ولد اية الله المجاهد السيد محمد باقر الحكيم في 25/ جمادي الأولى عام 1358هـ - 1939م في النجف الاشرف مركز المرجعية الدينية للشيعة الامامية، والشهيد هو نجل المرجع الكبير الامام السيد محسن الحكيم (قدس). فقد نشأ في اسرة علوية علمية عريقة في ظل والده(رض) حيث التُقى والعلم والجهاد الى جانب ما تعبق به النجف من سيرة الصالحين،ومن الفيض الروحي وما لمجالس العلم والادب في النوادي النجفية من تاثير كبير على سقل المواهب وتنمية القدرات.
دراسته وعطاءه الفكري:
تلقى السيد الشهيد تعليمه الاولي عند الكتاتيب ثم دخل مدرسة منتدى النشر الابتدائية حتى الصف الرابع،تركها ليلتحق بالدراسة الحوزوية (المقدمات) وهو في سن 12،فدرس العربية والمنطق والفقه والأصول عند المرجع المعاصر السيد محمد سعيد الحكيم،وحضر عند اية الله السيد محمد حسين الحكيم وعند اخيه الاكبر اية الله السيد يوسف الحكيم ثم انقطع للدراسة عند المرجع الامام الشهيد الصدر منذ سنة 1956 م ولم ينفك عنه، حضر بحث الخارج على يد كبار المراجع امثال الامام السيد الخوئي والمفكر الشهيد الصدر،وقد عرف شهيدنا منذ سن مبكر بنبوغه العلمي وقدراته الذهنية والفكرية اذ نال درجة الاجتهاد من المرجع الشيخ مرتضى آل ياسين عام 1384هـ،وبعد ان نال مرتبة عالية في العلوم النقلية والعقلية المختلفة كانت له حلقة للدرس عرف خلالها بقوة الدليل وعمق الاستدلال ودقة البحث،وفي هذا السياق كان(رض)قد استوفى قسطا وافرا من الافكار الجديدة منحته قدرة التواصل مع التطورات الحديثة أهّلته (وهو في العشرين عاما) ان يساهم في مراجعة كتاب (فلسفتنا) لعملاق الفكر المعاصر الشهيد الصدر، وبعد اشتهار صيت السيد الحكيم انتخب للتدريس في كلية اصول الدين ببغداد من 1964 الى 1975 وعرف عنه مشروعه الثقافي والاجتماعي والسياسي المتسم بالوسطية النابع من فكر اهل البيت (ع). ساهم(رض) في تاسيس (مدرسة العلوم الاسلامية) التي جمعت العلوم الدينية والمعارف الحديثة، فرفدت العراق بالطلبة الواعين لممارسة التبليغ والتوعية ونشر المفاهيم الصحيحة.تاسيس الحركة الاسلامية:
كان للشهيد قصب السبق في تاسيس الحركة الاسلامية ورعايتها الى جانب المرجع الامام الصدر والعلامة السيد مهدي الحكيم والعلامة السيد مرتضى العسكري،حيث اتخذ قرار التاسيس سنة 1958 على شكل تنظيم عرف باسم (حزب الدعوة) وقد استمر مشاركا في مرحلة التاسيس لمدة سنتين قام خلالها بدور فكري وثقافي إلا ان ظروفا موضوعية أملت عليه وعلى الشهيدين الامام الصدر والعلامة السيد مهدي ان يتركوا العمل داخل الاطار الحزبي عام 1960 ليتفرغ للعمل الجماهيري تحت توجيه المرجعية، وظل متمسكا بهذا المبدأ،كما كان له دور في جماعة العلماء وكان عضوا في الاشراف على مجلة (الاضواء) الاسلامية التي ساهمت في اذكاء الوعي الاسلامي ،وكان يتصدى لالقاء كلمة المرجعية في الاحتفالات والندوات التي تقام في مختلف مدن العراق والتي طالما اماطت اللثام عن مخططات الطغاة لسحق مصالح البلاد واضطهاد غالبية الشعب وفي اثارة الفتن الطائفية والنعرات القومية، ساهم في المؤتمرات الاسلامية خارج العراق وكان له دور بارز فيها،،اما انتفاضة صفر فقد شارك فيها باعتباره مندوب المرجعية للثوار مما تسبب في اعتقاله وتعذيبه والحكم عليه بالاعدام. وكان عضدا للشهيد الصدر ولم يفارقه حتى اعتقاله، يتصل به ويوصل اليه التطورات واخر المستجدات وقد عينه الامام الصدر كاحد اعضاء القيادة النائبة عنه في حال رحيله، وقد سجن عدة مرات وعذب عذابا قاسيا.حركته الجهادية في الخارج:
وبعد ان نفذت عصابات الاجرام البعثي جريمتهم الكبرى بقتل المفكر الامام الصدر(قدس سره)في نيسان/ 1980 اتخذ السيد الحكيم قرار الهجرة من العراق لقيادة الجهاد ضد العفالقة السفاكين،فكان سعيه الاول توحيد صفوف المعارضة لاجل الخروج بخطاب موحد الى العالم لبيان منظومة جرائم القتلة المجرمين الجاثمين على صدر الشعب العراقي الابي، اؤلئك تالذين اذاقوه الذل والحرمان والتشريد والابادة الجماعية وادخلوه في حروب خاسرة نيابة عن الاخرين،،فدمروا العراق وهدروا قدراته وزعزعوا الامن في المنطقة،فأسس سماحته مع باقي الفصائل العراقية (مكتب شؤن العراق) و(حركة جماعة العلماء المجاهدين) التي اضطلعت بادوار في مسيرة الكفاح، واخيرا بلور سماحته مع قادة الحركات الاسلامية والمستقلين الخيرين مشروع (المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق) والذي اريد له توحيد صفوف المعارضة سياسيا والمقاومة في مجا ل الجهاد المسلح، وقد اولى(رض) المقاومة المسلحة ضد رموز ومؤسسات النظام العفلقي اهمية خاصة فتأسس (فيلق بدر) وقام بادوار ومهام كثيرة اذهلت النظام البعثي وكان الشهيد الحكيم يرى في الكفاح المسلح خيارا استراتيجيا وحيدا في التعامل مع الطغيان.كان الشهيد في كل اعماله متوكلا على الله وملتزما بنهج اهل البيت أولا، وثانيا معتمدا على جماهير الامة وطاقاتها الغير محدودة في التغيير وتحمل المسؤولية، ثالثا: يشدد على الوسطية والاعتدال في المواقف والسلوك،رابعا: يؤمن بالعمل المؤسساتي ويدعمه وقد أسس الكثير منها لخدمة القضية العراقية (مؤسسات اجتماعية وصحية وثقافية واعلامية وتبليغية)كما اهتم بشكل خاص بأحداث موسسة لحقوق الانسان تقوم بجمع الوثائق وتتولى عرض مآسي الشعب العراقي في المحافل الدولية فكانت (منظمة الدفاع عن حقوق الانسان في العراق).
كان ملتزما بشكل كبير بتفقد احوال العراقيين سواء في المخيمات داخل ايران او خارجها وخصوصا في السعودية، ويهتم بشأنهم ويسعى لتخفيف معاناتهم وبذل جهودا كثيرة في رفع معاناة الاسرى العراقيين وتلبية طلباتهم. كما ساهم في مؤتمرات فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية كان له الدور الفاعل فيها رغم انشغاله بالاعباء السياسية حيث كان رئيسا للمجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، ورئاسة الهيئة العامة لمجمع اهل البيت العالمي،ومارس تدريس البحث الخارج على مستوى الاجتهاد في ايران..وقد اثرى المكتبة الاسلامية بكثرة نتاجه الفكري الموسوعي وبحوثه التفسيرية الجديدة ونظرياته الفقهية الحديثة ومناهج الاخلاق والفلسفة والتاريخ وسيرة اهل البيت والجماعة الصالحة،وكذا في المرتكزات العقائدية والتحليل السياسي والنظرية السياسية لنظام الحكم في الاسلام والوحدة الاسلامية وكثير من المؤلفات العصرية القيمة ذات الافق الواسع والنظرة الموضوعية والطرح الجديد حيث تبلغ مؤلفاته اكثر من مائة مؤلف غير محاضراته وندواته وردوده ومجالسه الحسينية الاسبوعية التسجيلية الصوتية والمرئية .
سلك( قدس سره) جهاده الشاق والطويل فضحى بكل نفيس وشق امواج المؤامرات وظلمة الفتن وتعرض مرات عديدة للاغتيال من قبل المخابرات الصدامية، ورغم كل الصعوبات فقد رفع صوت العراق المستباح عاليا في المحافل الدولية وفرض وجود المعارضة العراقية على الواقع الاقليمي والدولي حتى اصبح لها قرارا نافذا من خلال ذلك الجهاد والفكر الثاقب ورؤيته المتوازنة وتجاربه الناجحه،وكان يرى ويؤسس من خلال مشروعه السياسي والعسكري الذي طرحه في دمشق ان يكون تغيير النظام منبثقا من الشعب العراقي نفسه فقط ،ويعارض بشدة ان يكون عن اي طريق اخر.: مبادئ وطنيته العميقة يمكننا قراءتها من خلال مطالباته التالية: أولا: انهاء الوجود الاجنبي في العراق،وثانيا :سلامة ووحدة العراق شعبا وارضا،ثالثا: احقاق العدالة للجميع دون فرق بين عربي وكردي وتركماني واشوري ولا بين شيعي وسني، ورابعا:ارساء قيم الحرية والحياة الديمقراطية واشاعة الامن والاستقرار،خامسا:احياء البرلمان المنتخب الذي يجمع كل اطياف الشعب،سادسا:تشريع الدستور النابع من عقيدة الامة وضمان حق الاقليات،سابعا: تاسيس الحكومة العراقية القائمة على الوطنية والكفاءة والاخلاص بعيدا عن المحاصصة الطائفية والعرقية المقيتة،ثامنا: السيادة الوطنية الكاملة والاستقلال التام بعيدا عن الوصاية والتدخل الخارجي،تاسعا:الاخذ بمبادئ الاسلام والتعايش السلمي ونبذ العنف والتطرف والارهاب،عاشرا: تنفيذ التنمية الشاملة والاخذ بسبل التطور والحداثة والعيش بكرامة وعزة للجميع واخذ العراق لدوره الريادي السابق في حمل الرسالة ونشر المعرفة والمحبة.لكن يد الغدر والاجرام والخيانة طالته وغيّبت وجوده الشريف، والامة في احوج ما تكون اليه لكونه صمام الامان وحكيم الزمان ولم تغره الدنيا بغرورها فقد رحل عنها والتحق بالرفيق الاعلى وهو نقي الاردان ولا يملك في وطنه شبرا.والعاقبة للمتقين والخلود للأوفياء الأمناء الصادقين ..
السلام عليك يا شهيد الرسالة يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا
اللجنة المشرفة على احياء ذكرى سنوية شهيد المحراب
مدينة ملبورن - استراليا
عند دخوله العراق
ولادته ونشأته:
https://telegram.me/buratha