تشير الاصابات الجديدة بمرض الكوليرا التي كشفت عنها دوائر الصحة في البصرة والعمارة إلى حقيقة الأوضاع الصحية المتردية في جنوب العراق، ولعل قلة الماء الصالح للشرب واحدة من أخطر الاسباب التي تقف وراء انتشار الأمراض والاوبئة، ولا سيما بين طبقات المجتمع الفقيرة
وعلى الرغم من قيام العديد من الدوائرالمعنية ببناء بعض المشاريع الخاصة بمعالجة المياه والصرف الصحي، وقيام جهات عسكرية بريطانية وأميركية ومنظمات عالمية ببناء وحدات لتحلية المياه في مناطق متفرقة من البصرة، مثل الزبير والحيانية وابي الخصيب، فان واقع الحال يشير إلى ان الخدمات هذه لا تشكل الا قطرة صغيرة في بحر الحاجة الملحة والمتزايدة للماء في المدينة التي تتسع عشوائيا كل عام.
ولم تشفع مطالبات دائرة صحة البصرة المتكررة للحكومة المحلية بدعم مديريتي الماء والبيئة من أجل فرض سيطرتها على مشاريع الماء المتجاوز عليها، ومراقبة السيارات الحوضية ورفع التجاوزات على شبكات الاسالة من أجل الحد من مشكلة تلوث المياه على خلفية ظهور متأخر لأمراض الصيف، والاصابات الجديدة بالكوليرا في محافظة ميسان، التي أودت بحياة عدد من الاطفال، حيث ما زالت الدائرة الصحية هناك تتكتم على حجم الاصابات الحقيقية التي تجاوزت 20 اصابة، بحسب مصادر غير رسمية.
الكوليرا والتيفوئيد ومياه الأنهار
وفي الوقت الذي يؤكد الدكتور قصي العيداني خلو البصرة من اصابات بمرض الكوليرا، ويقول ان هناك استعدادات مبكرة في دوائر صحة المدينة لأي طارئ من خلال تجهيز الردهات وتوفير الادوية، تؤكد مصادر صحية في مدينة العمارة وفاة 5 أطفال، مشيرة إلى ان سبب حصول حالات الاصابة بالكوليرا في مناطق متفرقة من المدينة يعود إلى تلوث مياه الشرب بسبب النقص الحاد في مياه نهر دجلة، إذ ان سكان المناطق هذه يعتمدون بشكل رئيسي على مصادر المياه من الأنهار مباشرة في استخداماتهم اليومية، بما فيها الشرب.
وكانت تقارير مختبرية رسمية قد أشارت إلى ظهور نتائج خطيرة جراء الفحوصات التي اجريت على أكثر من 400 نموذج مائي، حيث ان نسبة مادة الكلور كانت صفراً، ونسب الاطيان والحشرات والطحالب تفوق الحد المسموح به في أحد مشاريع تنقية المياه الذي يجهز أكثر من 50 سيارة حوضية يوميا، الأمر الذي يؤكد مخاوف دائرة الصحة من احتمالات الاصابة بأمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد.
السرطان في المستشفى!
وكانت تقارير سرية قد تحدثت أخيراً عن مستشفى الطفل (ابن غزوان) الكائن في ضاحية الجزائر وسط المدينة، فأشارت إلى ارتفاع نسبة الاصابة بمرض السرطان بين الاطفال وبشكل لافت مع احتمال غلق ردهة العمليات والولادة لكونها واحداً من مسببات انتشار المرض، غير ان دائرة الصحة لم تشر إلى ذلك على الرغم من استمرار المستشفى في تقديم خدماته.
وبهذا الشأن صرح مصدر في محافظة البصرة ان هناك شحاً في الادوية من شأنه ان يساهم في تأخير معالجة مرضى السرطان، مشيرا إلى مناشدات كبيرة من قبل اعضاء في الحكومة المحلية للحكومة المركزية والمنظمات الانسانية لتوفير العلاجات اللازمة، ومؤكدا وجود 1600 مريض بحاجة إلى المعالجة خارج العراق، فيما كانت رابطة أطفال السرطان قد اكدت اصابة أكثر من 50 طفلا بالمرض.
الحكومة المحلية.. وعود ووعود
وكان مقرر مجلس المحافظة عقيل طالب عضو لجنة تقصي أحوال المستشفيات في البصرة قد قال: إن مستشفيات المدينة لا تصلح ان تكون مأوى للحيوانات، وان ما رأيناه في مستشفى ابن غزوان والعسكري وغيرهما يؤكد انها غير مؤهلة لاستقبال المرضى، ويجب اخراجها من العمل، وهي خطر على الصحة، لعدم توافر الشروط الصحية العراقية والعالمية فيها، وبسبب النقص في الخدمات والاجهزة والكوادر.
البصرة ــ فاضل المختار - القبس
https://telegram.me/buratha