تتخذ قرارات فردية ، لايمكن تبريرها ، منها على سبيل المثال ، الغاء شرط العمر للقبول بالدراسات العليا ، قد يكون الالغاء اجتهادا يمكن الدفاع عنه ، ولكن كيف لنا ان ندافع ونسوغ ، كون هذا القرار لهذه السنة الدراسية فقط ؟ ، هل كان للجامعات راي في هذا القرار؟. رأيت في الجامعات المتقدمة نظاما اداريا وماليا ، ونظام قبول ، غاية في الروعة ، فان دائرة القبول ، على سبيل المثال لا الحصر ، تتمتع باستقلالية ، لا يستطيع رئيس الجامعة او العميد التدخل في شؤونها ، او التاثير في قبول طالب ما ، وان تعيين استاذ من صلاحية القسم والعميد لاغير ، وكل واحد منهم يتمتع بصلاحيات صرف مالي محددة ، يمارسها دون الحاجة لقرار مركزي . تحقق استقلالية الجامعات فضلا عن خلق بيئة مناسبة للابداع ، استغناء الاستاذ والطالب عن مركز الوزارة ، الا عندما يضطر الى ذلك ، للتظلم من الجامعة . هل سنمتلك الشجاعة لنوزع ثقل المسؤولية الذي تنوء به الوزارة ، ونلقي به على الجامعات ، ونحول الوزارة الى هيئة مراقبة واشراف وتقويم او محاسبة. والله والوطن من وراء القصد
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك